الكاتب : د أحمد هندي |
02:48 pm 08/12/2020
| رأي
| 2083
طريقة صنع القرار في علم الإدارة العامة بطبيعتها رأسية ،وتكون أفقية بقرار رأسي ، بمعني أن الأصل أن هناك تراتبية واضحة بين قمة الهرم التي هي السلطة العليا ومن هو أدني منها .
إلا إذا قرر صاحب القرار اوصاحب السلطة العليا أن يترك أمر صناعة القرار للمشورة ، ولكن لحظة اتخاذ القرار بطبيعتها رأسية ، فعلي صاحب السلطة العليا أن يقرر بعد أن يستمع للجميع ، وعلي الجميع قبول القرار وتنفيذه بعد أن يصدر صاحب القرار قراره .!
لكن في حالة وجود فجوة بين السلطة العليا صاحبة القرار وبين السلطة الأدنى منها مباشرة ، يترتب على ذلك خلل في عملية صناعة القرار ، والتأخر في صدور بعض القرارات ، لتكون عملية اتخاذ القرار بطيئة بسبب وجود تلك الفجوة ، سواء كان الشكل مجلس تنفيذي ، أو مجلس إدارة ، أو لجنة نوعية ايا كان مسماها !
فإذا راجعنا القرارات الفاشلة نجد أن الرئيس التنفيذي الذي أصدر القرار ، إما أنه أساء أختيار مستشاريه ، فأختارهم من الجهلاء أو الجبناء أو المنافقين ، وإما أنه تسرع في إتخاذ القرار فلم يعتني بالأستماع إلي رأي مستشاريه ، ولكن في النهاية الأمر مرده لصاحب القرار وحده هو الذي يعزم ، وهو الذي يقرر ، وهو الذي يرجح بين آراء مستشاريه .!
كلمة مستشار advisor ، يحكمها توافر ثلاث صفات ، أولها الخبرة في مجال الاستشارة ، والثاني الأمانة علي المعلومات إلا في حدود ماهو متفق عليه بأنها معلومات قابلة للنقل والنشر . وثالثها عدم تولي منصب تنفيذي في نفس جهة الأستشارة ، فإذا توافرت الصفات الثلاثة ساعد الرأي الأستشاري صانع القرار في توسيع دائرة البدائل المتاحة أمامه ، وطرح سلبيات البدائل المتاحة حتي يكون صانع القرار علي علم بما هو مقدم عليه !
وتختلف وجهة نظر صانع القرار فيما يتعلق بالراي الأستشاري ،او مايتعلق بالمشورة ، حيث أن بعض صناع القرار يظنون أنهم يملكون الرؤية الكاملة المتكاملة ، وأن المستشار مجرد مساعد يقوم بتجميع المادة والأدلة التي تثبت صحة وجهة نظر صاحب الرأي !
والبعض يرى المستشار بمنطق الموجه mentor ، أي الشخص الذي يرسم له الرؤية ويحدد له خطوات التنفيذ مثلما كان يفعل الجهلاء وما أكثرهم في عالم الإدارة العامة الحديثة .
والبعض من صناع يرون أنهم يملكون التوجه العام ، ولكنه بحاجة لمن يساعده علي بلورة هذا التوجه ووضعه في صورة برنامج عمل . وبعض صناع القرار يفضلون أصحاب الحل الوسط أو التسوية compromise !
أن الرئيس التنفيذي الناجح هو من يجيد الأستماع بقدر مايجيد الكلام ،ويتمتع بأفق فكري رحيب ، ويجيد أختيار من حوله الذين يصارحونه بحقائق الأمور في شجاعة كاملة ، ويجيد الأستماع إليهم في أنأة وصبر ، فيصبح في النهاية وكأنه أضاف عقولهم جميعا إلي عقله ، وفكرهم إلي فكره .!
الرئيس التنفيذي الباحث عن النجاح والمعرفة يلتقط مجموعة من العقول الذكية الواعية لتحيط به ، فإذا احسن أختيارهم وألتقاطهم أزداد بهم نفعا ، وأزدان بهم تألقا وشرفا ..وياللعحب عندما لاتجري المقارنة بين عملين حاضرين ، بل للمقارنة بين عمل حاضر وعمل مضي !
فهناك من يضعف ويرق علي من حوله إلي حد أنهم يقتطعون الأمور دونه وينسبونها إليه ( بطانة السوء ) ، ليكون ذلك أكبر بلاء يضعه القدر في طريق هذا المسئول ، لأن توفيق الله لم يدركه وهو يختار من حوله !