الكاتب : ابو بكر عبدالمعز |
04:18 pm 03/12/2020
| شخصيات
| 3568
عاشت قصة القناة في وجدانه، لم تفارقه أبدا، ولم يفارقها، اقترن اسمه بتاريخها، فكان ضلعا هاما في عملية تأميم القناة، وأحد رواد تطويرها.
ولد بمحافظة القاهرة في ١٠ نوفمبر عام ١٩٢٥، وشاءت الأقدار بأن يلتحق بسلاح المهندسين بالقوات المسلحة المصرية، وأن يترشح للمشاركة في مشروعات بترولية تحت إشراف المهندس محمود يونس رئيس هيئة البترول آنذاك قبل أن يتولي رئاسة هيئة قناة السويس، ليلتحق منذ ذلك الوقت بالعمل المدني بهيئة البترول ويترك العمل بالعسكرية.
في نهاية العقد الثالث من عمره كُلف بعمل وطني، أتمه بعنفوان الشباب ومثابرة الرجال حيث استطاع المهندس محمد عزت عادل، رابع رئيس مصري لهيئة قناة السويس، وأحد الأضلاع الثلاثة الهامة لعملية التأميم مع المهندس محمود يونس والمهندس عبد الحميد أبو بكر بتكليف من الرئيس جمال عبد الناصر في إتمام عملية تأميم قناة السويس بنجاح عام ١٩٥٦، لتبدأ منذ ذلك التاريخ رحلته الوطنية مع هذا الصرح العظيم.
فور تأميم القناة، بدأت عدد من التحديات المترتبة علي ذلك تلوح في الأفق وهو ما جعل المهندس "عزت عادل" يحتك بكافة قطاعات هيئة قناة السويس وإداراتها، وشارك في اجتماع إدارة الهيئة مع الرئيس جمال عبد الناصر لحل أزمة "انسحاب المرشدين الأجانب"، وتقديرا لجهوده كرمه "ناصر" بمنحه وسام الاستحقاق من الطبقة الأولي في عام ١٩٥٦.
كرس المهندس "عزت عادل" حياته للعمل فى القناة و تقلد خلال مسيرته الخالدة بها عدة مناصب أبرزها توليه منصب رئيس مجلس إدارة شركة التمساح إحدي الشركات التابعة لهيئة قناة السويس، ثم مديرا لإدارة التموين عام ١٩٦١، ثم مديرا للإدارة الهندسية عام ١٩٦٥، ثم مديرا لإدارة الشئون المالية والإدارية بالهيئة عام ١٩٦٦، ثم مديرا لإدارة التحركات عام ١٩٨٣ بعد ذلك.
كما خاض المهندس عزت عادل تحدي جديد لا يقل أهمية عن مهمة التأميم، حيث شارك في عملية تطهير القناة من مخلفات الحروب والسفن والقطع البحرية الغارقة، واستطاع أن يسخر إمكانات الهيئة مع القوات البحرية المصرية وقوات الإنقاذ النهري التابعة لوزارة الداخلية في إنجاح المهمة، لإعادة افتتاح القناة في عهد الرئيس محمد أنور السادات في عام ١٩٧٥.
اخلاصه في العمل وقدرته علي اتمام المهام التي كُلف بها جعلته موضع الثقة لكفائته حيث أُسند له الإشراف علي تنفيذ مشروع تطوير قناة السويس في عام ١٩٧٥ وحتي عام ١٩٨٠، لتكافئة القيادة السياسية آنذاك بمنحه وسام الجمهورية في عام ١٩٨١.
مع صدور قرار توليه قيادة قناة السويس، في عام ١٩٨٤ سخر المهندس المخضرم مجهوده لاستكمال العمل علي تطوير القناة، ووصل بغاطس المجري الملاحي في عام ١٩٩٥ إلي ٥٦ قدما وتهيئة القناة لاستقبال السفن العملاقة. لم يقتصر التطوير علي المجري الملاحي فقط بل امتد لعدد من قطاعات الهيئة ليسطر المهندس عزت عادل اسمه عن جدارة ضمن الرجال الذين ساهموا في رفعة الوطن وهيئة قناة السويس علي مدار أكثر من أربعين عام.
ودائما لا تنسي مصر أبنائها العظام الذين ساهموا في دعم الوطن، حيث كرم الرئيس عبد الفتاح السيسي المهندس محمد عزت عادل في سياق احتفال الهيئة بذكري افتتاح قناة السويس الجديدة، وفي لمحة تقديرية لشخص المهندس عادل تخطي رئيس الجمهورية القواعد البروتوكولية وذهب لمقابلته ومصافحته بحرارة وشكره علي مجهوده المشرف.
وتقديرا لمسيرته الخالدة، قامت هيئة قناة السويس بإطلاق اسم المهندس عزت عادل على إحدى أكبر قاطراتها تقديرا وعرفانا، يبلغ طول القاطرة ٦٣,٣٣ متر، وعرضها ١٥,٥٥متر
وعمق ٥,٢٣متر، وقوة شد ١٦٠ طن.
واليوم عن عمر ناهز ٩٥ عاما توفي المهندس محمود عزت عادل رئيس الهيئة الأسبق تاركا خلفه إرثا خالدا من الوطنية والعمل المخلص والأخلاق الكريمة نادرا ما تجتمع في شخص فكان مثالا يحتذى به في حياته وسيرة طيبة وعمل صالح بعد وفاته.
رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته وألهم أسرته وأحباءه الصبر والسلوان