ليست من الأمور السهلة أعداد قائد نموذجي فى العصر الحديث يمكن وصفه بالمدير المعجزة، وبالبحث فى الدراسات الإسلامية والإدارية المرتبطة بعلم الأدارة وماتوصل إليه فقهاء الشريعة الإسلامية وفقهاء القانون، نجد أنهم حددوا بعض الصفات إذا توافرت فى شخص أصبح قائد إداري متميز يضرب به المثل فى العلوم الإدارية. فقد ذهب فقهاء الشريعة الإسلامية إلى أن أهم سمات القائد القوة والأمانة، وأستندوا فى ذلك إلى قول الله تعالى فى كتابه الكريم ( إن خير من أستأجرت القوى الأمين) (الآية ٢٥ من سورة القصص).. 

وذهب علماء أصول الفقه الأسلامي إلى إن العبرة دائماً بعموم اللفظ لابخصوص السبب، فالنص الشرعي إذا ورد بصيغة عامة وجب العمل بعمومه الذى دلت عليه صيغته، ولا أعتبار لخصوص السبب الذى جاء النص بناء عليه. فإذا كان النص عاما وجب العمل بعمومه، وحيث وردت أكثر العموميات فى النصوص الشرعية على أسباب خاصة. وإذا عرضنا لأهم صفات القائد العظيم كما جاء فى عموم النص السابق، بحثنا فى هذا القائد عن شرطين القوة والأمانة.!

وتعني القوة القدرة على القيام بأعباء المهمة المكلف بها أي خبرته الفنية. أما الأمانة تعني كفايته الأخلاقية، فلا يخون، ولا يسرق، ولا يزني، ولايختلس، ولايظلم، ولا ينحرف، ومما لاشك فيه أن القوة والأمانة لاغني عنهما فى كافة المناصب والدرجات الوظيفية لايختلفان بأختلاف المواقع والدرجات الوظيفية.!! 

وبالتالي لايمكن الأكتفاء بصفة واحدة دون توفر الأخرى.. فالقوة فقط فى دنيا المناصب التنفيذية الأشرافية العليا والوظائف العامة، تخلق قيادي فاجر، وفجوره يجعله عديم الخلق، ينطلق ويتجبر َو ينحرف ويبغى، لأنه قوي يفتقد الوازع الديني والحاجز الذى يصده، وهو ما يترتب عليه أنه سيجمع حوله الفاجرين، ليتحولوا إلى شلة أو عصابة تسعي لقضاء شهواتها وإشباع نزواتها، لأن الفاجر يؤثر الفاجرين مثله بتعيينهم فى المناصب القيادية العليا من حوله، لأن قوته من الطبيعي أن تنفره من ذوي الطبيعة التقية السمحة، أنه ينفر منهم  ويضجر من صحبتهم معه فى العمل، أنه يفضل أن يكون حوله من يماثلونه فى الفجور والأنحراف وخلافه!

أما القائد الأمين فقط فهو شخص ضعيف ومن الطبيعي عدم صلاحيته للمناصب القيادية العليا، فالقوة وحدها لايمكن الأكتفاء بها، والأمانة وحدها لايمكن الأكتفاء بها، فلابد أن يجتمع الاثنين .