الكاتب : د أحمد هندي |
12:55 pm 02/11/2020
| رأي
| 3310
دارت حالة من الجدل الكبير حول الوقائع التى أرتكبها الصبي الملقب ( بحريقة)، ومدي تأثر الرأي العام لما أقترفه هذا الصبي _المدلل _ من تصرفات تعد كاشفة عن مدى ما وصل إليه المجتمع من الفساد اللا أخلاقي، والصورة القبيحة لجرائم الفساد التى ترتكب فى حق المواطن المصرى الكريم.
ماذا فعل الصبي حريقة؟
قاد الصبي الذى لابتجاوز عمره الثالثة عشر سيارة ملاكى بمنطقة حدائق المعادي بالقاهرة، وعندما أستوقفه رجل المرور للأستعلام عن رخصة القيادة ورخصة السيارة، قال له الصبي أنت مش عارف أنا أبن مين؟؟!!
وفى نفس الوقت قام أصدقاء الصبي بتصوير رجل الشرطة وهو يؤدي واجبه الوظيفي، وسخرية الصبي منه وهو يسأله عن سبب عدم أرتدائه الكمامة، والصبي بلا كمامة هو وأصدقائه!!
ثم قيادة السيارة بصورة مفاجئة ومحاولة دهس رجل الشرطة، وهو مايعد شروع فى قتل موظف عام عقب أهانته وتصوير الأهانة بالصوت والصورة.
قيام الصبي بنشر المقطع المصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهو ما بعد أهانة لجهاز الشرطة، َبأجراء النيابة العامة تحفيقاتها حول الواقعة، تبين لها أن أن السيارة ليست مملوكة لوالد الصبي والذي يعمل مستشارا بمحاكم الأستئناف، بل مملوكة لصديق الوالد وأن الصبي قد غافله وقاد السيارة، والعجيب أن صديق الوالد لم يتقدم ببلاغ ضد الصبي بسرقة سيارته، فتم توقيع غرامة على مالك السيارة وتغريمة مبلغ عشرة آلاف جنيه.
وطبقا لقانون الطفل وما أكثر الجرائم المرتكبة تحت مظلة هذا القانون، فقد أمرت النيابة العامة بتسليم الصبي لولى أمره.
ويبدو أن الصبي كان متأثر بفيلم مستر كاراتيه عندما دهس الصبي سايس الجراج وبتر ساقه،!! ليخرج هو وأصدقائه وهو تحت رعاية الأب ليصور فيلم جديد هو وأصدقائه وهم يلقبونه (بحريقة)، ليتباهي ويفتخر بمنصب ونفوذ والده، بأن لديه حصانة قضائية، فهو لايحبس وإنما هم الذين يحبسون الناس!!
وهو مايمثل أمتهان متعمد لكرامة المواطن المصري ا، ويثير حالة من التعجب حول الحالة اللا أخلاقية التى وصل إليها الصبي عقب تسليمه لوالده والسخرية اللا متناهية وحالة الغفلة التى يعاني منها الأب تجاه الصبي.!!
إن الغفلة عن رقابة الأبناء وأستغلالهم لنفوذ الأباء يفتح الأبواب الخلفية للفساد التكاملي. المشكلة دائماً أن ذوي النفوذ يعتقدون أن الذكاء أو الدهاء يتمثل فى أن يفعل مايهوي ومايريد حتى وأن بعد فعله عن الشرف والخلق والمصلحة العامة.!!
لقد أصبح هناك طبقة تعلو على غيرها بالميلاد ( أبن فلان بيه)، وتدعي هذه الطبقة لنفسها التمييز بالكبر والتسلط، لأن الواقع يقول أن هذه الطبقة أصبح لهم من الحقوق أعلاها، ومن الواجبات والأخلاقيات أدناها، يتسلطون على الناس بنفوذهم!!
والسبب فى ذلك أنهم يتمتعون بالكثير من الأمتيازات المالية والقضائية، ويحتكروا أرفع المناصب فى السلطات الثلاث، التشريعية، والتتفيذية، والقضائية، فلا يجد أبناؤهم حاجة لبذل الجهد، فكافة الوظائف محجوزة لهم أما بقوة القانون، أو بحكم ما أستقر عليه العمل فعلا.!
أبناء المستشارين المحظوظون، لأنهم طبقة لهم وزن خاص، وقدر خاص فلا مساواة فى الحقوق العامة، فأنتهاك مبدأ المساواة فى واقع الحياة، حيث يعترف للبعض بحقوق تزيد على البعض الآخر، بحيث يتفاوت الأفراد فى الخضوع للقانون تفاوتا كبيرا، فيخضع له الضعفاء خضوعا كاملا، وينتهكه الأقوياء أنتهاكا كاملا.!!
فإذا سمحت الدولة لطبقة أو مجموعة بأن يعلوا على جميع الناس، فينالوا من الحقوق أكثر من الآخرين، هنا تمزق مبدأ المساواة، لتمتلئ قلوب الضعفاء بالحقد والكراهية والغضب..!!
فعديم الأخلاق، والخالي من الضمير، وفاقد الأحساس، توقع منه أرتكاب أبشع الجرائم اللا أخلاقية، فإذا لم يحترم القاضى القانون الذى يريد أن يفرض أحترامه على الناس، فأي أحترام يمكن أن يكون فى قلوب الناس إذا لم يأخذ نفسه بما يريد أن يأخذ به الآخرين.
عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها).
وقال أمير الشعراء احمد شوقي :
إنما الأمم الأخلاق مابقيت..
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه.
فقوم النفس بالأخلاق تستقم.
إذا أصيب القوم فى أخلاقهم.
فأقم عليهم مأتما وعويلا.
وقال ابن عبدربه : إذا صلحت العين صلحت سواقيها..أي لو صلحت العين لصلح الصبي حريقة..فتوضيح الواضحات كما قالوا من الفاضحات.!