03:11 am 13/10/2020
| رأي
| 2284
في عام ١٩٨٦ أحالت النيابة العامة الاستاذ محمد راسخ وكان مديرا لقطاع الشئون الادارية بشركة مشروعات الغاز الطبيعي(غاز مصر)--رحمة الله عليه وغفر له --أحالته بتهمة أنه لم يستوفي النسبة الفانونية للعجزة المؤهلين وطالبت عقابه بالمادتين ٩و١٦ من القانون ٤٩لسنة ١٩٨٢ بشأن تأهيل المعوقين وقيدت الاوراق برقم٢٤٩٣لسنة١٩٨٢ جنح قصر النيل وبجلسة ١نوفمبر١٩٨٦ قضت المحكمة غيابيا بتغريم المتهم (المرحوم محمد راسخ) مائة جنيه تتعدد بعددالذين وقعت في شأنهم الجريمة كما تتعدد بتعددالامتناع عن تشغيل كل معوق عن كل سنة يحصل فيها الامتناع بالنسبة له ليصبح اجمالي المبلغ المحكوم فيه خمسون الف جنيه وحضر الي مقر الشركة بقصر الدوبارة أمين شرطة من وحدة تنفيذ الاحكام بقسم قصر النيل للتنفيذ فاهمته أن الحكم غيابي ولا يجوز تنفيذه وسيتم المعارضة فيه وأنصرف الرجل وفي اليوم التالي أصدر لي المرحوم محمد راسخ توكيلا ما زلت محتفظا به في أرشيفي حتي الان شأنه في ذلك شأن باقي التوكيلات التي صدرت لي سواء من زملائي في العمل أو من موكلين -- قمت بعمل معارضة في الحكم وتحدد لنظرهاجلسة ١٤ فبراير١٩٨٧
وكانت هذه الجلسة لاحقة لجلسة ٢٧ يناير من ذات العام التي كنت قد حصلت فيها علي عدد١١٥ حكم من محكمة مستعجل مركز امبابة برفض طلب وقف تنفيذ قرار الفصل للعمال المنتهية خدمتهم في ٣٠ سبتمبر ١٩٨٦ والذي كان دفاعهم فيهاشيخنا واستاذنا الاستاذ عبد العزيز محمد نقيب محامين القاهرة أنذاك غفر الله له وقد أحببت الاشارة الي هذه المحطةوهي المحطة الثالثة من حصادي مع المحاماه ربطا للاحداث في عام ١٩٨٧
أعود إلي محكمة جنح قصر النيل وجلسة المعارضة في الحكم الغيابي بتغريم المرحوم محمد راسخ خمسون الف جنيه والتي كان محددا لها جلسة ٢٧ فبراير١٩٨٧ ففي هذه الجلسة حضرت مترافعا شفويا وقدمت مذكرة تحريرية مستشهدا بأحكام محكمة النقض كعادتي وما زلت وأزعم أنني نهلت منها ومن أحكام الدستورية العليا وما زلت ، دفعت فيها بعدم قبول الدعوي الجنائية بالنسبة للمتهم المعارض حيث جري نص المادة التاسعة من القانون ٤٩لسنة ١٩٨٢علي ما يلي (علي أصحاب الاعمال الذين يستخدمون خمسين عاملا فاكثر استخدام المعوقين الذين ترشحهم مكاتب القوى العاملة من واقع سجل قيد المعوقين بها وذلك بنسبة خمسة في المائة من مجموع عدد العمال
كما أن المادة١٦ من القانون وهي مادة العقاب قد حددت بوضوح المسئول الذي يجب معاقبته بقولها (ويعتبر مسئولا في هذا الشأن كل من يملك سلطة التعيين)
وأضفت أن النصين صريحين واضحين لا لبس فيهما ولا غموض في مخاطبة صاحب العمل وليس مدير القطاع الاداري الذي لا يملك من أمره شيئا سوى الانصياع لأمر صاحب العمل وأن من يملك سلطة التعيين هو صاحب العمل وليس المدير الاداري ودللت علي ذلك بالنظام الاساسي للشركة وبلا ئحة نظام العاملين وفيهما نصوص صريحة واضحة لا لبس فيها ولا غموص بشأن سلطة التعيين والترقية وهو برئيس مجلس الادارة وأن القاعدة القانونية أنه متي كانت عبارة النص واضحة جلية فلا محل للتأويل أو التفسير أو الاستهداء بحكمة الشارع ودواعيه لان ذلك لا يكون إلا عند غموض النص وأن صياغة النص في عبارات واضحة جلية تعبر تعبيرا صادقا عن إرادة المشرع وبالتالي لا يجوز الانخراف عنها عن طريق التأويل أو التفسير
وأضفت أنه وفي مجال القانون الجنائي يجب التحرز في تفسير النصوص الجنائية عند توقيع العقاب وعدم تحميل النص أكثر مما يحتمل ويجب التزام الدقة في ذلك وأن القياس محظورفي مجال التأثيم وأن ذلك واجب علي المحكمة إعماله أعمالا لقاعدة أن الاصل في الانسان براءته وأن الاصل في العقوبة لا يتحملها الا من قارف الجريمة باعتباره مسئولا عنها وأن المسئولية الجنائية لا تفترض ولا يجوز أن يكون الدليل عليها منتحلا وأن العدالة الجنائية تقتضي الا تفرض علي المتهم عقوبة ليس له من صلة بفعل أتاه وأن الانسان لا يزر غير سوء عمله وقد نص علي ذلك دستورنا القائم في المادتين ٦٦و٦٧ (دستور ١٩٧١) وأن النص القانوني هو مناط التأثيم وعلته وقد سبق كافة التشريعات والمواثيق الدولية في تقرير هذه القواعد وتلك المبادئ شريعتنا في سبع سور في القران الكريم هي الأنعام والاسراء وسباء وفاطر والزمر والنجم والمدثر (الايات ١٦٤ في الانعام و١٣ و١٥في الاسراء و٢٥ في سباءو١٨ في فاطر و٧ في الزمر و٣٨و٣٩ في النجم و٣٨ في المدثر )وفي السنة النبوية قوله صلي الله عليه وسلم (لان يخطئ الامام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة)
وأعمالا تواترت أحكام محكمة النقض منذ باكورة أحكامها علي (أنه لا يضير العدالة افلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الأفتئات علي حريات الناس والقبض عليهم دون وجه حق)
وقد أخذت المحكمة بهذا الدفاع وقضت بالغاء الحكم المعارض فية وببراءة المتهم مما نسب اليه بغيرأن تحيل الاوراق الي النيابة العامة لاتخاذ شئونها بتحريك الدعوي الجنائية ضد الفاعل أو المسئول
وأري أن هذا الحكم هو حكم تاريخي في تقرير المسئولية
هذه هي محطتي الرابعة مع المحاماه من خلال أرشيفي القضائي