الكاتب : د أحمد هندي |
11:51 pm 12/11/2019
| رأي
| 2830
بالأمس أتصل بي صديق عزيز يستحلفني بألا أصمت عن الحديث عن الأندال، والسفهاء، ومعدومي الضمير، والمبتزين وغيرهم من أصحاب الأوصاف القبيحة في قاموس الفساد..فقلت له أنا أكتب دون تحديد أسماء أو حتى قرائن تدل على احد بعينه، او يمكن أن يتعرف عليه الكافة من خلالها، وإنما الحديث العام أفضل من الخاص والشخصنة، وأذا كان هناك ندل أو سفيه أو معدوم الضمير والوفاء أو مبتز فهذا شأنه ولن يضيرني فى شئ.
ليستحلفني صديقي العزيز على أن اجد له تحليلات عامة لبعض الأفكار التي تجول بخاطره فى شكل سؤال وجواب!؟
فقلت له أن كل مايعنيني هو تحديد الفارق بين التطوير والتغيير، وأن المفهوم التقدمي للتطوير يعنى أن تعبر الأفعال والأعمال والأقوال عن حركة التطور في المجتمع بما يلبى ثلاثة شروط وهي :-
١_ تحقيق المصلحة العامة!!
٢_ أقامة التوازن بين حقوق ومصالح القوي الأجتماعية المختلفة.
٣_ الأتساق مع المبادئ الدستورية والقانونية واللائحية المقررة.!!
أما مجرد التغيير دون الأهتمام ومراعاة الشروط الثلاثة السابقة، يعنى ان المصلحة العامة تبدو غامضة أو عارضة، ويختل فيها التوازن بين المصالح المختلفة، وتعارض الأتساق لأن التغيير هنا مجرد تغيير ينطوي على فكرة عدم الرجوع إلى الوراء.
ماهى أسئلتك يا صديقي؟
١_ هل من يقع عليهم الأختيار فى وظائف الإدارة العليا يتم بطريقة عادلة؟؟
الإجابة ( لا) لأن الموظف أو العامل المجتهد يعاني من قسوة الأمر الواقع المفروض عليه، وهو أن الغالبية العظمى ممن يقع عليهم الأختيار بعيدين كل البعد عن مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، والمعيار الأساسي لأي وظيفة في الدنيا هو الكفاءة ومدى القابلية لأداء الوظيفة، وهذا المعيار لايطبق نهائيا بل تتم عملية الأختيار على حسب مايتمتع به الشخص المختار من المحسوبية والمحاباة وأستغلال النفوذ، والوضع الأجتماعي والعلاقات والتوصيات بكافة صورها.
وتفترض التشريعات واللوائح ان كافة العاملين بجميع مؤسسات الدولة مجرد موظفين ينفذون القوانين واللوائح، إلا أن الكثير منهم، أنتهازيون، ووصوليون ويرتكبون كافة وقائع الفساد، فقد تجد المرشح لوظائف الإدارة العليا غير أمين ولايحافظ على الأموال والمعدات وممتلكات شركته وأصولها، بل قد يجمع بين عمله وأي عمل اخر، ومشهور بقبول الهدايا والعطايا أو العمولات بمناسبة قيامه بواجباته الوظيفية!
هل هناك أزمة فى الأجيال المرشحة، وأي الأجيال الاحق بتولي المسئولية؟؟
الحقيقة أن الجيل الرابع هو الأحق بتولي المسؤلية، جيل التسعينات ومابعده، الجيل الذى عاصر التطورات والتغيرات والأزمات، الجيل الذى عانى من قسوة التفرقة والتمييز وعدم المساواة، وهو مايعني أن عمليات الأختيار من الجيل الأول والثاني عناصر غير متميزة لأنها تعلمت وتدربت في مدارس فساد الصباح والمساء!!
عناصر غير قادرة على الوفاء بأعباء رسالتها بلا أستثناءات، فليس هناك مساواة أو كفاءة..
لتكون النتيجة النهائية واقع طبقي قائم على الفوارق الأقتصادية والأجتماعية أو أحتكار السلطة والمنصب والجاه والثروة في يد أشخاص بعينها يطلق عليهم ( صفوة الفساد)!!!
وهؤلاء هم القوي الحاكمة والمسيطرة وهي التى تحسم الصراع لصالحها لأنها هى التى تطبق بنفسها السلطة التقديرية لعملية الأختيار.
هل تم تنقية وظائف الإدارة العليا من الخلايا الأخوانية؟؟
الإجابة ( لا) لأن حركات التعيين والترقية نتيجة الأعداد الضخمة على مستوى مؤسسات الدولة تتم بدون تحريات دقيقة، حيث تتم الأختيارات بناء على دورة ورقية يغلب عليها المجاملات وهو ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة ( المجاملات)، ومما لاشك فيه أن الإخوان جزء لايتجزأ من حركة الفساد المجتمعي، فلو تمت التحريات بطريقة متكاملة وإجراء مقابلات شخصية ومعاينة الأشخاص، لو صح ذلك تطبيقا ٥٠٪ من قيادات الإدارة العليا سيحصلون على تأشيرات عدم صلاحية!!
هل العقوبات التأديبية لشاغلي وظائف الإدارة العليا أدت إلى أنتشار الفساد والأهمال؟؟
الإجابة ( نعم)، مثال المادة ١٠٥ من لائحة شئون العاملين، والتى تبث روح الأنهزامية وحالة من الترهل الأداري، قيادات بلا فائدة أو جدوى سوى أرهاق ميزانية الدولة، والتفنن في تعذيب العاملين ماديا ومعنويا وتعطيل مصالح العمل ( وهناك قصص وحكايات ألف ليلة)، حيث أن العقوبات التأديبية غير قادرة على ردع العاملين الذين يتعمدون الأضرار بالمال العام.
فقد حددت المادة ١٠٥ من اللائحة أربعة عقوبات فقط على القيادات العليا، التنبيه، واللوم، والاحالة إلى المعاش، والفصل من الخدمة!!
وجزائي التنبيه واللوم غير رادعين فهما ليسا أكثر من عقوبات معنوية غير مؤثرة على الموظف الأخواني أو الحرامي، والذي يصعب أثبات ارتكابه مخالفة جسيمة والتى تعنى عدم صلاحيته للأستمرار في الوظيفة، فلا توجد جزاءات ملائمة للمخالفات المالية الجسيمة حيث تتحول إلى مخالفات بسيطة لاتستحق العقاب بقدرة قادر، بالرغم من خطورتها وضررها البالغ على المال العام!!
أما الإحالة للمعاش والفصل، عقوبات لا تطبق نهائياً.. لذلك....محظوظون هم الأخوان وأهل الفساد لأنهم صفوة فساد الصباح والمساء!!