04:18 pm 05/11/2019
| رأي
| 3412
دخل جحا أحد المحال التى تبيع الحلوى والفطائر، وطلب من البائع أن يعطيه قطعة من الحلوى...لم تعجب الحلوى جحا ، فطلب من البائع أن يستبدلها بقطعة من الفطير..أخذ جحا قطعة الفطير ،وانصرف دون أن يدفع ثمنها..نادى البائع على جحا وقال له: لم تدفع ثمن الفطيرة يا جحا؟!
فقال جحا: ولكننى قد أعطيتك قطعة الحلوى بدلًا منها..فقال البائع: ولكنك لم تدفع ثمن الحلوى أصلًا !!
وقال جحا: وهل أخذت الحلوى وأكلتها حتى أدفع ثمنها؟
الفهلوى هو شخص بارع، شاطر، قادر على التكيُّف السريع مع متغيّرات المجتمع، وهى مهاره لا يجيدها غير قليل من الناس.... الفهلوة نوع من الثقافة العشوائية، وهى إدعاء بالعلم والمعرفة، والتظاهر بأشياء تخالف الحقيقة، وعدم احترام الكلمة سواء المنطوقة أو المكتوبة.
كلمة فهلوى زمان كانت تعنى المهارة، الرجل الماهر الذى " يصنع من الفسيخ شربات " أو " واد صنايعى ايده تتلف فى حرير "، واعتقد انها جاءت مع بدايات المهن اليدوية التى كانت تعتمد على العمالة الماهرة، واصبحت هذه الكلمة الآن تعنى الاونطه، ادعاء امكانيات او قدرات غير موجوده، والتذاكى، والضحك على الدقون وبيع الهواء فى الزجاجات ودهان الهواء بالدوكو ومشى حالك وقرطس الزبون ..... الخ .
وأصبحت وسيله لتحقيق أكبر المكاسب من خلال الذكاء وسرعة البديهة، يلجأ إليها الشخص إلى "تقليب رزقه"، من خلال أى وظيفة أو مهنه أو أى وسيله كانت ، من أجل الحصول على قوت يومه، خوفًا من غدًا لا يعلمه إلا الله..
"منادى السيارات" الذى لا تراه إلا مرتين فقط، عندما تبدأ بركن سيارتك، والثانية عندما تخرج من مكان الركنه، فعندما تجد مساحة لركن سيارتك فجأة ودون سابق إنذار تجد من يخرج لك من تحت الأرض ويقول لك " تعالي، أرجع، شمال شوية، يمين شوية"، نورت يا باشا، دا فهلوى.. وتجده أيضا فى جميع المصالح الحكومية، وفى المحاكم، وإدارات المرور، فيعرض عليك خدماته وتسهيل كل شىء مقابل المال طبعًا.
وهناك فهلوة خاصه بالموظف البسيط، وأيضًا فهلوة خاصة بكبار الموظفين والمسؤلين، لنجد فهلوة فى تقفيل الميزانيات، وخداع الضرائب، والضحك على الموظفين الصغار والمواطنين، واللعب بأحلامهم وأمانيهم..
والغريب .. ستجد أن غالبية الذين يتعاملون ويجيدون قانون الفهلوة ناجحين ويمتلكون وظائف خيالية، أما أولئك "أصحاب نشر المبادئ، وتوعية المجتمع"، فإما جالسون يندبون حظهم فى انتظار الفرصه أو مُحافظين على ما تبقى من وظائفهم، "بينما قلوبهم وعقولهم فى عالم آخر".
لكن هناك للفهلوة وجوه أخرى، مثل شخصية "المعلم عبدالغفور البرعى" و"المعلم إبراهيم سردينة" عن رائعة "لن أعيش فى جلباب أبى" صعود رجل من القاع إلى القمة، وتمسكه بالعادات والتقاليد.. أما ثانى الشخصيات التى روّجت للفهلوة، الحاج "متولى سعيد"، ومسلسل "عائلة الحاج متولى"..الخ
جميعهم كانوا فهلوية من أرض الواقع، أظهروا الجانب المشرق للفهلوة، فهلوه فى الحب، والسياسية، والتجارة، لكنهم لم يُروّجوا للكذب والخداع والتضليل.
علماء الإجتماع، وعلماء النفس، اختلفوا فى تحديد مخاطر الفهلوة، والتى تنحصر أغلب أنشطتها فى السرقة والنهب والخطف، البعض منهم رأى أنه سلوك طارئ على المجتمع، أو إضطراري، يفعله البعض فى البداية رغماً عنه، لقضاء المصالح ثم مع الوقت، حين يتوفر الإشباع الكافى، سيختفى تدريجيًا، وآخرون يرون أنه أصبح مرضًا يحتاج لعلاج.
إن الالتزام بالنظام أمر حتمى لانتظام الحياة، بل إنه دليل على الرقى، وبالتالى فإن مخالفة الأنظمة والقوانين يجب ألا تمر بدون حساب مهما كان المبرر.