للاعلان

Mon,25 Nov 2024

عثمان علام

يعسوب العسل

يعسوب العسل

الكاتب : حمدي رزق |

07:30 pm 25/10/2019

| رأي

| 2401


أقرأ أيضا: Test

أحسب قلمى من المشتبكين، في حالة اشتباك مع تضاريس الحياة، وأخطئ وأصيب، متوسمًا الأجر والثواب. من بعد الله قارئ أنشد فيه عقلًا وحكمة وقلبًا واجفًا على وطن تعصف به الأعاصير.

ودرّبت نفسى على قبول حتى التجريح والتقبيح، ولا أستنيم لمدح أو تقريظ، وكثيرًا ما فكرت في الإقلاع عن الكتابة اليومية والاكتفاء بفيض الخاطر إن تيسر، ولكنى أستيقظ من حلمى على كتابة، الحلم يتحقق مطبوعًا، صارت الكتابة مهنة، واجبًا يوميًّا، طقسًا صباحيًّا، البعض مضروب بالكتابة، الكتابة حياة.

الكتابة اليومية (اليوم) محفوفة بالمخاطر، والتفاعلى الإلكترونى (تحت المقال) يحمل تفاعلًا بشريًا مباشرًا مع كل كلمة، رافضًا أو قابلًا، مدحًا أو ذمًا، أو حتى تطاولًا، وفى ظل احتراب مجتمعى حول كل قضية صار الأمر جد خطير.

إذا ذهبت إلى اليمين أصابك مس من اليسار، وإذا دلفت إلى اليسار عاقبك أهل اليمين، وإذا مدحت شخصًا أو موقفًا أو قرارًا، ذمّك المتابعون، وإذا قدحت نلت وسامًا، وإذا رفضت فأنت مثال الوطنية، هذا لا ينفى الحساب بأثر رجعى، فاكر لما كتبت، ألم تكتب سابقًا ما يحمل العكس؟، يحاسبونك حساب المَلَكين، وفى الغالب يتركون ما كتبت ويتفرغون لشخصك، ربما أمسكوا في جلبابك أو لقبك وأهلك.. وهات يا تقطيع.

الكتابة اليومية هَمّ بالليل وبالنهار، كاتب العمود اليومى ليس لديه رفاهية الركون إلى الراحة، مثل يعسوب العسل، «النحلة» غير ضار بالمرة، يظل يطن وهو يحلق فوق الجوار يمتص الرحيق لينتج عسلًا، أخشى أن بعض الكتابة عسل أسود، أو حتى عسل مر، ولكنه عسل على كل حال، هناك مَن يأنفه، ومَن يزدريه، ومَن يرفضه، ومَن يلعن سلسفيل جدود كاتب العمود، فارق بين شيخ العمود الموقر وكاتب العمود المستباح على التفاعلى الذي يطن عليه الذباب الإلكترونى.

الكتابة اليومية ليست نزهة خلوية، أن تكتب يوميًا تلقى وعدك، يا ويلك يا سواد ليلك، وإذا استنمت لمديح هاك التقبيح، وإذا أصابك تقبيح، يجبر بخاطرك تعليق منصف ولو بالتلميح، يصعب أن تكتب مع الموج، وتسبح مع التيار، ويصعب أكثر أن تكتب عكس الريح، ولو تيقنت أنك على صواب، ينشرخ الزجاج الذي تنظر منه بوضوح، لأن هناك من ألقى طوبة في وجهك فأعماك عن رؤية الحقيقة.

الكتابة اليومية باتت فعل أمر، هناك من يأتمر لضميره، وعينه لا تفارق الناس، وهناك من يأتمر فيكتب مأمورًا، ويغادر قلوب الناس، وهناك من يكتب في الفراغ منظّرًا، لطيف التنظير وسط الحريق، وهناك مشتبك مع الحالة، وهناك من يعتصم بالقديم في نوستالوجيا محببة، وهناك من تفرغ لأحوال العشق والغرام وحب الحياة ومواعظ السلف، وحِكَم الأولين، وهناك من حمل القلم أمانة، وهناك من ملأ قلمه بمداد أسود، وهناك من يكتب بحبر القلب، والتعبير للروائى الكبير يوسف القعيد.

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟