09:23 pm 17/10/2019
| رأي
| 2884
إذا أردنا أن نتتبع مسار الشراكة المصرية الأوروبية وفقا للتفاعلات السياسية والأقتصادية والثقافية، والتي أحتاجت إلى العديد من الأبحاث والدراسات المتعمقة لحل أزمات الطاقة في نطاق ليس سهلا أو ميسورا، وذلك من أجل الوصول إلى فكرة المصائر الجماعية لشعوب حوض البحر الأبيض المتوسط، والأتجاهات العامة لها في ظل أختلاف الثقافات، والقوي الواقعية للتغييرات التي تعرضت لها دول حوض البحر الأبيض المتوسط.
وبعد دراسات مستفيضة أدركت دول الأتحاد الأوروبي أن أمن الأتحاد ومستقبله يرتبط بمصر، وهو مايقتضي سلة أقتصادية لإحداث تنمية أكثر توازنا، مع سلة من الإجراءات الأمنية للتوفيق بين قيم شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط.
ونجاح ذلك يحتاج إلى شراكة وتعاون حقيقي بين القوي الكبرى بالأتحاد الأوروبي فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وأيطاليا، مع الدولة المحورية بالشرق الأوسط مصر، من أجل الربط بين دول جنوب أوروبا وشمال أفريقيا المشاطئة للبحر المتوسط، وهي فرنسا، والبرتغال، وأسبانيا، وأيطاليا، ومالطا، واليونان، وقبرص أعضاء الاتحاد الأوروبي.
ويتشكل الجانب الاخر من مصر، وليبيا، ولبنان، والمملكة الأردنية، وفلسطين، وتونس، والجزائر والمغرب، لتتشكل العلاقات التعاونية بين الدول سياسيا، وأقتصاديا، لحل القضايا المتعلقة بالأمن والطاقة والتجارة.
وتعتبر مصر جوهر أستراتيجية الأتحاد الأوروبي من خلال المشروعات المشتركة في مجالات الطاقة، والأمن، ومكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، والتجارة.
وقد أثارت فكرة التعاون الاستراتيجي بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي غضب بعض الدول الأقليمية مثل تركيا، وقطر، واليمن، وليبيا قبل السقوط، والمملكة العربية السعودية في بعض الأحيان.
وتهدف هذه الدول سلب التأثير الأيجابي في منطقة الشرق الأوسط.
فقد ميزت دول الاتحاد الأوروبي وبشكل موضوعي التفاعلات والتحالفات بين الأنظمة العربية الحاكمة، وقسمتها إلى قسمين الأول التفاعلات التعاونية، والثاني التفاعلات الصراعية، إلا أن هذه التفاعلات تتسم بالتغيير والمرونة، وترفض الدول الصراعية فكرة الوئام السياسي مع مصر!!
وتأتي مصر كأحد ركائز محور الأعتدال في منطقة الشرق الأوسط ومعها المملكة العربية السعودية، والمملكة الأردنية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والكويت، حيث تقوم سياسات هذه الدول وفقا للرؤي العالمية المتفق عليها، بتبني سياسات أكثر عقلانية في التعامل مع الأزمات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط.
وهناك محور الممانعة من أيران، وقطر، وتركيا، وحزب الله اللبناني، وحركتي حماس والجهاد، وتنظيم الدولة الدواعش، وهي الدول التي تتسم سياساتها بالتشرذم والتجزئة، وأستبعاد الهوية القومية، والجمود، والتحجر، وتخلف الوعي وعدم التركيز في مفهوم المصلحة العليا للدولة، وهذا المحور لاتحتاج دول الاتحاد الأوروبي التعامل معه في القضايا بالغة الأهمية مثل الأمن والطاقة وأمن الاتحاد الأوروبي..
مؤتمر موك ٢٠١٩، صورة للشراكة المصرية الأوروبية :_
وضع المهندس سامح فهمي وزير البترول الأسبق، حجر الأساس للتعاون بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي في مجال البترول والغاز الطبيعي، وتم وضع معيار عام للعلاقات الاستثمارية بين الدول يقوم على المساواة في المسئولية والتكلفة، حيث أن المال لا يأتي قبل المشروع ولكن العكس، والمشروع الناجح مهما كان نوعه سوف يجد الكثيرين الذين يرغبون في تمويله!!
ومنذ بداية أنعقاد مؤتمر موك عام ٢٠٠٠، والتناوب السنوي بين مدينتي الأسكندرية، ورافينا الإيطالية، والذي يعد احد اهم مؤتمرات البترول والغاز الطبيعي على الأجندة الدولية للطاقة.
والملاحظ هذا العام أن المؤتمر أنعقد فيه مرتين في عام واحد الأول في شهر أبريل ٢٠١٩، بمدينة رافينا الإيطالية، والثاني في ١٥ أكتوبر ٢٠١٩، بمدينة الإسكندرية.
وتحت عنوان مصر والتكامل بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، أنطلقت فعاليات الدورة العاشرة للمؤتمر من ١٥ حتى ١٧ أكتوبر ٢٠١٩، بمشاركة أكثر من ٣٥٠ شركة عارضة محلية، وعربية، وعالمية من ٢٤ دولة، بهدف الترويج والتنسيق والتكامل والتعاون ومشاركة المؤسسات المالية والبنوك المصرفية الأقليمية والعالمية للحصول على فرص أستثمارية في مجالات البترول والغاز الطبيعي.
ويقوم الفكر الأوروبي أن تغيير الواقع في الجنوب الأوروبي يجب أن يسبق تفكير الناس وليس العكس، وأن التدريب عنصر جوهر للتغيير، فلا معنى حقيقي للعلم بدون تدريب، حيث أن التدريب يعني جودة الممارسة، والتعامل مع حقيقة الأمور وليس شكلها الخارجي فقط، فالتدريب وليس العلم هو الجسر الواصل بين الفوضى والحضارة، حيث أن الإرهاب والتعصب لاينتشر الا في مجتمعات ينقصها التدريب وليس العلم والمعرفة!!
ويعد مؤتمر موك فرصة لتبادل الخبرات في مجالات البحث والاستكشاف والإنتاج، بأستخدام التكنولوجيا الحديثة في المياه العميقة بالبحر الأبيض المتوسط ، ومعالجة ونقل الغاز الطبيعي ومشروعاته، والتطبيقات الحديثة في عمليات البحث السيزمي، والحفر، وتكنولوجيا المعلومات، وأساليب تحسين معدلات الإنتاج..
وهو مانجحت الشركات الاوروبية العالمية في تحقيقه على الإقليم البري والبحري المصري.
فقد نجحت شركة شل في الحصول على ٥ مزايدات في الصحراء الغربية، ودلتا النيل البحرية وشركة بي _ بي ومشروعات حقل أتول في منطقة أمتياز شمال دمياط، وكشف القطامية مع الشركة الفرعونية للبترول، ومشروع غرب الدلتا، وقد بلغت أستثمارات الشركة ٣٥ مليار دولار أمريكي.
وشركة فينترشال ديا الألمانية التي نفذت خطط أستثمارية ناجحة في خليج السويس، والدلتا، والبحر المتوسط في إطار الخطط الجادة لقطاع البترول المصري، لتطوير البنية التحتية والأستفادة من شبكات الخطوط وموانئ التصدير التي تم تنفيذها في ظل ارادة سياسية قوية، بتبنيها إقامة مركزا إقليمي للطاقة بالبحر المتوسط.
وكان للشركات الإيطالية أيني، وأيوك، وأديسون، الشريك الأستراتيجي لقطاع البترول، وأبراز ان مصر لديها فرصة متميزة لتتبوأ مكانة كبيرة كدولة محورية للطاقة.
ويرجع الفضل في ذلك للبرنامج الذي طبقه الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، برفع معدلات النمو بوتيرة متسارعة في بعض الأنشطة الاقتصادية وفي مقدمتها الغاز الطبيعي والصناعات التحويلة، والكهرباء، والأتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهو مادعم الثقة في المناخ الأقتصادي المصري والمساهمة في زيادة حجم الأستثمارات المنفذة.
فقد نجح قطاع البترول المصري في خفض المديونيات المستحقة على شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام والقطاع المشترك، وهو ما ساهم في الأنتعاش المالي، والقدرة على الأستمرار دون أعباء تثقل كاهلها، من خلال برنامج الأستثمار في راس المال البشري، بأعتباره الوسيلة الأساسية لإحداث تقدم تكنولوجيا يعتمد على عقول وطنية، وهو مايساهم في رفع أنتاجية عناصر الإنتاج الثلاثة ( العمل _راس المال _ الأرض) بشكل مستمر، يضمن النمو الاقتصادي المطرد عبر الزمن.
وأهم ما يميز استثمار راس المال البشري بصفة عامة، ان أثاره الايجابية لاتتوقف عند إحداث النمو بمعناه الأقتصادي الضيق، بل يتجاوزه ليشمل منظومة القيم والسلوكيات والعادات التي تشكل في مجملها الإطار العام لعملية التنمية الإنسانية بمعناها السياسي والاقتصادي والاجتماعي الشامل.
لقد كان التحرك الرئاسي نحو إصلاح السياسة المالية من خلال سلة من الأجراءات والسياسات التي تتفاعل مع بعضها البعض، لمواجهة العجز بتكاليف معينة يجب أن يتحملها المجتمع وفقا لأعتبارات العدالة، وأن يتم تنفيذ ذلك على مدى زمني متوسط وطويل وليس على المدى القصير.
الشباب المشارك في الدورة العاشرة لمؤتمر دول البحر الأبيض المتوسط يبعث الأمل والتفاؤل في قدرة قطاع البترول على تحدي كافة الظواهر السلبية التي تصدرها الدول الراعية للإرهاب، إيران، وقطر، وتركيا، الذين يرغبوا في القضاء على قطاع البترول والغاز الطبيعي.