02:30 pm 17/10/2019
| رأي
| 3674
أستوقفني كلمه فى فيلم الممر " لأن واضح من قعدتك على الجبهه نسيت المصريين، هما كدة المصيبه تنزل على دماغهم يحولوها فجأه لنكته او لقفشه، ويقعدوا يتريقوا عليها ويضحكوا وكل ما المصيبه تكبر النكته تبقى اتنين وتلاته وعشرة، ويمكن هوا دا السر الى يخليهم يستحملوا المصيبة ورا التانيه الى بتنزل فوق دماغهم ويخرجوها براهم بدل ما تتكم جواهم وينفجروا، وساعتها يا عالم بقا ايه الى ممكن يحصل"
«الخوف من السعادة»، ظاهرة عادت إلى الانتشار، وتحظى الآن باهتمام كبير فى مجتمعات الغرب.. راح ظنى فى البداية إلى أن هذا الاهتمام صنعته بكفاءة شركات الأدوية العملاقة التى تنتج أقراصا ضد الاكتئاب، جرت العادة أن يبدأ الترويج للدواء الجديد بحملة إعلانية وطبية، أى بمشاركة نوعية مختارة من الأطباء، تحذر من انتشار الاكتئاب أو غيره من الأمراض كحالة وبائية، اكتشفت فيما بعد أن الظاهرة حقيقية وليست من تدبير شركات لها مصلحة، وراح باحثون ينقبون عن أصل الظاهرة وأسباب انتشارها، وبالفعل ذهب أحدهم، وهو من نيوزيلنده، إلى حد صنع مقياس يقيس به درجة «الخوف من السعادة».
باحث آخر فى إنجلترا عكف على دراسة توصل فى نهايتها إلى أن هناك «ثقافات» تميل بطبيعتها إلى الحزن والكآبة، وثقافات أخرى تسعى بدأب ودون كلل عبر القرون وراء السعادة والمتعة والبهجة. يقول فى دراسته إنه بحث حالات كثيرة لأفراد يقلقون إذا خلت حياتهم من مشكلات، وأفراد، وربما ثقافات بأكملها، تعتبر أن ذروة «السعادة» هى فى الكسل. هؤلاء الأفراد يقضون أجازاتهم نياما أو مسترخين، فالسعادة عند هؤلاء أن لا يعملوا أو يبذلوا جهداً.
كثيرة هى النصائح التى يعرضها خبراء التعاسة والسعادة من علماء النفس وغيرهم من محبى الحياة. ينصحون بالخروج إلى حيث توجد المناظر الجميلة فالطبيعة ،هى كما يقولون، وقود الروح، وهى دائما مبعث الأمل والتجديد، ينصحون أيضا بالابتعاد عن الحديث التافه وعن الانشغال بتوافه القضايا، وعن «الشكاءين» و«الزنانين»، وعن الانغماس فى استخدام وسائل التواصل الاجتماعى، فهى ليست اجتماعية وليست بريئة من مسئولية نشر الكآبة، فضلا عن أنها لا تحقق وظيفة «الاكتفاء الاجتماعي» طالما ظلت عاجزة عن توفير التواصل الحسى والجسدى. ينصحون أيضا بالاقتصاد وتوخى الحذر فى استعمال الابتسامات المزيفة والمصطنعة أو المرسومة بشكل دائم على الشفتين وفى المبالغة فى تخفيف الظل، كلاهما من أهم مصادر التعاسة، يخدعان الآخرين بعض الوقت ويؤذيان صاحبهما طول الوقت.
صراخ الطفل ساعة ما يولد، يكون لخوفه من سعادة تنتظره فى عالم أرحب وأكثر تنوعا من العالم الذى خرج منه لتوه، سعادة تتحقق لفترة وجيزة وتنتهى فلا تعود. أم لافتقاده مكانا آمنا استضافه بكرم بالغ وحب لا يجارى شهورا تسعة. فى هذا المكان عرف السعادة الحقيقية، التى لن يشعر بمثلها بعد الآن. لن يجد بعد اليوم من يبادله حبا كهذا الحب.
كم أنتم عظماء يا مصريين، تحولون الإحزان الى ماده للسعادة، وتتخذونها ممر للتفائل. هذا هو ممر المصريين.
وأخيراً..
الفرح والسعادة ليس بوقت فبقدر ما تعيش أجعل السعادة فى قلبك و
أجعل الحزن وقود التفائل، لان بعد العسر يسر، فمرحبا بالحزن لانه بوابة اليسر والسعادة.