الكاتب : د أحمد عبد القادر |
11:22 pm 23/09/2019
| رأي
| 11692
للأسف قد اعتدنا على فكرة أن اعتمادنا على النفط والغاز يسبب تفشيًا عشوائيًا متوقعًا للفيضانات والعواصف النارية والحروب في معظم دول العالم حيث أننا قد سمعنا مؤخرا عن الهجوم على منشأة نفط الخريص إحدى محطات شركة أرامكو النفطية السعودية الأسبوع السابق ما هي إلا تذكرة قاتمة بأن الاعتماد على النفط يؤدي حتماً إلى الحروب والنزاعات بين الدول وبعضها.
فاعتمادًا على الرؤية التي تريد أن تقف خلفها بعض الدول تنبع إمكانية الحرب مع إيران من قرار محسوب من طهران أو حلفائها الحوثيين باستخدام الطائرات بدون طيار والقذائف على المنشآت السعودية ، أو على الغضب الطفولي الذي دفع الرئيس دونالد ترامب إلى تمزيقه بدقة. تم التوصل إلى اتفاق برعاية عالمية مع إيران وتدمير اقتصادها. لكن في كلتا الحالتين إذا قمت بالتقاط الصورة بأكملها بالفعل فإن الصورة يتم تقديمها بدرجات اللون الأسود الخام: لو لم يكن ذلك من أجل النفط، فلن يحدث أي من تلك الأحداث.
فلولا النفط لما كان الشرق الأوسط غارقًا في الأسلحة باهظة الثمن ولن نكون مدينين للمملكة العربية السعودية من قروض مستقبلية ولما شاركنا أبداً في حرب مدمرة مع العراق وزعزعت استقرار المنطقة العربية بأسرها
لقد توصلنا إلى حقيقة وهو انه في غضون ساعات من صور حقول النفط المدمرة بالمملكة العربية السعودية كان لدينا "مفسرون مختلفون" من وكالات الأخبار المختلفة لتذكيرنا بحقائق مأزقنا مع وجود نقص في إنتاج النفط من شركة أرامكو ونقص في النفط الاحتياطي في العالم مما يؤدى إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية وبالتالي سيكون هناك ضرر للاقتصاد العالمي. ولكن هذه الحقيقة ستكون سببا لكل نتنبأ بحرب نفطية في عصر ندرك فيه على نطاق واسع أننا لا نحتاج إلى الاعتماد على النفط بعد الآن.
ففي العراق قبل أكثر من 15 عامًا كلفت لوحة شمسية 10 أضعاف ما تتكلفه اليوم وكانت طاقة الرياح لا تزال في مهدها و لم يكن أحد نعرفه يقود سيارة كهربائية على عكس اليوم فتعتبر الشمس والرياح أرخص الطرق لتوليد الطاقة على أرضنا حيث تعمل المصانع الصينية على إخراج السيارات الكهربائية وهذا يعني أن لدينا التكنولوجيا المتاحة لنا والتي من شأنها أن تجعلنا نستغني عن هذا النوع من الوقود النفطي.
بطبيعة الحال لم نقترب من نشر تلك التكنولوجيا بالكامل لصناعة الألواح الشمسية ولكن على عكس الخمس عشر عامًا السابقين نعلم أن صناعة النفط كانت تعرف كل شيء عن تغير المناخ منذ عقود طويلة الأمد ولكن بدلاً من الاعتراف بذلك والمساعدة على الانتقال إلى مستقبل جديد للطاقة أمضوا بدلاً من ذلك مليارات الدولارات في بناء سقالات الخداع والإنكار والتضليل لابتلاع ثروان الوطن العربي المتمثلة في الذهب الأسود بالإضافة إلى استغلالهم لارتفاع مستوى سطح البحر وذوبان القطب الشمالي في إنتاج الطاقة المتجددة.
الصراعات على النفط العربي مثل الحروب في أفغانستان والعراق واليمن وليبيا كلفت أرواحًا لا حصر لها كما أنها كلفت تريليونات الدولارات فتخيل أيها القارئ الفاضل لو أننا أنفقنا هذه المليارات من الدولارات ليس على صواريخ كروز أو بعيدة المدى أو سيارات مدرعة ولكن على المزارع الشمسية وتوربينات الرياح ومولدات المياه البحرية وقمنا ببناء شبكة قوية من أجهزة شحن السيارات الكهربائية وتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقة المتجددة ماذا سيكون العالم وقت ذلك ؟؟؟
هذه ليست رؤية خيالية إنها بالضبط ما تتخيله التشريعات الجديدة مثل " الصفقة الخضراء الجديدة" في الولايات المتحدة الأمريكية وهناك بالفعل مقترحات متشابهة للغاية في المملكة المتحدة وكندا وعبر الاتحاد الأوروبي ولكن قيل إن "الصفقة الجديدة الخضراء" عبارة عن غصن باهظ التكلفة يصل إلي تريليون دولار فمن أين نأتي بتلك المبالغ الضخمة لننفقها على تلك الألواح الشمسية لتوليد الطاقة المتجددة في حين أن تلك المبالغ تتواجد تلقائيا أثناء الحروب على الدول لأغراض سياسية أو مالية معللين أسبابه بانه كيف ننفق تريليون دولار على الألواح الشمسية لدول تحصل على قوتها مجانًا كل صباح عندما تشرق الشمس
في الوقت الراهن لا تزال معظم الدول صامتة بسبب وجود النفط حتى وان ارتفع سعره بالرغم من انخفاض سعر برميل النفط حاليا وذلك لان الكوكب غارق في النفط ولا تزال هناك العديد من الاكتشافات النفطية المستمرة المختلفة على مستوى العالم وهذا ما يقلل الطلب علية ولكننا سنستيقظ يوما ما على حرب عالمية بين ايران وأعداءها المهتمين بتخزين النفط لديها ليكون درع واقي لها ويحدث فيه إغلاق لمضيق هرمزأو تفجير محطة وقود موجوده به.
ولكن ما البديل اذن ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أن البديل يكمن في تغيير سياسات دول العالم وتتمثل في الدعوة إلي تدعيم الطاقة النظيفة وتطبيق سياسات صارمة للانتقال إليها والعمل بها وتسريع العمل على تطوير تقنيات الخلايا الكهربائية لاستخدام الطاقات المتجددة المختلفة لتعميم استخدامها في جميع المؤسسات والمنازل بدول العالم وفرض قانون على الدول المنتجة للنفط لدفع ضرائب ثمنا لتلويثهم الأرض من جراء الاكتشافات النفطية المستمرة واخذ تلك الضرائب لتدعيم إنتاج الخلايا الشمسية وتوليد الطاقة النظيفة حتى نتجن ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات من جراء ارتفاع درجات الحرارة المتواصل.
خلاصه القول
لن يخوض أي شخص على وجه الأرض حربًا للوصول إلى أشعة الشمس بينما الحروب ستنشأ في الدول التى تتركز فيها الوقود الاحفورى تحت الأرض لانها تعطي أولئك الذين يعيشون فوقها قوة هائلة فالطاقة المتجددة يمكن العثور عليها في كل مكان ، وحقوق الميراث لجميع البشر. العالم الذي يعمل تحت أشعة الشمس والرياح هو عالم يمكنه الاسترخاء بدلا من الحروب من اجل النفط.
كاتب المقال جيولوجي بشركة المنصورة للبترول