واهم من يعتقد أن تركة مبارك أو مرسى يمكن علاجها وإصلاحها أو تعديلها وإحلالها وتجديدها فى فترة وجيزة ، سواء كان فى الجانب التشريعى ومجلسه و قوانينه ، أو فى الجانب التنفيذى فى مؤسسة الرئاسة والوزارة و الهيئات والمصالح والمحافظات و كذا المحليات ، أو فى الجانب القضائى سواء فى المحاكم أو الأحكام أو القائمين على العملية القضائية ، وأخيرا فى الأجهزة الأمنية مجتمعة ، و كذا سلوكيات و أخلاق المجتمع ، وما يصاحبه من فنون وآداب وإعلام ، وكذا الإقتصاد الوطنى الحكومى و الخاص أو الأجنبى والعربى .
إن هذه التركة المثقلة بالفساد و الأعباء سواء فى الجوانب الخدمية أو البنية التحتية ، أو ما يتعلق بالصحة و التعليم و الزراعة ، وبشكل إجمالى فى كل مناحى الحياة فى مصر .
فلقد وصلت الحال بمصر خلال العشرين عاما السابقة على ثورة يناير إلى أسوأ الحالات التى مرت على مصر منذ آخر حاكم حكم مصر الموحدة فى 341 ق.م و المسمى بــ " نكتانبو الثانى " ، أو أسوأ من الشدة المستنصرية التى أكل فيها المصريون لحوم البشر فى آخر عهد الدولة الفاطمية و آخر حكامها " المستنصر بالله " .
إن حالة التردى التى آلت إليها مصر فى ظل حكم نظام مبارك ووصولها إلى ذروتها فى حكم مرسى ، تجعلنا نفكر جيدا قبل إطلاق الأحكام على نظام " السيسى " الحالى خاصة أن ما سبق – من وجهة نظرنا – هى مفردات الدولة المضادة ، التى لازالت تصارع من أجل بقاءها ، و الحفاظ على مكتسباتها ، بل و العمل على مضاعفتها ، وبالطبع ما يساندها – من خلف ظهر رأس النظام فى مصر – من إعلام خاص تمتلكه ، ويتضح ذلك فى العديد من الصور ، منها : -
- التقليل من شأن ما يقوم به " السيسى " فى كافة المسارات المختلفة ، وهذا يتم يومياً بل لحظياً .
- التضخيم من حجم بعض الأمور غير الصائبة أو إفتعالها من الأساس .
- هناك أجهزة و هيئات بل و وزارات ومحافظات تدفع لزيادة الإحتقان ضد " السيسى " و العمل على خروج المواطن لإسقاطه .
- الإعلام الخاص الذى يدفع أيضا إلى ذلك بكل الوسائل ، سواء بالتقليل أو التضخيم ، أو تناول أمور وموضوعات غاية فى السوء فى ظل حالة الإحتقان الشديد لدى المواطنين .
- ما يصدر عن الوزراء و المحافظين ، وكذا المسئولين فى كافة المستويات المختلفة من أفعال و تصريحات لا تؤدى إلا إلى هدف واحد ، وهو توجيه الغضب نحو " السيسى " و قراراته المختلفة .
- النخب والأحزاب السياسية ، و التى لا تبحث إلا عن موضع قدم لمصالحها دون الأخذ فى الإعتبار مصالح الشعب العليا وثوابته الوطنية .
- رجال المال والاعمال الذين يدفعون بكل ثقلهم نحو ما يحقق أولا و قبل أى شئ وكل شئ – مكاسبه التى سبق أن توصلوا إليها سواء فى عهد مبارك أو مرسى ، وهم أكثر مما نظن على قلتهم .
- أحكام القضاء العاجلة فى القضايا السياسية ، والخصوم السياسيين ، بما لا يتناسب مع ما نسب إليهم من أفعال ، و تبرئة من إقترفوا جرائم فى حق الوطن فى ذات التوقيت .
- التباطؤ فى تقديم الخدمات ، أو تقديمها بصورة سيئة أو غير مكتملة للمواطنين .
- تفشى ذات الأمراض المجتمعية داخل مؤسسات الدولة سواء كانت المحسوبية أو الرشوة أو تعطيل المصالح .. إلخ .
-الإختيار الخاطئ فى الكثير من الأحيان لبعض القيادات نتيجة تضليل الرئيس من وجهة نظرنا - حتى ينسب له فشل هذه القيادات فيما بعد .
- الدفع بإتجاه إصدار قوانين لا تحظى بالموافقة المجتمعية ، أو ضد مصالح المجتمع ككل ، حتى يقف الرئيس عاجزا أو مترددا أو متراجعا عنها .
- تضييق الخناق على الحياة السياسية إجمالا بما يدفع بإتجاه الإنفجار .
- الشباب و التعامل السيئ معهم بطرق تدفع بهم بعيدا حتي يصبحوا عرضة للتأثر بالأفكار التي لا تعمل في صالح الوطن، أو التي تدفع بهم للهجرة الوطن و الهروب منه في ظل الملاحقات القضائية و التضييق المتعمد و محاولات الزج بهم للسجن و إلصاق أي تهم لهم دون العمل علي احتوائهم و الإستفادة من قدراتهم و حماستهم لإعادة بناء الدولة.
و هناك الكثير والكثير من الأمثلة ، والتى لا تؤدى إلا إلى هدف واحد ، وهو زيادة الإحتقان ، والضغط حتى تندفع موجات الغضب من البركان الشعبى ضد الرئيس ، وهذا ما نخشاه ولا نريده ، فهل ينجحون فى ذلك ؟
و هل يستمع لنا الرئيس ؟ أم أن أصوات العاقلين فى هذا الوطن لا تلق لها سمعا ؟
سيدى الرئيس ..
هذه المرة تختلف عن كافة المرات السابقة ، ونحن نحذر الكافة بأن سقوط رئيس جمهورية مصر العربية للمرة الثالثة ستكون تكلفته علينا فادحة ، والدولة المضادة تعمل على ذلك ، ونحن نأبى أن يسقط الوطن فى فخ الفوضى المسلحة .
اللهم بلغنا ..اللهم فإشهد ..
و للحديث بقية
كاتب المقال-الأمين العام لمنظمة شباب مصر - تحت التأسيس.