من الصعب معرفة ما يحصل عليه المسئولين شهريا أو سنويا من المستحقات المالية من الجهات التى يتبعونها أو المنتدبين إليها لوجود أكثر من وسيلة لصرف المستحقات سواء فى صورة مبلغ نقدى أو ورقى شيكات أو أذون صرف الخزانة ، ومع ظهور نظام الصراف الآلي تقوم الجهات بوضع المبالغ النقدية المستحقة فى حساب الموظف ، وتم تفعيل هذا النظام على المرتبات الشهرية إلا أن أنظمة الصرف الأخرى معمول بها !!
وقد بدء تفعيل منظومة الصراف الآلي من خلال الدفع الإلكتروني عبر نظام atm وذلك بموجب القرار الصادر عن وزير المالية رقم ٧ لسنة ٢٠٠٧ ، بتطبيق نظام الصرف الإلكتروني وأتجهت وزارة المالية إلى تعميم التجربة من خلال القرار رقم ٢ لسنة ٢٠١٥ ، بتفعيل صرف المستحقات المالية إلكترونيا من خلال منظومة الدفع والتحصيل آليا !!!
ثم أصدر السيد المهندس رئيس مجلس الوزراء فى ١٥ يناير ٢٠١٧ ، القرار رقم ١٢٣ لسنة ٢٠١٧ ، بإلزام جميع وحدات الجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة الخدمية والهيئات الإقتصادية وغيرها من الجهات الحكومية بصرف جميع مستحقات العاملين لديها أيا كانت مسمياتها أو قيمتها أو الجهات الوارد منها ، من خلال نظام الدفع الإلكتروني ال atm ، على أن يفعل ذلك بصورة كاملة بجميع الوحدات والجهات المذكورة فى موعد غايته ثلاثة أشهر من تاريخ صدور هذا القرار ، ويحظر نهائيا عليها المعاودة لإستخدام الصرف النقدى أو الورقى مثل الشيكات وأذون الصرف مرة أخرى وفى حالة حدوث قوة قاهرة أو ضرورة تحتم إستخدام النظام النقدى او غيره لفترة مؤقتة ، أو وجود حالة إستثنائية ، يجب أن يعرض الأمر على وزارة المالية لاتخاذ اللازم فى هذا الشأن.
النص جامع مانع جميع المستحقات التى يحصل عليها العاملين بنظام atm فقط ، وهو ما أكده النص مهما كان المسمى مرتب ، بدل ، مكافأة ، مصروف ، منحة ، سلفة ، حافز ، فروق مالية ، عن طريق البطاقة الإلكترونية !! ولا فرق بين المبلغ الكبير أو الصغير حتى لو كان المبلغ ١٠ جنيه أو آلاف !! بل أن جميع المستحقات من جميع الجهات فى حالة الحصول على أى مستحقات من أى جهة خلاف جهة العمل الأصلية !!
مثال ذلك ، الموظف الذى يتم انتدابه فى أكثر من جهة مثل أعضاء مجلس الدولة الذين يتم ندبهم فى اكثر من جهة ، أو رؤساء وأعضاء مجالس الإدارات الذين يكتسبون عضوية أكثر من مجلس واحد يجب أن يتم صرفها عن طريق الحساب الإلكترونى للموظف !!
فقد أنهى القرار نظام المظاريف الملونة و التى يتم صرفها للعاملين عقب حضور الجلسات أو المؤتمرات والندوات ومحاضرات مراكز التدريب !! فقد انتهى زمن الشنطة السوداء التى يحملها المسئولين يوميا لوضع الأظرف فيها !! وقد حظر القرار نظام صرف المستحقات بموجب الشيكات الورقية أو أذون صرف الخزانة !!
وقد منح القرار جميع وحدات الجهاز الإدارى وغيرها من الجهات مهلة مقدارها ثلاثة أشهر تبدأ من ١٥ يناير وتنتهى في ١٥ إبريل ٢٠١٧ !! للألتزام بتطبيق نظام الدفع والتحصيل الإلكترونى atm ، فماذا سيفعل مزدوجى العضوية في الشركات الإستثمارية و التى يصل مجموع المبالغ التي يحصلون عليها سنويا تتخطى حاجز المليون من الشركة الواحدة ، وأيضا أعضاء اللجان المتنوعة وصرف بدل الجلسات بنظام المظروف ، والمكافآت والنسب المئوية التى يحصل عليها القائمين على الصناديق المالية الخاصة و التى تصرف بشيكات ، والمكافآت الشهرية التى تصرف لشاغلى الإدارة العليا بواسطة نظام ( كشوف البركة ) ، فهؤلاء يستخدمون بطاقة الصرف الإلكتروني للمرتبات الشهرية فقط اما باقى المستحقات فيتم صرفها نقديا وبشيكات واذون صرف حتى لا تخضع للرقابة والحصر !!!
ووفقا لهذا القرار يصبح من السهل معرفة مجموع مايتقاضاه أى مسئول في الدولة من خلال الحساب الإلكترونى بأعتباره النظام الوحيد الذى لا يجوز تطبيق أى نظام يخالفه !!!
وكعادة القرارات الصادرة عن حكومتنا الإصلاحية التقشفية ، فقد ترك القرار مساحة يمكن عن طريقها تحليل الحرام ، فيمكن لأى جهة أن تدعى وجود ضرورة تحتم إستخدام النظام النقدى أو غيره من خلال عرض الأمر على وزير المالية ، ومن الطبيعى أن العديد من الجهات التى تتنوع مصاريفها ومستحقاتها التقدم بطلب لعدم سريان النظام ومن هذه الجهات قطاع البترول والذى يوجد به فئة متنوعة المستحقات وهم الأعضاء المنتدبين ، وأعضاء مجالس الإدارات المزدوجة ، وأعضاء اللجان ، وأعضاء مجالس الصناديق المالية الخاصة ، والمحاضرين بمركز التدريب البترولية ، والبدلات المتنوعة في الشركات ، فهل سيتم تفعيل النظام الآلى على هؤلاء ، أم يتم استخراج ١٠ كروت atm لكل مسئول حتى لاتصبح حساباتهم حصرية !!
أم يتم الحصول على تصريح من وزير المالية بتطبيق نظام المظاريف الملونة و الشيكات وأذون الصرف من الخزينة ، والمبرر طبعا أنها حالة إستثنائية فى بعض قطاعات الدولة ، بل أن النظام لا يسرى على المناصب الإدارية المؤقتة مثل عضوية مجلس الإدارة أو عضوية اللجان أو الصناديق المالية !!!
وكما هو واضح من نص القرار أن أوله جامع مانع لأصحاب المرتبات الغلابة الذين سيحرمون من المكافآت ، أما آخر القرار شوارع يمكن المرور منها لأصحاب المعالى والسمو أكلى السحت !!
التطبيق النموذجي لنظام الصراف الآلي كما ورد بنص القرار يعنى أنه من السهل معرفة مجموع ما يحصل عليه كل مسئول سنويا من أموال الدولة ، ويمكن عقد مقارنات ما يسمى العدالة الاجتماعية في التوزيع ، فلو تم مقارنة ما يحصل عليه العاملين بشركات القطاع العام سنويا وما يحصل عليه العاملين بشركات القطاع المشترك ، وقطاع الأعمال العام ( القابضة ) ، وشركات القطاع الاستثمارى ، وشركات القطاع الخاص ، من سيقرأ الأرقام سيصاب بأزمة قلبية وفقدان النطق والبصر ،