للاعلان

Mon,25 Nov 2024

عثمان علام

محمد حلمي يكتب: النفط وتجارة الدم وقضاء مصر على أطماع تركيا

محمد حلمي يكتب: النفط وتجارة الدم وقضاء مصر على أطماع تركيا

الكاتب : عثمان علام |

06:10 pm 20/01/2019

| رأي

| 2029


أقرأ أيضا: Test

لم ينتهي العصر الحجري بسبب نقص الأحجار و كذلك عصر النفط فسينتهي قبل نضوبه بوقت طويل.

 

اذا لم تكن قد سمعت عن "لعنة النفط" من قبل...فدعني أخبرك أن معظم حروب و مذابح العصر الحديث إن لم تكن كلها هي نتيجة الصراع الدائر بسبب هذه اللعنة التي حلت علي البشرية المسماة النفط.لم تعد مشكلة النفط الآن هي نقص الإنتاج، بل صارت الأزمة هي زيادة قدرة المنتجين علي انتاج كميات غير محدودة و ظهور منتجين جدد في عالم يمر بأزمات اقتصادية متلاحقة تحد من نموه الاقتصادي وبالتالي انحسار الطلب.ساهم التطور التكنولوجي الهائل في تقنيات الحفر و آليات تكملة الآبار إلي الانتاج من أعماق غير مسبوقة في بيئات مختلفة سواء كانت صحراوية أو بحرية أو حتي في القطب الشمالي، و نشأ تدريجيا هذا الصراع بين المنتجين للحصول علي أكبر نصيب من مبيعات النفط.علي الجانب الآخر اتجه مستهلكي النفط إلي آليات تكنولوجية لتقليل الحاجه الي استيراد المزيد من الطاقة سواء عن طريق تطوير تكنولوجيا موفرة للطاقة أو تطوير أساليب جديدة لتوظيف مصادر الطاقة المتجددة و التخلص من الحاجه إلي الوقود التقليدي.وعندما قامت روسيا بمد خط الغاز إلي أوروبا فأنها كانت بهذا تضيف قوة استراتيجية للتأثير السياسي علي القرار الأوروبي، و يبدو أن هذا لم يرضي بعض الدول الأوروبية وعلي رأسها ألمانيا و التي تنفق المليارات منذ زمن لتطوير تكنولوجيا الاستفادة من الطاقة الشمسية أملا في الاستغناء عن الوقود التقليدي.و لجأت أوروبا الي العديد من السبل لأنهاء احتكار روسيا لأمدادات الغاز. و اشتعلت الحرب الأهلية في سوريا لأسقاط النظام الحليف لروسيا بعد أن رفض عرضا لمد خط غاز من قطر الي تركيا عبر أراضيه لتصبح تركيا مركز تصدير الغاز لدول أوروبا.قدمت تركيا للفصائل المسلحة في سوريا الدعم اللوجيستي الكامل و استقبلت ألمانيا اللاجئين السوريين بالورود أملا في انهاء الأمر بأسرع ما يمكن، و عندما تهاوت الدولة و كاد النظام السوري أن يسقط تدخل الروس بشكل مباشر لمنع مرور أي امدادات نفطية إلي أوروبا.و قد نجح الروس في ذلك بالفعل...في ذلك الوقت كان هناك حلا آخر، و هو استخدام الطاقة الشمسية بديلا للنفط.

 

و لكن ما زالت التكلفة المبدئية مرتفعة جدا مما يجعلها غير قادرة علي منافسة النفط و هذا يجعلها غير اقتصادية.و من هنا جاءت كل الأبحاث المفبركة للاحتباس الحراري نتيجة زيادة انبعاثات الكربون الي اخر هذا العبث، و قد ثبت لاحقا أن معدل الاحترار العالمي هو متوافق تماما مع المعدل الطبيعي في المائتي عام الأخيرتين.إذا الأمر كله كذبة سعي الي نشرها جماعة المتضررين من النفوذ السياسي لمنتجي النفط ذلك لتبرير الانفاق الزائد علي الطاقة "النظيفة" بحجة الحفاظ علي البيئة، و بالفعل استطاعت دول أوروبا صياغة اتفاقية المناخ و اقنعوا ادارة الرئيس الأمريكي السابق أوباما بالتوقيع و الانضمام اليها، و هنا استشعر جميع منتجي النفط الخطر القادم

 

انتهاء عصر النفط...و لحسن الحظ فقد كانت ولاية الرئيس أوباما علي وشك الانتهاء و تولي الرئيس ترامب زمام الأمور و قد كانت أبرز وعوده الانتخابية الانسحاب من اتفاقية المناخ و اعادة العقوبات الاقتصادية علي إيران، و قبض الرجل الثمن نقدا

 

أكثر من ٤٧٠ مليار دولار تم دفعها لانقاذ صناعة النفط و مد أجلها لعدة عقود، و صدق ترامب في وعده و انسحب من اتفاقية المناخ و استطاع انعاش الاقتصاد الأمريكي بما تسلمه من أموال طائلة.و عاد النفط للتربع علي عرش مصادر الطاقة و تم ضرب استثمارات الطاقة المتجددة و تعطيلها.أما عن الوعد الآخر بخصوص العقوبات علي إيران فقد تم التخطيط لهذا الأمر بشكل جيد. بضعة ملايين من براميل النفط ستخرج من السوق بسبب العقوبات و هذا قد يتسبب في ارتفاع جنوني لأسعار النفط مما سيؤدي حتميا الي تباطؤ نمو الأقتصاد الأمريكي و بالتالي ارتفاع معدلات البطالة و التي كافح ترامب حتي يستطيع تقليلها.و تم الاتفاق مع كبار المنتجين قبل توقيع العقوبات أن يعوضوا ما سيتم انتقاصه من حصة إيران حتي لا يتأثر سعر النفط بالزيادة و يصبح الأمر كارثة أخري.و هذه المرة تعاون المنتجون و زادوا من الانتاج بالتنسيق مع ترامب حتي لا يُهاجَم من قبل معارضوه و يتم اتهامه بالتسبب في كارثة اقتصادية عالمية اذا ارتفع سعر النفط بجنون نتيجة العقوبات.ما حدث منذ عام ٢٠١٤ و حتي الآن هو بزوغ نجم الهند كأقتصاد نامي جديد كما تعافي الأقتصاد الصيني و هو مستمر في التحسن، كما قامت الولايات المتحدة الأمريكية باعتماد عدة قرارات من شأنها حماية صناعتهم الوطنية.كل هذا قد رفع الطلب الي ما هو أكثر من ١٠٠ مليون برميل في اليوم و هذا مؤشر جيد للدول المنتجه رغم انخفاض الأسعار، فالدعم الذي حدث لأقتصاديات الدول الصناعية الكبري هو عائد بالخير علي المنتجين و لو بعد حين.و ماذا عن أوروبا...لجأت أوروبا الي دعم دول جنوب حوض المتوسط دعما غير مسبوق للتنقيب عن الغاز في مياة البحر المتوسط العميقة لأنهاء احتكار روسيا لامداد أوروبا بالغاز.لم تضيع مصر الفرصة فهي الدولة الوحيدة في المنطقة المؤهلة بما لديها من بنية أساسية لمعالجة و تصدير الغاز الي السوق الأوروبي.و قد كان القرار الوطني المصري...في خلال سنتين فقط نجح المصريون بالفعل في تطوير حقول الغاز في المياة العميقة بالبحر المتوسط و شمال الدلتا و استطاعت مصر تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز في زمن قياسي، و تجري الترتيبات لبدأ التصدير لأوربا والذي قد يصل الي ٣٠٪ من احتياجات السوق.و غضبت روسيا و منعت السياحة الروسية و هددت بتطوير مسار بحري منافس لقناة السويس في المياة الباردة و تحالفت مع تركيا المنافس الأقليمي لمصر تحالف الخاسرين.فقد ضاعت الفرصة علي تركيا لتكون مركز تصدير الغاز لأوروبا و لجأت للتحالف مع ايران و روسيا و اصبح اقتصادها مهددا بعد أن أصبح جنوب البحر المتوسط جاذبا للاستثمار و الدعم.و هدد أردوغان و توعد مصر بالويل و الثبور و عظائم الأمور، و للحق فقد كانت تهديداته طفولية و مضحكة.و مقابل هذا دعمت أوروبا مصر دعما هائلا حتي تستمر خطة الانقاذ

 

شيدت ألمانيا لمصر أكبر محطات توليد كهرباء في العالم لاقالتها من عثرتها الاقتصادية و دعمت الجيش بأحدث الغواصات المتطورة و القطع البحرية أما فرنسا فقد دعمت سلاح الجو المصري بطائرات الرفال ذات المدي البعيد و التي تستطيع تهديد الوجود التركي في البحر المتوسط.بالأضافة إلي قطعتين من حاملات المروحيات الميسترال و تكوين اسطولين بحريين لتكون مصر قادرة علي حماية كل حدودها البحرية في المياة العميقة.ما الذي سيحدث خلال الخمسة سنوات القادمة...ما سيحدث هو انتهاء الصراعات المسلحة فالشرق الأوسط مقبل علي مرحلة من الاستقرار و التقاط الانفاس توصل الأمريكيون و الصينيون الي اتفاقيات عادلة لوضع ضوابط للتبادل التجاري مما سينعكس علي نمو اقتصاد البلدين، مما يعني تنامي الطلب في الفترة القادمة علي النفط في ظل عالم أكثر استقرارا و عندها سيكون الرفع التدريجي للسعر مبررا و له ما يدعمه.أما عن العاملين في القطاع النفطي....لا يجب القلق مطلقا حتي لو انخفض سعر النفط أكثر خلال الفترة القادمة لأن هذا الانخفاض يدعم الاقتصادات النامية و يؤدي الي مزيد من الطلب.و في النهاية يجب أن يدرك الجميع أن منتجي النفط سوف يفعلون أي شيئ لمد أمد اعتماد العالم علي سلعتهم علي الأقل في المدي المنظور

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟