منذ قيام الثورة التكنولوجية وما أعقبها من ثورة لم يسبق لها نظير علي يد المهندس الإنجليزي وعالم الحاسوب تيم بيرنرز لي الأستاذ بجامعة اوكسفورد عام 1989م والذي قام باختراع الشبكة العنكبوتية العالمية والتي تعرف بالويب ( الأنترنت )
وحدث بالعالم الكثير من التغيرات واصبح العالم كقرية صغيرة واخذ العالم بهذا الاختراع و العمل علي تطوير البرامج واستخدامها في كافة المجالات الاقتصادية والإجتماعية والعلمية بل والعسكرية ايضا وتغير العالم شكلا وموضوعا .
وهنا لنا وقفة حول مفهوم الحرب السيبرانية فكلنا يعرف معني الحرب قديما وهي حرب بين جيشين نظاميين بشكل معين .
اما ما يسمي بالحرب السيبيرية فيرجع ذلك لأنها شبيهه بالحرب بل هي حرب حقيقية حيث يهاجم القراصنة ( الهاكر ) الحسابات والملفات والمواقع وغيرها والتي تخص الافراد والمؤسسات وبذات الوقت يدافع الناس والمؤسسات سواء هيئات او بنوك او شركات عن معلوماتهم من القرصنة عن طريق برامج وطرق متعددة ،فيطلق عليها الحرب الإلكترونية .
ولو تأملنا لكلمة سيبرانية فهي كلمة بدأ استخدامها للمزج بين الاليكترونيات والأنسان، ويستخدم هذا المطلح الحروب السيبرانية للتعبير عن الحروب والنزاعات التي تدور في الفضاء الاليكتروني وآليات ذلك القتال وقد تحدث خسائر وتكلفة للإنسانية نتيجة تلك الهجمات والحروب السيبرانية فعندما تتعرض الحواسب أو الشبكات التابعة لدولة معينة لهجوم أو اختراق أو إعاقة قد يعرض هذا الهجوم المدنيين للخطر كالحرمان من الاحتياجات الأساسية او البنية التحتية مثل مياه الشرب والرعاية الطبية والكهرباء وإذا تعطلت أنظمة تحديد المواقع ( جي بي اس ) عن العمل قد تحدث إصابات في صفوف المدنيين من خلال تعطيل عمليات إقلاع الطائرات فمثلا لو تعطلت منظومة بنكية نتيجة هذا الهجوم فان ذلك يؤثر بشكل مباشر علي عملية التجارة كفتح الاعتمادات المستندية او التحويلات البنكية وايضا التأثير علي عمليات الصرف والايداع النقدي ناهيكم عما قد يحدث من اضرار لهجمات سيبرانية علي محطات الطاقة النووية وأنظمة التحكم في الطائرات لاعتمادها علي انظمة الحاسوب في التشغيل والحركة وتكون الشبكات مترابطة إلى حد كبير يجعل من الصعب الحد من آثار ذلك الهجوم السيبراني علي جزء من المنظومة دون الإضرار بباقي الأجزاء او بعضها أو تعطيل المنظومة بأكملها.
وهنا نجد ان الاضرار امتدت لمصالح العديد من الناس يصل لألاف او يزيد وقد يمتد ذلك التأثير لحياتهم .
ويأتي هنا دور القانون الدولي الإنساني الذي يسعي من خلال النصوص واللجان الدولية بضرورة الحرص المستمر لحقن دماء المدنيين فالحروب لها قواعد و ضوابط تنطبق على اللجوء إلى الحروب السيبرانية بنفس القدر الذي تنطبق به على استخدام الأسلحة القتالية.
ولكن اذا كان القانون الدولي يسعي لحماية المدنيين الا ان ذلك قد لا يمكن تحقيقة بشكل كبير وحقيقي فمن يملك التكنولوجيا والقدرة علي التحكم بالآخرين يكون الرادع الأخلاقي هو الضابط والملزم ولكن هيهات وهو المتربص بمصالح الأخر .
وهنا نشير الي استخدام الدول لمجموعات هكر من المدنيين ايضا للهجوم السبراني وليس استخدام جيوش نظامية عسكرية فقط فالأمر هنا متشابك .
فنري مؤخرا اختراق البريد الإليكتروني لشخصية سياسية او دبلوماسية والإعلان عما به من معلومات تمس مصالح اشخاص وأعمال .
وجدير بالذكر ان نشير الي ما يسمي بحروب الأجيال وهي كثيرة تبدأ بالجيل الأول حتي الجيل الرابع والخامس وهي في زيادة ما دام التقدم العلمي والتكنولوجي مستمر وتقسم كالتالي :
حرب الجيل الأول: هي الحرب التقليدية بين دولتين لجيشين نظاميين او جيوش نظامية وأرض معارك محددة ومواجهة مباشرة .
اما حرب الجيل الثاني: فهي حرب العصابات و يعرفها البعض بالحرب الشبيهة بالجيل الأول من الحروب التقليدية ولكن تم استخدام النيران والدبابات والطائرات بين العصابات والأطراف المتنازعة .
اما حرب الجيل الثالث: يعرفها البعض بالحروب الوقائية أو الاستباقية كالحرب على العراق مثلاً ويوصفها البعض بأنها طورت من قبل الألمان في الحرب العالمية الثانية وسميت بحرب المناورات وتميزت بالمرونة والسرعة في الحركة واستخدم فيها عنصر المفاجأة وأيضاً الحرب وراء خطوط العدو .
وتأتي حرب الجيل الرابع: حيث اتفق الخبراء العسكريون بأن حرب الجيل الرابع هي حرب أمريكية صرفة طورت من قبل الجيش الأمريكي حيث وجد الجيش الأمريكي نفسه يحارب لا دولة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، بمعنى آخر محاربة تنظيمات منتشرة حول العالم وهذه التنظيمات محترفة وتملك إمكانيات ممتازة ولها خلايا خفية تنشط لضرب مصالح الدول الأخرى الحيوية كالمرافق الإقتصادية وخطوط المواصلات لمحاولة إضعافها أمام الرأي العام الداخلي بحجة إرغامها على الانسحاب من التدخل في مناطق نفوذها ومثال على هذه التنظيمات القاعدة وغيرها
وتستخدم فيها وسائل الأعلام الجديد والتقليدي ومنظمات المجتمع المدني والمعارضة والعمليات الأستخبارية والنفوذ الأمريكي في أي بلد لخدمة مصالح الولايات المتحدة الامريكية .
أما ما وصلت إليه الحروب اليوم، التي تسمى حروب الجيل الخامس، فعمادها الأساسي في ايجاد تناقضات ما بين الدولة والمجتمع، باستخدام كافة الوسائل لأحداث الخلل في العلاقة بينهما اي إن حروب الجيل الخامس تعتمد في إستراتيجياتها على احتلال العقول لا الأرض و عقب احتلال العقول سيتكفل المحتل بالباقي فيستخدم القوة والعنف غير المسلح مستخدما الجماعات الدينية والعقائدية المسلحة و العصابات المنظمة كذا التنظيمات المدربة لإحداث حروب داخلية تتنوع ما بين اقتصادية واجتماعية وسياسية للدول المستهدفة وذلك لاستنزافها عن طريق احداث قلاقل وبلبلة داخلية وايجاد مواجهات للصراعات الداخلية بها وذلك علي خط متوازي مع مواجهتها للتهديدات الخارجية وذلك كله باستخدم التقنيات الحديثة التي تتراوح ما بين القوة المسلحة كالصواريخ المضادة للدروع والعمليات الانتحارية وعمل الكمائن والعمليات الإرهابيةأو القوة غير المسلحة كما سبق الإشارة والتي يكون فيها العدو محاربا بدون أن يظهر بشكل مباشر في المعركة كما تشمل التقنيات الإرهاب الإلكتروني وتهييج الشعوب لجعلها عنصرا أساسيا في المعركة ويتم تحريكها بحسب أهداف سياسية لدول أخرى.
و لتطور وسائل الإعلام التي تعد من أهم الوسائل المستخدمة في حروب الجيل الخامس وكذا وسائل التواصل دور أساسي في هذا النوع من الحروب .
ويجب ان نقف هنا لندرك ان من يمتلك الفضاء ويمتلك الاعلام والتقدم التكنولوجي هو من تكون ذمام الأمور بيده فالقوة ان كانت قديما في استخدام السلاح المتقدم ذو الكفائة القتالية فإن الأمور قد تغيرت بشكل كبيرة في السنوات الاخيرة وهذا يدعونا للحرص شعوبا وحكومات فلا مناص من اللحاق بركاب التقدم التكنولوجي و الإدراك الكامل بخيوط اللعبة واطرافها .
وللموضوع جوانب متفرقة تتشابك معه جزريا كالاستخدام الآمن للإنترنت وأمن المعلومات والالمام الجيد بالاستراتيجيات وموجبات الأمن القومي للحفاظ علي بلادنا وحمايتها .