تحسين أقتصاديات شركات القطاع العام البترولى ورفع كفاءة أدائها ، أحد محاور مشروع تطوير وتحديث القطاع ، حيث تقوم هذه الشركات بدور أساسي فى حل المشاكل الأقتصادية، إلا أن البعض يرى أن هذه الشركات أصبحت تمثل عبئا على الدولة فى ظل النظام الرأسمالي الإستثماري، وبالتالى يجب على الدولة قبل أن يتفاقم الوضع النظر إلى هذه الشركات نظرة موضوعية .
وتتمتع شركات القطاع العام البترولى بالشخصية الاعتبارية والميزانية المستقلة ، إلا أنها تخضع للمجلس التنفيذى للهيئة العامة ، والذى بدوره يسأل أمام الوزير الذى يسأل هو الآخر أمام مجلس النواب، وكل منهم يريد أرضاء من يسأل أمامه، حتى أصبح أداء الشركات يغلب عليه الروتين والبيروقراطية والهروب من المسئولية والاهتمام والتمسك بالشكليات .
وأبرز الصور الشكلية لهذه الشركات أن مجلس إدارتها هو المسئول عن تطوير العملية الإنتاجية وحسن سير العمل من النواحي الإدارية والمالية والإنتاجية ، وهو ما يعنى أن مجلس الإدارة يتوقف عليه نجاح الشركة أو فشلها، إلا أن التطبيق العملي يختلف تماما باعتبارها مجالس بلا صلاحيات ويغلب عليها الأداء الحكومى .
ووفقاً للهدف من تأسيس شركات القطاع العام وهو تحقيق الربح وفى نفس الوقت تحقيق الخدمات العامة التى يتطلبها المجتمع من خلال احتكار الدولة تحديد أسعار المنتجات البترولية ، وهو ما أثر على أداء الشركات عقب تحرير أسعار الصرف للعملات الأجنبية ، وهبوط الإنتاج نتيجة عدم تجديد الآلات والمعدات بما يواكب التطورات الحديثة لارتفاع فاتورة التكاليف .
ولا تعبر أرباح الشركات عن حسن إدارتها أو عن كفاءتها ، فليس المقصود هنا بالربح أنه الدخل مطروحا من قيمة الأموال المستغلة فى عمليات الإنتاج ، بل يدخل فيها الأستهلاكات المادية لأدوات الإنتاج والطاقة البشرية المستخدمة ، أضف إلى ذلك الالتزام بالأسعار المفروضة و التى يجب أن تساير السياسة العامة شركات الدعم المجتمعى و التى يصعب مقارنتها بالشركات المشتركة والخاصة والاستثمارية فى المعاملات الإدارية والمالية .
أضف إلى ما سبق أن شركات القطاع العام مازالت على الرغم من تطبيق برنامج ترشيد النفقات ، إلا أن الاحتفالات والزيارات والأستقبالات والمؤتمرات مستمرة وينفق عليها مبالغ مالية كبيرة هى فى أشد الحاجة إليها فنيا وانتاجيا !!
بل هناك شركات تتوسع فى تقديم الخدمات الاجتماعية بشكل مبالغ فيه ، وكلها أعباء مالية على الشركات التى لا تحقق أرباحا، إلا أنها تتمتع بحق الحصول على القروض البنكية للاستمرار فى نشاطها الذى لا يحقق ربحا !!
ولعل أبرز العيوب الإدارية التى أصابت شركات القطاع العام خلال الفترة الماضية ، أن المراكز الرئيسية فى الشركات يتولاها من لا يتوفر فيهم الكفاءة العلمية و التى يتطلبها حسن العمل وتطوره ..
والسبب في ذلك أن معيار الأختيار يتوقف على مدى أرضاء المرؤسين للرؤساء ، أى أن الأختيار يتوقف على الثقة والولاء ، لذلك طغت المصالح الشخصية الفردية على حساب المصلحة العامة ، وأصبحت المحاباة والمحسوبية والوساطة المعيار العام للأختيارات !!!
وقد ساهمت العيوب السابقة فى تفشى الروتين والبيروقراطية وجرائم المال العام الرشوة والاختلاسات والتزوير والإهمال وتبديد المال العام ، فى ظل ضعف سلطة الإشراف والمتابعة نتيجة اتساع نطاق سلطتها تشعر بالاضمحلال الإشرافى !!
من أين يبدأ محور تطوير وتحديث شركات القطاع العام ؟؟
يجب إيجاد آلية إصلاحية حقيقية من خلال تشريعات قانونية جديدة وقرارات تنفيذية تتفق ورؤية التطوير والنظر إلى الإنتاج مع ربطه بالأجر ، واتباع نظام مالى وادارى يتجنب الأسلوب النمطى للعمل الحكومى ..