مرت صناعة الغاز الطبيعى natural gas , بمراحل مشابهة لصناعة البترول وأهمها أحتكار الشركات الأمريكية صناعته ، باعتباره أحد أهم مصادر الطاقة الآمنة أو البديلة عن المحروقات ذات الكفاءة العالية ، ويتواجد الغاز الطبيعى تحت مستوى المياه العميقة أو مصاحبا لخام البترول .
وتهتم الشركات الأمريكية بصناعة البترول على حساب صناعة الغاز الطبيعى ، فكانت الشركات الأمريكية تقوم بأحراقه لعدم وجود أسواق أستهلاكية قريبة من الحقول المنتجة ، أو القيام بأعادة حقنه فى الآبار لرفع الضغط فيها وتحسين معامل الأستخلاص .
ومع نهاية عشرينات القرن الماضي نفذت الشركات الأمريكية مشروع أول خط ( أنبوب ) مصنوع من الصلب الملحوم كهربائيا بدون وجود دروز ( عقد ) ، وترتب على ذلك تطور صناعة الغاز الطبيعى ودخولها إلى جوار صناعة البترول فى ظل إطار استثمارى واحد .
وكلما زادت خطوط نقل الغاز الطبيعى تتوسع الشركات الأجنبية فى عمليات التنمية التى تعد وبحق أهم مراحل الصناعة أو مرحلة النضج الأستثمارى .
ويتم توريد الغاز الطبيعى المنتج من الآبار عبر الخطوط ومحطات الضواغط حسب طول الخط إلى الأسواق المستهلكة للغاز مثال محطات الكهرباء، فلا يمكن تخزين الغاز الطبيعى فى صورته الغازية ، لذلك تحرص الدول المصدرة للغاز الطبيعي على النص فى عقود توريد الغاز على الإلتزام بدفع قيمه ما تعجز عن شرائه ، وهو ما يعرف بشرط أستلم أو أدفع، Take or pay لأن الغاز الطبيعى من خصائصه أنه يفقد قيمته فى حاله عدم أنتاجه !!
لأن بقاءه فى الحقل يعنى التراخي حتى النضوب ، ومن ثم تتأكل قيمته الحالية pv إلى ما يقرب من الصفر ، وهو المبرر الذى على أساسه تستند الشركات المنتجة للنص فى عقودها على شرط أستلام الكمية المتفق على توريدها أو دفع قيمتها .
ومع تحول أستراتيجيات أمن الطاقة فى العالم وأدراك دول الغرب الأوروبى حرص الشركات الأمريكية على أمتلاك أكبر قدر ممكن من خام البترول وأحتياطياته المؤكدة فى جميع قارات العالم ، وخلال الفترة الماضية زاد عدد الاكتشافات الغازية فى البحر الأبيض المتوسط فى مصر وقبرص وإسرائيل والوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتى من الغاز ، والتفكير فى التوسع الإستثماري والاستراتيجية المصرية للتحول إلى مركز أقليمى لتداول الغاز الطبيعى بما تمتلكه من قدرات تؤهلها لذلك ، من خلال الشبكة القومية للغازات الطبيعية ( المناورة ) ، وبنية تحتية حديثة ووحدات لأسالة الغاز فى دمياط وادكو، ومع صدور قانون تنظيم أنشطة سوق الغاز الطبيعى الذى فتح المجال للقطاع الخاص الأستثمار فى مجال الغاز الطبيعى، وهو القانون الذى يشجع الشركات الخاصة والاستثمارية على العمل فى سوق الغاز الطبيعى ، وكيف تربح مليار دولار من سوق الغاز الطبيعى المصرى ؟؟
وتدور خطط الشركات الأجنبية العاملة فى مصر وقبرص وإسرائيل حول عمليات التنمية ووجود أسواق قريبة تستوعب زيادات الإنتاج اليومى من الحقول ، ورغبة كل دولة فى الإستفادة القصوى من خلال تصدير الغاز الطبيعى .
وتمتلك مصر ميزة عن قبرص وإسرائيل وهى امتلاك ثلاث وحدات اسالة الغاز فى دمياط وادكو، وهو ما يؤهل مصر لأن تكون مركزا إقليميا لتداول الغاز الطبيعى المسال lng , حيث يتم تحويل الغاز الطبيعى إلى مسال ٩٠% غاز الميثان إلى الحالة السائلة تحت ظروف قاسية ودرجات حرارة تصل إلى ١٦٢٠ درجة مئوية ، ويتمثل حجم الغاز المسال بالنسبة إلى الغاز الطبيعى ١/ ٦٠٠ !!
وتحتل دولة قطر المرتبة الأولى عالميا فى إنتاج الغاز المسال من خلال مجمع الأسالة بمدينة رأس لفان الصناعية ، ويعتمد الأقتصاد القطرى على عمليات بيع الغاز المسال عبر موانيها بواسطة ناقلات الغاز المسال .
ونفس الأمر بالنسبة لدولة الجزائر التى يعتمد اقتصادها على مجمع الأسالة أرزيو ، وهما من أكثر الدول المتضررة من تطور صناعة الغاز الطبيعى المصرى وعدم اعتماد مصر على الغاز المسال من قطر أو الجزائر !!
وتوجد ثلاث صور لعقود توريد الغاز المسال وهى :-
١- عقد fob وبموجبه يتحمل المشترى تكاليف النقل والتسليم من مصنع الاسالة .
٢-عقد delivery ex ship
وبموجبه يتحمل البائع تكلفة الشحن والتسليم إلى المشترى .
٣- عقد cif ولا يختلف عن الصورة السابقة إلا فى تحمل المشترى التأمين وتبعة المخاطر .
ويترتب على ذلك ضرورة التوسع فى استثمارات الغاز المسال لتدعيم استراتيجية أمن الطاقة فى الشرق الأوسط ، وإنشاء وحدات اسالة فى مدينتى بورسعيد والإسكندرية ، ومستودعات جديدة ، وناقلات غاز مسال من أجل تحقيق التنمية المستدامة فى عام ٢٠٣٠ .
وفى ظل تنامى الاكتشافات وزيادة الإستثمارات والإعلان خلال مؤتمر الطاقة العربى الحادى عشر بالمغرب عن احتياطيات العالم من الغاز الطبيعي ١٩٦.٨ تريليون متر مكعب من الغاز ، احتياطيات مصر منها ١.٩٦ تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعى ، وهو ما يدفع إلى ضرورة أن تصبح مصر أفضل تاجر للغاز الطبيعي على مستوى العالم سواء بالتصدير أو الاستيراد والتسييل ، ومواجهة التحديات المتمثلة فى تدعيم الإرهاب المنظم والمدعوم من النظام القطرى لإفشال مشروع التنمية المستدامة .