المعنى الحقيقى لعملية التغيير ليست فقط تغيير الأشخاص وإنما فى تغيير المنظومة التى يتحرك داخلها أو على قمتها هؤلاء الأشخاص ، بما يعنى ضرورة إدارة أجهزة الدولة ومؤسساتها بشكل مختلف عما كان سابقا .
الكثير من العاملين بشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام يتمنون أن تشعر الحكومة بالتغييرات الزمنية التى لحقت بقيمة العملة عند إقرار أى صرف مالى لهم ، إلا أن هناك آراء مختلفة حول المسألة لإقرار زيادات مالية تتناسب مع الأسعار .
الرأى الأول يذهب إلي ان المنظومة الإنتاجية لهذه الشركات ثابتة ولا تتغير ولم يتم إجراء أى تعديل لهذه المنظومة منذ عقود ، فعلى سبيل المثال لا تحقق شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام أى أرباح حقيقية باعتبارها شركات عامة تابعة للدولة تقوم بتنفيذ الخطة العامة للدولة لصالح الهيئة العامة التابعة لها ، ويترتب على ذلك أن السنة المالية لهذه الشركات النفقات تساوى الإيرادات بل أن هناك شركات خاسرة يتم تدعيمها ماليا من جانب الهيئة العامة ، فيتم صرف أرباح اسمية فى صورة مكافأة أرباح لا علاقة لها بتغير الأسعار والأسواق لأن المنظومة الإنتاجية لم تتغير ..ليستمر نفس المنهج تطبيق نموذج المعاملة المالية زى السنة إللى فاتت وهو ما يعنى أن الجمعيات العمومية للشركات العامة وقطاع الأعمال ، جمعيات ورقية لا علاقة بالمنظومة التنفيذية الفعلية ، وبالتالى الحديث عن زيادة شهور الأرباح لا محل له لأن فكرة الربح غير موجودة وبالتالى على العاملين بهذه الشركات الرضا بالعمل فى منظومة القطاع العام وقطاع الأعمال العام !!
الرأى الثانى ، يقول أن رجل البترول قيمة ينبغي الحفاظ عليها وتقديرها حق قدرها، فلا بد أن تتوفر له سبل الحياة الكريمة التى تعلى من مكانته المجتمعية ، ولا تجعله فى حالة الحاجة وأن يمد يده ليستدين أو يبحث عن مصدر غير مشروع لتحسين حالته المالية .
المعادلة التى تحتاج إلى دراسة وحل شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام لايحققون أرباحا وعدد العمالة مرتفع فى ظل منظومة انقلب فيها الهرم الإدارى وأصبح عدد قيادات الإدارة العليا أكبر من عدد التنفيذيين ، مع وجود شكوى بعدم وجود قيادات مؤهلة للقيادة فى ظل منظومة لا تعرف أى جديد .
الجانب الاقتصادى هو الذى ينظم شئون المجتمع ، ومنذ انطلاق الرأسمالية بشقيها التجارى والصناعى جرى تصنيف النظم وفق قواعد اتخاذ القرار والأطر التى توضع وتنفذ فيها تلك القرارات ، إلا أنه لا يوجد الفريق الإدارى الذى يتمتع بقدر كبير من الشفافية بالتمسك بالقواعد الدستورية والقانونية التى كانت عليها مصر منذ عقود طويلة ، بحيث تصبح كل القواعد حصنا وشرطا لنجاح العملية الإصلاحية .
المنظومة لم تتغير من يتغير هم الأشخاص ، ووجود الإرادة الحقيقية لإحداث تغيير المنظومة يحتاج إلى إدارة كفؤ قادرة على تحويل تلك الإرادة إلى واقع تنفيذى ، والدليل مجلس النواب ، مجالس الهيئات والمؤسسات والشركات ، والمجالس العمالية والنقابية والمهنية تغيير الأشخاص فقط اما المنظومة قائمة وكأنها مقدسة ، ثقافة مابعد ثورة يوليو ٥٢ الهيمنة الثقافية للفئة الحاكمة ونجاحها فى إنتاج قيم معينة تضمن لهذه الفئة الإستمرار والبقاء تحت شعار المصلحة العامة ، وسيطرة هذه الفئة أمر طبيعى جدا طالما ان هناك فئات اجتماعية وبيروقراطية متلاحمة تدافع عن وضع الهيمنة والسيطرة للفئة الفاسدة التى تحرص على محاربة أى فكرة لإصلاح المنظومة التى لا علاقة لها بالأشخاص .
وللأسف الشديد فى كل قضية مهمة ، يظهر من يحاول أن يصرفنا عن بحث جذورها إلى الجدل حول قشورها ، وأن تترك ما يتعلق بمسئوليتنا عنها ، إلى الاختلاف حول ما ليس لنا به شأن ، يجب التفكير فى إصلاح منظومة العمل والإنتاج .
ومن هنا لا يسعنى إلا أن أؤكد مجددا شدة احترامى واعزازى بالمهندس طارق الملا وزير البترول أحد أهم وزراء البترول المصريين الذين يتميزون بالنزاهة والشفافية ، والذى يلمس الحالة عن قرب إلا أن المنظومة تفرض نظامها .
لمتابعة موقع المستقبل البترولي يرجى الدخول على الرابط التالي: