للاعلان

Mon,25 Nov 2024

عثمان علام

رؤيا الشعراوي وعبد الناصر والأزهر!

رؤيا الشعراوي وعبد الناصر والأزهر!

الكاتب : عثمان علام |

07:06 pm 23/07/2018

| رأي

| 2866


أقرأ أيضا: Test

 احمد رفعت 

في كتابه "الشيخ الشعراوي وفتاوي العصر" يورد الكاتب الصحفي محمود فوزي نص الرثاء الذي كتبه أمام الدعاة محمد متولي الشعراوي في الزعيم جمال عبد الناصر عند رحيله عام 1970 والذي جاء فيه:

"قد مات جمال وليس بعجيب أن يموت، فالناس كلهم يموتون ولكن العجيب وهو ميت أن يعيش معنا، وقليل من الأحياء يعيشون، وخير الموت ألا يغيب المفقود، وشر الحياة الموت في مقبرة الوجود، وليس بالأربعين ينتهى الحداد على الثائر المثير، والملهم الملهم والقائد الحتم، والزعيم بلا زعم، ولو على قدره يكون الحداد لتخطى الميعاد إلى نهاية الآباد" 

ثم يقول شعرا من نظمه جاء فيه:

حييتها ثورة كالنار عارمة.. ومصر بين محبور ومرتعد

شبت توزع بالقسطاط جذوتها.. فالشعب للنور والطغيان للهب"!

وقبل أن يختتم الإمام مقالته دعا للزعيم فقال:

"اللهم اجعل لطفك في قضائك رحمة واسعة، ونعيما مقيما لعبدك جمال الذي جعلت مطلعه من فلسطين ومغربه في فلسطين، ونسألك يارب أن تقر روحه في الخلود بتحريرها من خنازير البشر، وأن توفقنا في إتمام ما خطط له البطل الراحل من الآمال، وحدة عروبة وتمكين إسلام، وسلام إنسانية، وأسألك ياربى أن تجزيه الجزاء الأوفى على ما قدم لإسلامك من شيوع، وتثبيت وانتشار وإعلام، وعما صنعه في الأزهر الذي تطور به ليتطور مع الحياة وليجعل منه بحق منارة الدين وحملة رسالة الله"!

المقال وكل مقالات كتاب وأدباء وصحفيو هذه الفترة موجود في صحف قديمة قبل يصنعوا لأنفسهم بطولات وهمية، وقبل أن ينشر محمود فوزي مقال الإمام، لكن مرت الأيام وتبدلت الأمور وخرج الإخوان من السجن، وبدأ الإقطاعيون القدامي يتطلعون لثرواتهم القديمة التي باتت في ذمة الفلاحين الغلابة، فتحالف الجميع ليشنوا ضد عبد الناصر أسوأ وأطول حملة ضد رجل رحل في التاريخ، وظفت فيها المساجد وشرائط الكاسيت والصحف والكتب والسينما وكل ما تيسر من أدوات للهجوم عليه، بينما اكتفي من استفادوا من الثورة وزعيمها بالفرجة حتى ضاعت مكاسبهم بل حتى ضاعت ثروة مصر كلها، وبيعت في الخصخصة فيما بعد، بينما وتأثر الشيخ الشعراوي بالحملة حتى انتقد قانون تطوير الأزهر ووصفه بأنه خرب الأزهر-كما يقول الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر اليوم - كان رأي عبد الناصر أن العصر وتطوره يتطلب أن يتخرج الطبيب والمهندس والعالم المسلم، ولا تقتصر الدراسة على العلوم الشرعية فقط.. خصوصا وأن اعتماد دول عديدة على خريجي الأزهر في الدعوة بعد تحرر دول عديدة يتطلب أن يجدد الأزهر مناهجه ويتحصن بالعلم!

مرت الأيام وسجل الناس على إمام الدعاة موقفه حتى جاء العام 1995 ويتصل الشيخ الشعراوي أو مساعدوه بمندوبي الصحف ليلحقوا به على عجل إلى ضريح عبد الناصر في مسجده بمنشية البكري، وهناك قرأ الفاتحة وتوقف عند القبر يخاطب الزعيم ويعتذر منه ويدعو له، وقال للصحفيين والمصورين الذين سجلوا وصوروا الزيارة: "لقد أتاني عبد الناصر في المنام ومعه صبي صغير وفتاة صغيرة والصبي ممسكًا بمسطرة هندسية كبيرة والبنت تمسك سماعة طبيب، ويقول لي: ألم يكن لدى حق أيها الشيخ؟ فقلت له بلي يا عبدالناصر أصبت أنت وأخطأت أنا"!

كثيرون انطلق الدمع من أعينهم بعد نشر خبر الزيارة في اليوم التالي، وخصوصا في الأهرام التي أفردت مساحة للخبر، فلم يستنكف الشيخ الجليل أن يعلن الرؤيا بل خشي من كتمانها، وفسرها أيضا وهو العالم الجليل الذي ختم حياته بشهادة الحق بعد رؤيا أدرك أنها من السماء، وآثر أن يكون اعتذاره علنيا كما كان انتقاده علنيا، وبعدها لقي ربه راضيا مرضيا !

رحم الله إمام الدعاة الأواب المتواضع، ورحم الله من جدد شباب الأزهر، ووضعه على طريق التحديث وعلوم العصر!

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟