وافق مجلس الوزراء فى إجتماعه المنعقد بتاريخ ٢٩ / ١٢ / ٢٠١٦ ، على إتفاقية ترسيم الحدود البحرية الشرقية بين مصر والمملكة العربية السعودية والتى تم توقيعها بين الدولتين بتاريخ ١٨ إبريل الماضى !!وأحالتها إلى مجلس النواب وفقا للأجراءات الدستورية المعمول بها في ذلك الشأن . وخلال الفترة من ١٨ إبريل حتى ٢٩ ديسمبر ، وقعت بعض الأحداث المتعلقة بالأتفاق المصرى السعودى ، كان أولها إقرار مجلس الشورى السعودي للاتفاقية !! وتم الطعن أمام محكمة القضاء الإداري على قرار الترسيم باعتباره قرار إدارى يجوز الطعن عليه ، بالإضافة إلى أن إقرار الإتفاق يدخل جزيرتى تيران وصنافير للسيادة السعودية ،لأن قرار الترسيم يرتبط بتحديد المناطق الاقتصادية للدولتين ، ويترتب على قرار الترسيم قدرة الدولتين على إستغلال المنطقة البحرية فيما يتعلق بالاستثمارات عقب دخول الإتفاقية حيز التنفيذ !!ويذهب البعض من أصحاب الرأى إلى أن الإتفاق المصرى السعودى المبرم فى إبريل هو تحالف إستراتيجي عميق بين الدولتين للحفاظ على المصالح المشتركة عقب التحولات الإقليمية والدولية ، فالأطار العام للأتفاق هو ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين ، دخول تيران وصنافير للسيادة السعودية ، الربط البرى من خلال الجسر الذى يربط بين مصر والمملكة وقاعدته جزيرة صنافير !! ومن نتائج الإتفاق قيام المملكة بتمويل توريد ٧٠٠ الف طن من المنتجات البترولية الخفيفة البنزين والسولار شهريا ولمدة خمس سنوات تقوم على تنفيذه شركة أرامكو السعودية ، بالإضافة إلى تحول الإستثمارات السعودية فى إتجاه مصر وأوروبا وهو مايغير الخريطة الإقتصادية لدول الخليج والشرق الأوسط !!وقضت محكمة القضاء الإداري فى يونيو وقف قرار ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية لأنه يترتب عليه اقتطاع جزء من الإقليم المصرى هو جزيرتي تيران وصنافير ، واعتبرت المحكمة قرار رئيس الجمهورية قرار إدارى حتى لو ارتبط الأمر بأتفاقية دولية !! ووفقا لإجراءات التقاضى دخلت القضية نفق السلطة القضائية من الباب الواسع فقد أصدرت محكمة الأمور المستعجلة حكم بسيادية قرار الترسيم ، والطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا ومازالت أمام دائرة فحص الطعون والسبب التغيير في دوائر المجلس ورد هيئة المحكمة ، ودخلت القضية حوزة المحكمة الدستورية العليا باعتبارها منازعة تنفيذ ، ويصدر فى منتصف يناير المقبل حكم من الإدارية العليا حول حكم محكمة القضاء الإداري !! إلا أن قرار مجلس الوزراء بإحالة الإتفاقية للبرلمان يعنى الأصطدام بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية ، و التى تنصب على المادة ١٠٠ من الدستور ، و التى تنص على أن تصدر الأحكام وتنفذ بأسم الشعب ، وتكفل الدولة وسائل تنفيذها على النحو الذي ينظمه القانون .ويكون الأمتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين ، جريمة يعاقب عليها القانون ، وللمحكوم له فى هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة . وعلى النيابة العامة بناء على طلب المحكوم له ، تحريك الدعوى الجنائية ضد الموظف الممتنع عن تنفيذ الحكم أو المتسبب في تعطيله ..!!فماذا يحدث لو صدر حكم نهائى من المحكمة الإدارية العليا بتأييد حكم محكمة القضاء الإداري فيما يتعلق بوقف قرار ترسيم الحدود ؟؟أى أن النتيجة هى أزمة دستورية بسبب عدم جدوى الأحكام القضائية ، وقد تم النص فى الدستور على أن عدم تنفيذ أحكام القضاء والتدخل في شئون العدالة أو القضايا ، جريمة لا تسقط بالتقادم . وهو ما يعنى إمكانية ملاحقة أشخاص من السلطة التنفيذية مستقبلا !!وهو مايسرى أيضا على مجلس النواب الذى أحيلت له أمس إتفاقية ترسيم الحدود البحرية بموجب الإجراءات المنصوص عليها فى المادة ١٥١ من الدستور الصادر في ٢٠١٤ ، و التى تنص على أن يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية ، ويبرم المعاهدات ، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب ، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقا لأحكام الدستور .ويجب دعوة الناخبين للأستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة ، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة .وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور ، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة !!!ومنذ توقيع اتفاقية ترسيم الحدود فى ١٨ إبريل حتى الآن كافة النتائج التي ستصل إليها أى سلطة من السلطات الثلاثة ستوصف بالتدخل والاعتداء على استقلال كل سلطة ، وبالتالى الحالة الراهنة تمثل أزمة دستورية فى حاجة إلى اللجوء للشعب فهو صاحب السيادة وحده ، يمارسها ويحميها ، وهو مصدر السلطات ، ويصون وحدته الوطنية التى تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين وفقا لنص المادة الرابعة من الدستور المصرى !!فلا بديل عن التطبيق الحرفى لنص المادة ١٥١ من الدستور ، موافقة البرلمان على الإتفاقية إذا لم يكن هناك تدخلا من جانب السلطة القضائية ، وبالتالى موافقة أو عدم موافقة البرلمان على الإتفاقية أصبح عديم الجدوى ، ولا بديل عن الإستفتاء !!مرت العلاقة المصرية السعودية خلال الفترة الماضية منذ ثورة يونيو ٢٠١٣ ، والعلاقة القوية والدعم المستمر من جانب المملكة العربية السعودية لثورة الشعب ضد حكم الإخوان ، ومنذ صدور حكم محكمة القضاء الإداري بوقف الإتفاقية والعلاقة بين البلدين يشوبها التوتر وعدم وضوح الرؤية وتحركات مستمرة ، وتفعيل الإتفاقية يرتبط بحقوق السيادة فى المنطقة الاقتصادية البحرية عقب قرار الترسيم ونتائج ذلك على العلاقات بين البلدين !!فيجب دعوة الناخبين للأستفتاء العام الشعبى على التحالف المصري السعودى ومايترتب على ذلك من نتائج فى الكثير من المجالات الاستثمارية المتنوعة ، وعلى الشعب المصري الذى أصبح يجيد الحديث فى السياسة ان يحدد مسار العلاقات بين الدولتين ، ( نعم ) ( لا ) ، فالعلاقة ليست تيران وصنافير والجسر البرى ، واتفاق أرامكو ،والعمالة المصرية بالمملكة ، والسفر إلى المملكة لأداء فريضة الحج والعمرة عن طريق الجسر البرى ، فالاتفاق المصرى السعودى علاقة شاملة تحتاج إلى الشعب ليقول كلمته !!وبلا مبررات تزيد من حدة الازمة الدستورية بين السلطات فيما يتعلق بالعلاقة المصرية السعودية ، فلم يعد مقبول ان تحدد اى سلطة صورة العلاقة عقب التضارب بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية ودخول البرلمان فى الازمة عقب قرار مجلس الوزراء بإحالة الإتفاقية للبرلمان .لشعب هو صاحب القرار الأول والأخير بموجب المادة ١٥١ من الدستور والتى يجب تطبيقها حرفيا ، فالاجراءات التى سيطبقها البرلمان تمثل انتهاكا لأحكام القضاء لأن مجلس النواب مخاطب باحترام أحكام القضاء وبالتالى الإجراءات ليست طبيعية وهو مايقتضى الإستفتاء على الإتفاقية !!وحتى لو أصدر القضاء الإداري حكما فى منتصف يناير المقبل بسيادية قرار الترسيم ، وعدم خضوعه لرقابة القضاء وأن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة صحيحة ، فلا بديل أيضا عن الإستفتاء حتى لو أقر القضاء بذلك ، لأنه منذ صدور قرار إحالة مجلس الوزراء للاتفاقية للبرلمان ، دخلت الإتفاقية فى حوزة الشعب ، فلا يمكن أن يكون الوضع الدستورى الحالى قائم على حكم قضائي بإسم الشعب ، أو تصديق البرلمان ممثل الشعب ، أو قرار تنفيذى سيادى من السلطة التنفيذية !!
الإستفتاء !!!!!
* هل توافق على إتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية الموقعة فى ١٨ إبريل ٢٠١٦ ؟