بعد أن أربكت توترات سوق النفط العالمية الموازنة العامة لمصر عن العام المالي 2018-2019 وزادت الأعباء على الميزان التجاري، تأتي أوبك بقرار زيادة الإنتاج لتخفف من تأثير ضغوط عجز الموازنة.
وكان ارتفاع أسعار النفط العالمية أثار المخاوف حول عجز الموازنة المصرية للعام المالي الذي سيبدأ خلال أيام، وذلك بعد تخطي سعر البرميل 80 دولاراً عقب قرار الولايات المتحدة الأمريكية بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران والذي يعني تهديد حصة الأخيرة من الانتاج العالمي وصعوبة تسويقه في ظل عقوبات تسعى واشنطن لفرضها على طهران.
وفي الجمعة الماضية، وافقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجون كبار آخرون في اجتماع في فيينا على زيادة الإنتاج بدءا من يوليو المقبل بحوالي مليون برميل يوميا.
وكانت وزارة المالية المصرية كشفت في البيان المالي التمهيدي للموازنة العامة للعام المالي 2018-2019، أن زيادة سعر برميل النفط بقيمة دولار واحد عن التقديرات المفروضة والبالغة 67 دولارا للبرميل، سيزيد العجز الكلي بمقدار 4 مليارات جنيه.
ووفقا لتقديرات الخبراء من المحتمل أن يتراوح سعر برميل النفط بين 66و70دولارا للبرميل خلال العام 2018، ما يعني احتمالية تقليص عجز موازنة مصر بما يتراوح بين 40 و52 مليار جنيه للعام المالي 2018-2019.
انخفاض أسعار النفط
قال محمود المصري محلل الاقتصاد الكلي في بحوث فاروس إن قرار زيادة الإنتاج بين أوبك وروسيا من شأنه خفض أسعار النفط بما يتوافق مع الموازنة العامة لمصر للعام المالي المقبل.
وأوضح محلل فاروس أنه في حالة تنفيذ زيادة الانتاج لكلا من روسيا وأوبك بنحو 2 مليون برميل يومياً من شأنه خفض سعر البرميل إلى 66 دولار وهو ما أقرته مصر في الموازنة مما يخفف من مخاطر التغيرات العالمية التي قد تؤثر على الموازنة العامة لمصر.
وتابع: أما في حالة زيادة إنتاج أوبك فقط قد يتراجع سعر البرميل إلى مستويات الـ70 دولار مما ينعكس إيجابياً أيضاً على موازنة مصر وعجزها.
بحسب مشروع الموازنة، يؤدي ارتفاع سعر البرميل بنحو دولار واحد إلى تأثير سلبي على العجز الكلي، حيث من المتوقع أن يترتب عليه تدهور علاقة الخزانة مع هيئة البترول بنحو 4 مليارات جنيه، والذي يمثل 0.08% من الناتج المحلي.
وعن التحوطات التي تسعى مصر لاتخاذها من مخاطر أسعار النفط، أشار المحلل إلى أنه اتجاه إيجابي، مؤكداً إلى أن مصر بالفعل مؤمنه حتى نهاية 2018 بدعم اتفاقيات العراق والسعودية.
وكان مجلس الوزراء، وافق مطلع الشهر الحالي على قيام وزارتي المالية والبترول بالسير في إجراءات التعاقد مع أحد أو بعض البنوك العالمية للتأمين ضد مخاطر ارتفاع أسعار البترول العالمية، وبالكميات والآليات المناسبة التى سيتم الاتفاق عليها.
وتقدمت 7 شركات وبنوك عالمية متخصصة في التأمين ضد مخاطر ارتفاع أسعار البترول العالمية، لوزارة المالية بعروض لإجراء تلك الدراسات.
وأضاف المصري أن تعاقد مصر على اتفاقيات استيراد النفط مع مطلع العام المالي المقبل بعد انخفاض الأسعار يقلل من عجز الموازنة.
ونوه بأنه رغم إيجابية قرار أوبك إلا أنه من الممكن حدوث خلل أخر في الاجتماع المقبل والمزمع انعقاده في ديسمبر 2018.
تأثير إيجابي محدود
قالت اسراء أحمد، محلل الاقتصاد الكلي في بحوث مباشر إن اتفاق منتجي النفط (الأوبك وروسيا) على زيادة الإنتاج نسبياً من الممكن أن ينعكس على أسعار النفط في المدى المتوسط.
وأوضحت محلل الاقتصاد الكلي أن أي انخفاض في أسعار النفط يعتبر ذا أثر إيجابي لمصر لاعتمادها على استيراده بشكل كبير، لافتة إلى أن انخفاض أسعار النفط تحد من الضغط على الميزان التجاري من خلال الواردات البترولية، وكذلك الضغط على عجز الموازنة من خلال بند دعم المحروقات.
وأكدت إسراء أحمد على ضرورة عدم المبالغة في توقع الأثر الإيجابي المذكور لعدة أسباب، والتي تتمثل في أن الزيادة المعلنة تعد زيادة إسمية قدرها مليون برميل، وهي ليست زيادة حرفياً وإنما هي عودة للالتزام باتفاق المنظمة بخفض الإنتاج بالقدر المحدد دون تجاوز (حيث شهدت بعض أشهر تنفيذ الاتفاق خفض الدول لانتاجها بأكثر من المتفق عليه).
وتابعت "الزيادة الفعلية في الإنتاج ستتراوح بين 600 – 700 ألف برميل يوميا وهو أقل من المعلن بحوالي 30-40%".
من ناحية أخرى، ترى محللة الاقتصاد الكلي أن التأثير الإيجابي على أسعار النفط يظل أعلى من توقعات الموازنة لسعر البرميل والمقدر 67 دولاراً خلال العام المالي 2018-19.
توازن سوق النفط
ومن جانبه قال هاني فرحات، محلل الاقتصاد الكلي بـ"سي آي كابيتال" إن قرار أوبك بزيادة انتاج النفط يشير بإعادة توازن سوق النفط عالمياً مما له تأثير إيجابي على الموازنة العامة لمصر.
وأوضح فرحات أن قرار زيادة الانتاج قد يؤدي إلى انخفاض تكاليف أسعار الطاقة بالموازنة العامة.
وكان وزير البترول والثروة المعدنية بمصر،حدد 9 آثار سلبية للارتفاعات الحالية في أسعار البترول العالمية على نظام الدعم الحالي لأسعار المحروقات.