للاعلان

Mon,25 Nov 2024

عثمان علام

محمد الباز يكتب: لماذا لا يتنازل مليارديرات مصر عن نصف ثرواتهم للدولة؟

محمد الباز يكتب: لماذا لا يتنازل مليارديرات مصر عن نصف ثرواتهم للدولة؟

الكاتب : عثمان علام |

03:42 am 29/05/2018

| رأي

| 1844


أقرأ أيضا: Test

 

- الثروة تتركز فى يد ١٠٠ أسرة.. وكبار الأغنياء ليسوا آمنين فى ظل الأزمات الاقتصادية
- أدعو لاستغلال أموال رجال الأعمال فى تمويل المشروعات وخلق مساحات جديدة للاستثمار
أعرف أن كثيرين لن يعجبهم كلامى، سيبحثون عن ألف حجة ليرفضوا ما أذهب إليه، سيفتحون كتب القانون والسياسة والمنطق والعرف وربما الفلسفة أيضًا ليقولوا من خلالها إن ما أطرحه لا عدل فيه ولا إنصاف. 
وأعرف أن كثيرين أيضًا سيريحهم جدًا طرح السؤال، الذى هو حتى الآن مجرد طرح لسؤال، ننتظر الإجابة عنه. 
لماذا لا يتنازل مليارديرات مصر عن نصف ثرواتهم للدولة؟ 
أقول إنه لا يزال حتى الآن مجرد سؤال، لأنه يمكن أن يتحول بعد قليل- شهور أو سنوات- إلى غضب يهدد أصحاب الثروات الضخمة الذين يعيشون بمعزل عن أزمات وطن عصفت به المؤامرات، وكان على وشك السقوط، لولا أن الله قيّض له رجالًا قرروا أن حياتهم ثمن بقائه، ولم يبخلوا عليه بأرواحهم ليظل رأسه مرفوعًا وكرامته مصانة. 
هل تريدون الصدق؟ 
أنا لا أطرح هنا سؤالًا عابرًا، لأننى ببساطة أعرف الإجابة عنه. 
سيقول أصحاب المليارات والملايين إن هذه أموالنا، جمعناها من عملنا وعرقنا ومجهودنا، وهذا حق كله. 
سيقولون أيضًا إنه لا يوجد قانون يجبرهم على التنازل عن أموالهم بإرادتهم أو حتى دون إرادتهم، ولو حدث هذا، نكون أمام سطو كامل على أموال الناس، وهذا أيضًا حق كله. 
سيقولون إنهم يفعلون الخير، ويتبرعون لصندوق «تحيا مصر» والمستشفيات التى تعالج الفقراء، هذا غير ما ينفقونه من أموالهم فى السر، لأنهم لا يرغبون أن يطّلع الناس على ما يفعلونه.. وهذا أيضًا حق. 
لن أتوقف كثيرًا أمام ما يقولونه، فهو رغم منطقيته إلا أنه كلام تقليدى جدًا يصلح لأن يقال فى الظروف الطبيعية، لكن ولأننا فى مصر الآن نعيش ظروفًا استثنائية، فهو كلام غير مقبول، وبالنسبة لنا لن يقدم أو يؤخر. 
لا يمكننا أن نجزم بأعداد المليارديرات فى مصر، لكن يمكن أن نعتمد على تقرير «فوربس» الصادر فى بدايات ٢٠١٨ قليلًا، فقائمة أثرياء العالم تضم من العالم العربى ٣١ ثريًا، بثروة إجمالية تصل إلى ٧٦ مليار دولار. 
طبقا لـ«فوربس» أيضًا فإن رجل الأعمال المصرى ناصف ساويرس يتصدر قائمة الأثرياء العرب بثروة قدرها ٦.٦ مليار دولار، وفى الوقت الذى تتصدر فيه الإمارات ولبنان، من حيث عدد الأثرياء العرب فى القائمة العالمية، بـ٧ أثرياء لكل منهما، فإن مصر تأتى فى المرتبة التالية، بـ٦ مليارديرات. 
تقرير «فوربس» لـ٢٠١٨ لم يُشر إلى حجم ثروة المليارديرات المصريين الستة، لكن فى ٢٠١٦ كان هناك رقم محدد لهذه الثروة، وهو ١٤.٢ مليار دولار، وأعتقد أن هذا الرقم قد يكون زاد الآن ولو قليلًا. 
٦ أفراد فقط يمتلكون ١٤.٢ مليار دولار بتقدير ٢٠١٦، ولا يحتاج الأمر لقوائم أخرى لنعرف أن مصر ليس بها آلاف المليونيرات، بل ملايين المليونيرات، وما يملك هؤلاء من ثروة مؤكد أنه رقم خيالى، خاصة أن هناك أموالًا «مخفية» فى مصر لا يعرف أحد عنها شيئًا. 
إلى كل هؤلاء أحمل دعوة محددة، وهى أن يتنازلوا طواعية عن نصف ثرواتهم للدولة.
لا أدعو هنا لتدخل من قبل أجهزة رقابية أو سيادية، رغم أن تدخلها يمكن أن يحسم الأمر فى ساعات. 
ولا أدعو مجلس النواب لسن تشريع بشأن الثروات، ويمكن للبرلمان أن يفعل الكثير. 
ولن أركن إلى استجداء أصحاب الثروات الطائلة، من خلال إعلانات وأغانٍ وأطفال مرضى ونساء ثكلى وفقراء لا يقدرون على صلب أعوادهم من القهر وقلة الحيلة. 
ولكنها دعوة جادة لأن يقدموا نصف ثرواتهم بشكل جدّى للدولة، ولن أقول لهم إنهم بذلك ينقذونها أو يمدون أيديهم إلى الفقراء، هم فى الحقيقة ينقذون أنفسهم، ليس بالمنطق الدينى بأنهم سيطهرون ثرواتهم بما يفعلون، ولكن بالمنطق البراجماتى البحت، فثروات هؤلاء ليست فى أمان فى ظل الأزمات الاقتصادية الخانقة التى تعتصر رجل الشارع. 
أعرف رجال أعمال كثيرين يتحدثون بالساعات عن خطايا الحكومة الاقتصادية، ويتهمونها بأنها قادت البلد إلى طريق مسدود، وأنهم يملكون حلولًا جاهزة وسريعة للإنقاذ، لكن فى النهاية كل ما يقولونه كلام، ولو أنهم فى مواقع المسئولية، فلن يفعلوا أكثر مما تفعله الحكومة، فى وطن هناك من يتآمر عليه ليل نهار لتركيعه وإذلاله وإخضاعه. 
لا أريد لأموال المليارديرات وغيرهم، التى سيتنازلون عنها، أن تدخل خزانة الدولة، ولكن أريد لها أن تتحول إلى مصدر لتمويل مشروعات وتخلق مساحات استثمار، فليس منطقيًا ولا عادلًا أن تتركز الثروة فى يد ١٠٠ أسرة على أكثر تقدير، ثم يعيش بجوارهم من يعملون ويتعاملون معهم، وبعد ذلك يظل الشعب كله يعانى لأنه لا يستطيع أن يوفر احتياجاته الأساسية، ولو فعل ذلك فهو مضطر لأن يبذل جهدًا خارقًا. 
لقد كشفت شاشة رمضان أن الأوضاع فى مصر هزلية إلى حد كبير. 
ففى الوقت الذى تحاصرنا فيه إعلانات عن منتجعات وفنادق وشقق بملايين الدولارات، تجد مستشفيات الدولة تستجدى وتطلب التبرع حتى لا يموت الناس بسبب نقص الإمكانيات، والغريب أن هذه الإعلانات تتجاور، وتمر بجوار بعضها البعض، ولا أدرى هل يطمئن الأثرياء على أنفسهم وأموالهم وممتلكاتهم بعد أن تترسخ فى أذهان الفقراء صورة لكيف يعيش هؤلاء وأين؟ 
إننى لا أحرض أحدًا على أحد، ولكننى أرى خطرًا، لأن الأزمة الاقتصادية التى تعيشها مصر الآن تنزل كل يوم بفئات وجماعات وأفراد إلى مناطق الفقر والعوز والحاجة، وأعتقد أن الأمر لا يجب أن يستمر هكذا إلى الأبد. 
ستقولون إن هذه قوانين الله، الذى جعل الناس بعضهم فوق بعض درجات، سأقول لكم إن قانون الله الأسمى هو العدل، بعده تأتى كل القوانين، بل يمكن للعدل إذا تمكن من الأرض أن يلغى قوانين أخرى وضعها الله بين الناس. 
ليس معقولًا أن تكون الدولة فقيرة بهذا الشكل، ويكون بعض من الشعب غنيًا بهذا الشكل. 
قد يتحجج أصحاب الملايين والمليارات بأن الحكومة هى التى أفقرت الدولة، فالسياسات الاقتصادية فيها بعض من خلل، وحتى لو اتفقت معك، فلن أتخلى عن دعوتى، لأن الأزمة ليست بسبب الحكومة وسياستها فقط، ولكن لأننا نخوض حربًا متصلة ضد الإرهاب، وهى الحرب التى تكلف مصر كثيرًا، ولأننا نتعرض لحرب استنزاف بهدف إرهاقنا حتى نستسلم. 
لو فكّر أصحاب المليارات فيما أقوله، لوجدوا أنهم يحمون نصف ثرواتهم بالتنازل عن النصف الآخر، فبما ستنفعهم ثرواتهم لو أن هذا الوطن انهار، أو تفككت الدولة، لن تكون لهذه الثروات أى قيمة على الإطلاق. 
ادفعوا بهذه الثروات للحفاظ على الوطن الآن، قبل أن نقف جميعًا بلا أى فرصة للاستفادة مما لدينا. 
إننى لا أطالب الأثرياء بإلقاء نصف أموالهم على الأرض أو تبديدها فيما لا فائدة منه، ولكن أدعو إلى وضعها تحت تصرف الدولة المصرية وليس فى خزائنها، حتى لا يقول أحد إننى أدعو إلى مصادرة أو تأميم. 
الحكومة بالفعل لديها خطة واضحة لترميم ما جرى خلال سنوات الفوضى التى أعقبت ٢٥ يناير، لكن هذا الترميم يحتاج دعمًا هائلًا، وليس معقولًا أن نبحث عن أموال فى الخارج، ولدينا ما يكفى أو على الأقل ما يسهم فى حل أزماتنا. 
لا أحدثكم هنا عن التفاصيل، التفاصيل سيأتى وقتها، المهم الآن هو المبدأ، وتوافق أصحاب المليارات عليه، فلو أن أحد الأثرياء بادر بالتنازل عن نصف ثروته، فإننى على يقين بأن الدولة سيكون لديها كيان مؤسسى لاستيعاب هذه الأموال. 
من السهل علينا هنا أن ننشر وبالأرقام ثروات عدد كبير من أثرياء مصر، أن نحددهم وبالأسماء- وهو ما يمكن أن نفعله فى مرحلة لاحقة بالطبع- لكننا لن نفعل ذلك الآن، لأنه ليس فى نيتنا ابتزاز الناس أو إجبارهم على ما لا يريدون، لكن ولأن الأوضاع التى تطل علينا برأسها تشير إلى أنه ليس من العقل أن يُصدِّر لنا أثرياء البلد الطرشة، أو يتعاملوا معنا بودن من طين وودن من عجين. 
إننى لا أتحدث من وحى الخيال، فعلها عبدالفتاح السيسى، تبرع بنصف ثروته إلى صندوق «تحيا مصر»، وأعتقد أنه كان يفعل ذلك حتى يفتح الطريق أمام آخرين حتى يفعلوا مثله، لكن أحدًا لم يستجب، دعا أكثر من مرة لأن يساند المصريون بلدهم، استجاب البعض، واعتصم البعض بمصالحه الخاصة الضيقة جدًا. 
الآن المطالبة شعبية.
أتحدث هنا بلسان من أعتقد أننى أمثلهم، فلن يترك المصريون أنفسهم فى مقاعد الفقر والحاجة والعوز كثيرًا، وهم يرون أمامهم من يحصدون الملايين بلا أسباب مقنعة، ومن تتراكم المليارات فى خزائنهم دون أن يقدموا شيئًا حقيقيًا للبلد. 
هذه كلمة أولى فى دعوة أعتقد أنها مهمة الآن.. لكن حتمًا ستعقبها كلمات أخرى.
أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟