ينبغى على الدولة أن تضع خططا أستراتيجية على المدى البعيد لصناعة البترول ومشتقاته، لأن الموازنة العامة للدولة أصبحت رهينة لأسعار البترول فى الأسواق العالمية وسعر صرف العملة الأجنبية الدولار، لتحتل وارداتنا من البترول خمس ١٥ الأستيراد ليتضخم بند دعم الطاقة ليذهب خمس ١٥ الأنفاق العام على هذا البند، وهو ما دفع الحكومة إلى التصريح بأن سعر برميل النفط ٨٠ دولار ، وحددت وزارة البترول متوسط سعر النفط الخام بالموازنة العامة ٦٧ دولار للبرميل ، ليكون الفارق ١٠ دولارات بين متوسط السعر بالموازنة العامة والسعر العالمى ، على الرغم أن الفارق أكثر من عشرة دولارات لأن متوسط سعر برميل النفط فى موازنة العام المالى الحالى ٥٦ دولار ..
وصرحت وزارة المالية أن زيادة سعر البرميل دولار واحد يؤدى إلى تدهور صافى علاقة الخزانة العامة مع هيئة البترول بنحو ٤ مليار جنيه ، وبالتالى زيادة عجز الموازنة العامة للدولة ، مع ضرورة الإسراع فى تحريك أسعار المنتجات البترولية محليا لسد العجز .
ولا جدال فى أحقية الحكومة فى رفع الأسعار لأى سلعة ، ولكن مع ضرورة احترام الدستور والقانون فيما يتعلق بأستقلال الموازنات العامة عن بعضها ، وبالتالى فأى زيادة فى الأجور أو المعاشات أو اسعار السلع والخدمات الرئيسية ، ترتبط بالموازنة العامة للعام المالي الجديد يوليو ٢٠١٨ .
ولعل أزمة ارتفاع أسعار النفط عالميا نتيجة نجاح خطة منظمة أوبك فى الإلتزام سقوف الإنتاج ، والعقوبات الأمريكية على إيران ، والتوترات فى فينزويلا ، وزيادة الطلب على البترول من الدول المستهلكة و التى تعانى من نقص السيولة النقدية الدولارية ، بالإضافة إلى الضغوط التى تمارسها الشركات الأمريكية الكبرى على صناعة البترول ومشتقاته فى منطقة الشرق الأوسط ، والضغط على قطاع البترول المصرى عقب التطور النوعى فى مجال الغاز الطبيعى ، فكلما زادت الاكتشافات الغازية زادت الضغوط على قطاعات إنتاج الخام ومعامل التكرير ، وهو ما جعل مصر فى مجال البترول دولة مستوردة مستهلكة فى ظل تناقص الإنتاج فى بعض الآبار .
ولكن لن تكون أزمة ارتفاع أسعار النفط مثل أزمة عام ٢٠٠٨ ، فقد استيقظ العالم على صدمة حقيقية من الارتفاع المتوالى فى أسعار النفط ، فقد وصل متوسط سعر البرميل فى يناير ٩٢ دولار ، ليرتفع ويسجل أرقاما قياسية ، فقد سجل سعر برميل النفط من خام غرب تكساس الأمريكى 138.54 دولار للبرميل فى يونيو ٢٠٠٨ ، وهو ما يعد بالفعل السعر القياسى الذى لم يبلغه برميل النفط من قبل أو بعد سواء بالقيم الأسمية أو القيم الحقيقية ..إلا أننا لم نشعر بالأزمة بل منحت وزارة المالية العاملين بالدولة علاوة اجتماعية ٣٠% من الأجرالأساسى، ولم ترتفع أسعار المنتجات البترولية بالسوق المحلية ، ولم تكن هناك تهديدات حكومية بأن ارتفاع أسعار النفط عالميا سيؤدى إلى انهيار الموازنة العامة ، فكيف عبر وزير المالية عام ٢٠٠٨ الأزمة ؟
ولعل المهندس سامح فهمى وزير البترول الأسبق ، خلال إنعقاد مؤتمر جدة للطاقة ٢٣ يونيو ٢٠٠٨ ، قال ( أقترح تكوين مجموعة عمل مشتركة لدراسة مدى إمكانية أنشاء صندوق لدعم الدول ذات المقدرة الأقتصادية المحدودة بصفة عامة وفى مواد الطاقة بصفة خاصة ، لوضع برامج لمساعدة هذه الدول ودعم خططها التنموية وتخفيف عبء فاتورة الطاقة بها ) .