منذ طرحتُ هنا فكرة «الوزير المقلب» وأنا أتلقى يومياً رسائل جادة جداً، وأصحابها مهمومون بقضايا الوطن فعلاً.. وكانت فرصة لتقييم عمل الحكومة، ما لم يكن هناك مجلس نواب يقوم بهذا التقييم، أو يوجه انتقادات، أو يمارس الأدوات الرقابية، من أول السؤال إلى تقديم الاستجواب.. وقد عدتُ إلى الأصل وهو الشعب صاحب الحق الأصيل، لعلى آتيكم بتوصيات قبل التشكيل الوزارى!.
فمعظم الرسائل واردة من خبراء، وليس مجرد قراء، يتلقون ما نقول كأنه «إملاء».. شىء رائع أن هناك من يفكر وينتقد ما نكتبه.. إما يقبله وإما يرفضه، أو يتفق ويختلف بشأنه.. وكثير منهم وضع يده على نقاط مهمة، وربما قام بتحليل عمل كل وزارة من عصر عبدالناصر إلى عصر السيسى.. وهذه هى ميزة قراء هذه الصحيفة.. وقد سعدتُ بهذا التفاعل إلى درجة التفاؤل!.
ولا أريد أن أسمّى الوزراء الآن.. سواء منهم من يستحق بوكيه ورد، أو من يستحق أن نكسر وراءه «قلة».. وأحاول أن يكون ذلك آخر الشهر.. أو حتى بعد تقييم يشمل كل الوزارات السيادية والاقتصادية والخدمية.. المهم أن نقدم ذلك للقيادة السياسية قبل إعلان التغيير الوزارى وحركة المحافظين.. وساعتها سوف ننقل رغبات جادة برحيل فلان، أو الإبقاء على الوزير علان!.
وأتوقف عند آراء تقول إن الوزير ليس كل شىء فى العمل العام، فلماذا نركز عليه وحده؟.. وهو صحيح إن كان هناك مجلس نواب يعمل.. وإن كانت هناك أحزاب سياسية لها مهمة.. وإن كانت هناك أجهزة تعى دورها ومسؤوليتها.. أما سبب التركيز على الوزير فلأنه تنفيذى يملك القرار.. ثانياً لأن السمكة تفسد من رأسها.. والوزير يمثل سلطة الحكومة، ولذا كان التركيز والاهتمام!
ربما يقول قائل إن الوزير فى مصر أصبح أضعف حلقة فى السلسلة.. فلا يملك اتخاذ قرار دون أن ترتعش يداه.. وربما، وربما.. هذا صحيح إلى حد كبير، فقد أصبح الوزراء «سكرتارية».. وبالتالى ينبغى أن يتم تقييم الوزراء على هذا الأساس.. هل نجح فى مهمته كسكرتير أم لا؟.. للأسف، لم نعد نسمع عن أسماء «رنانة»، كما كان فى عصر عبدالناصر والسادات وحتى مبارك!
وأعترف بأن الظروف قد تغيرت جداً، وأن الناس لم تعد تعرف أسماء الوزراء.. وحين يرحل الوزير لا يترك أثراً ولا بصمة فى موقعه.. وقد مرّ علينا كثيرون منذ الثورة حتى الآن، لا نعرفهم حتى كصحفيين.. فقد أصبح أهم شىء عنده أن يخرج إلى بيته لا يمسه سوء.. ثم يتعبد حتى آخر العمر، فلا يحضر مناسبة ولا يشارك برأى.. وكأنه تعاقد بعد «الوزارة» على «الصمت الرهيب»!.
وأخيراً، أكرر أن الأفكار رائعة، وأن التفاعل قد فاق توقعاتى.. بعضها يتحدث عن الوزير «الرغّاى».. وبعضها يتحدث عن «براءة الوزراء»، وأن الشعب هو من «يستحق وزراءه».. أكثرهم لا يريد أن يذكر اسمه، لأنه يمثل قيادة كبرى فى الوزارة.. ومع هذا لم أشعر بوجود شبهة الانتقام أبداً!.