انتخابات الرئاسة هذه المرة مختلفة عما كانت أيام الرئيس مبارك.. بالطبع هناك اختلاف فى الأولويات والخطط برغم الاتفاق فى العناوين مثل التنمية ورفع مستوى المعيشة والحريات والديمقراطية، فى ظل وجود نوع مختلف من التحديات، عادة ما تتضح عملية ترتيب الأولويات، بالطبع لم تصل بلدنا إلى نقطة نشعر فيها جميعا بالرضا بنسبة عالية فى حالة المقارنة مع دول تتساوى معنا فى الكثير من العناوين والظروف والإمكانيات حققت نجاحات كبيرة.
البلد أيام الرئيس مبارك مختلفة.. تحديات وتهديدات أقل، والمعركة كانت من أجل المواطن.. والأزمات الداخلية مثل الإسكان، الطرق، الديمقراطية، والمشاكل التاريخية، تعليم، صحة، وتحسين الخدمات.
العالم كان يساند مصر، حيث يرى أن قوتها أو استقرارها ضرورة لضبط إيقاع المنطقة، واعتقد أن حالة الرضا وصلت بأن الدوائر المالية العالمية كانت تتسابق لمساندة مصر.
لذا كان من المهم أن تركز الأحزاب المصرية وغيرها من القوى الموجودة للحصول على أكبر مساحة من الديمقراطية، وتسابقت الوزارات بحلول للمشاكل تتلائم مع طبيعة المرحلة.
مصر فى عهد الرئيس مبارك حققت تنمية وخطط عمل واتجهت إلى المستقبل بقوة تتوافق مع من يقود وزراء أو حكومات.
بالطبع تمتعت مصر فى تلك الفترة باستقرار سياسى انعكس على التنمية، وحاولت الدولة المصرية بكل الطرق خدمة التنمية وتأسيس نقطة انطلاق للمستقبل بتجهيز منصات انطلاق مختلفة، وتعامل المواطن مع الحكومات وقتها على أنها المسئولة رقم واحد عنه وأولاده وحياته، بل والمستقبل، حيث تخلف المواطن عن تأدية دوره كشريك فى صناعة المستقبل.
الرئيس مبارك استثمر السلام وروج لحالة البلد وجذب العالم للمساندة وفى ظل تراجع التحديات كانت السياحة وروافد أخرى داعمة بعوائدها للاستقرار، وهو ما حصن مصر ضد الأزمات الداخلية والعالمية، وآخرها 2008، وأعتقد أن الدولة وقتها حاولت بكل الطرق تحقيق حالة الرضا بضبط الأسعار وإحداث تنمية شاملة، والعدو وقتها كان فى أزمات التعليم والصحة تحديدا.
بينما تختلف الآن التحديات والأولويات لظهور تحديات لم تكن موجودة مثل تيار متشدد متنوع الأسباب رافضا لخطوات البلد فى اتجاهات التنمية، ومجموعات إرهابية متنوعة الأهداف، ورغبات متعارضة من أمريكا وإسرائيل ودول غربية، وتركيا، واستمرار القلق من توجهات قطر.
الحاله الاقتصادية عبارة عن حصار عالمى، وتجسيد منع 200 مليار دولار من الوصول لمصر من خلال السياحة بعد حادث سقوط الطائرة الروسية إثر تعرضها لعمل إرهابى بوضع عبوة ناسفة، وهو أمر أضر بمصر وبمعيشة المواطن، حيث تلعب السياحة دورا مهما فى تعزيز قدرات الاقتصاد المصرى، وتصب مواردها مباشرة فى حياة 3 ملايين من العاملين فيها، ولو دققنا النظر فى هذا الموقف وتلخص بمنع الحكومات الغربية لرعاياها من السفر لمصر، لوحدنا أنها تندرج تحت عنوان «الحصار والعقوبات» والدليل ما حدث فى مطارات تركيا أو بالبلدان الأخرى، من عمليات إرهابية، لم نجد أى رد فعل بخصوص منع تلك الدول لرعاياها من السفر للبلدان التى تعرضت لعمليات إرهابية مماثلة، بل وجدنا روسيا وأمريكا وبريطانيا وألمانيا تتسابق للمساندة وتدعوا رعاياها للسفر، كموقف معنوى داعم، إن مصر ومنذ يونيو 2013، تتعرض لمصاعب وحصار وجهات أجنبية تنفذ عقوبات بمساندة مخربين يتحركون تحت لافتات معارضين أو مجتمع مدنى واللعبة معروفة للجميع، إن هناك اختلافات مهمة بين مصر قبل يناير 2011 وما بعد هذا التاريخ.
من ناحيته، الرئيس السيسى، يعمل وبكل الطرق على تعويض الوقت الضائع واللحاق بقطار التنمية السريع مدركا لقيمة الوقت وتقليل حجم الإنفاق، ويعلم أن التأخير فى تنفيذ العلاج للقضايا التى تواجه الشارع أمرا يضر بالبلد بشكل عام، والموقف أشبه بوضع لغم تحت مكان النوم، وتم نزع الأمان هنا سينفجر اللغم والتأخير عملية وقت، وكان رد فعل الدولة المصرية بضرورة الدخول فى تحد لمنع الانفجار أو تقليل الأضرار، إذ التنمية ضرورة، وتوفير الخدمات من طرق وإسكان وتنوع مصادر الدخل خوفا من تعطيل أحد عناصرها كما حدث مع السياحة، وهى خطط حماية وأيضا انفراجة فى دفتر مشاكلنا.
الرئيس السيسى مدرك بأن الرهان على الوقت فى غاية الأهمية، وأن الشعب المصرى نعم صبور وفى وقت الخطر يتحد، ويظهر شجاعته كما حدث فى الحروب وأيضا فى يونيو 2013. وقد استخدم الظهير الشعبى كعامل مساند لخطط التنمية، وقد ظهر ذلك فى التضحية من أجل تصحيح مسار الاقتصاد وغيرها من التكاتف لبناء قناة السويس الجديدة والاستجابة لتقديم المدخرات لبناء المشروعات العملاقة، وكما قلت إن التحديات التى تواجه مصر الآن أشبه بحالة الحرب، وهو ما يتطلب العمل فى ظل طوارئ ذاتية تشمل مكونات المجتمع، وقد اتضح أن العالم رسم لمصر حدودا للقوة، ومنع الخروج عنها، تعتمد على تغييب كامل للمستقبل، وعلى أن تكون خططة غير متكاملة، بمعنى الانشغال بأكل العيش، الغرب يعلم من خلال التجارب بأن قوة مصر فيها قلق، والسيسى أعلن انحيازه لمستقبل البلد.
الآن مصر تواجه تحديات متنوعة وأخطرها الإرهاب، والدولة عليها أن تحاربه وتقتلع جذوره وأنيابه ليستسلم ويندمج، وهو أمر ليس بالسهولة، بالطبع الدولة ومنذ الثمانينيات تواجه الإرهاب، ونجحت فى هزيمته، لكن الإرهاب الآن مختلف من حيث القوة والمساندة التى يتلقاها من دول العالم، وأيضا أنصاره بالداخل، فىد ظل حكم الإخوان، الذى جند للتطرف أعدادا كبيرة تحت مسميات مختلفة ووفر لها من الأسلحة واللوجستيات ما يتساوى مع تسليح جيوش.
الدولة المصرية تنطلق وهناك تركيز على عناصر وإهمال أخرى، وفى المقابل قد يئن الواطن وقد يشكو، ولكن أيضا..الأمن المتوافر حاليا هو الحياة.
أنا ضد التخوين وضد الهجوم على مسؤل سابق أو لاحق، كل منهم عاوز يسعد شعبه ويهزم الظروف لينتصر البلد والمواطن على الصعوبات والمشاكل.
أثق بأن بلدى فى الطريق الصحيح ووسط العمل قد يتعطل عنصر ما، لأن فى وقت الحروب تتراجع الاهتمامات بالشخصنة، ويتوحد الجميع ضد العدو.