عقب تعويم سعر الجنيه المصرى فى مواجهة الدولار الأمريكي فى ٣ نوفمبر الماضى ، تغير بند دعم المنتجات البترولية بالموازنة العامة للدولة التى أعدتها وزارة المالية للعام المالي ٢٠١٦ / ٢٠١٧ ، فقد تم تحديد قيمة دعم المحروقات بمبلغ ٣٥ مليار جنيه ، وفقا لمتوسط سعر برميل النفط خلال تلك الفترة بمبلغ ٤٠ دولار ، وسعر الصرف الأجنبي ٩ جنيهات للدولار...ومع صدور قرار تحرير سعر الصرف وتحديد سعر الدولار وفقا لسعره الحقيقى فى السوق المالى من خلال عملية العرض والطلب عليه فى البنوك . وبالتبعية اتخذت وزارة البترول قرارها بزيادة أسعار المنتجات البترولية لتتناسب مع السعر الجديد للدولار . إرتفع سعر بنزين ٨٠ إلى ٢٣٥ قرشا للتر بزيادة قدرها ٤٠% ، وارتفع سعر بنزين ٩٢ ليصل إلى ٣٥٠ قرشا بزيادة قدرها ٣٥% ، وسعر السولار ٢٣٥ للتر بزيادة ٣٠% ، وزاد سعر أسطوانة البوتاجاز من ٨ جنيهات إلى ١٥ جنيه !! ونتيجة الأسعار الجديدة ارتفعت بنود الدعم فى الموازنة بالنسبة للمحروقات لتصل قيمة دعم بنزين ٨٠ إلى 6.2 مليار جنيه ، وبنزين ٩٢ إلى 6.9 مليار جنيه ، ليكون إجمالى دعم البنزين بعد تغيير الأسعار 13.2 مليار جنيه !!!أما بند دعم السولار 30.6 مليار جنيه ، وبند دعم البوتاجاز 18.5 مليار جنيه ، وبند دعم المازوت 1.7 مليار جنيه ، ليكون إجمالى دعم المنتجات البترولية عقب تحرير سعر الصرف ٦٤ مليار جنيه ، بزيادة قدرها ٢٩ مليار جنيه !! وتواجه وزارة البترول والهيئة العامة للبترول من أزمة التحولات والتغيرات الإقليمية المستمرة وهو ما أدى إلى إتخاذ الدول الأعضاء بمنظمة أوبك قرارهم بخفض أنتاج خام النفط ، فأرتفعت أسعار خام النفط لتصل إلى ٥٠دولار للبرميل بزيادة ١٠ دولار عن الحسابات التى تم على أساسها تحديد بند دعم المنتجات فى الموازنة ...فأصبحت الهيئة العامة للبترول بين فكى الرحى من خلال قدرتها على توفير قيمة المبالغ المستحقة لدعم المنتجات ، والتفاوض المستمر شهريا لأستيراد المنتجات بالإضافة إلى كمية ٧٠٠ ألف طن منتجات التى توقفت شركة أرامكو السعودية عن توريدها بموجب الإتفاق المبرم بين البلدين على التزام بنك التنمية السعودى بتمويل الكميات الموردة لمدة خمس سنوات ، إلا أن الجانب السعودى اتخذ مواقف سياسية أثرت على تنفيذ هذا الإتفاق !!وبالتالى تعانى الهيئة العامة للبترول فى تفاوضاتها مع الشركات الأجنبية لتوفير حصة شهرية مقدارها ٧٠٠ ألف طن ، مع تسهيل عملية السداد على آجال زمنية نتيجة أزمة السيولة الدولارية التى تعانى منها الهيئة فى عملية السداد الفورى !!وعلى الرغم من ذلك فقد نجح وزير البترول المهندس طارق الملا فى إثبات ثقة الشركات الأجنبية فى تعاملاتها مع الهيئة العامة وهو ما تؤكده نجاح التعاقدات السريعة خلال الشهور الثلاثة الماضية منذ توقف شركة أرامكو عن عملية التوريد !!نجح وزير البترول فى فتح قنوات جديدة مع العراق واستيراد خام البصرة ، والكويت ، وابوظبى ، والجزائر ، وروسيا ، وبيلاروسيا ، وهو ما يعكس رؤية قطاع البترول فى تنويع مصادر التوريد وعدم الإعتماد على شركات بعينها ، مع دخول الشركات الروسية باستثمارات جديدة ، فهناك بعض الشركات التابعة لبعض الحكومات المناهضة للنظام المصرى تعمل على عرقلة صناعة البترول والغاز الطبيعي !! من أشد الآثار السلبية لقرار تعويم الجنيه على الهيئة المصرية العامة للبترول وشركات القطاع العام البترولية ، وصول سعر الدولار الجمركي إلى 18.55 جنيه ، وبالتالى فإن الرسوم والضرائب الجمركية التى تقوم الهيئة بسدادها لمصلحة الجمارك مبالغ كبيرة جدا ، ولها تأثير كبير على الأسعار ، بالإضافة إلى أن عملية إستيراد المعدات والآلات ومهمات الإنتاج تعانى من العجز الشديد وهو ما يؤثر على صناعة البترول والغاز !!لقد اصبحنا فى حاجة إلى حلول غير تقليدية وتبنى سياسات مالية جديدة مع قطاع البترول لضبط آلية حركة الأسعار بالأسواق ، من خلال تأسيس البورصة البترولية المصرية بتداول الخام والمنتجات وفقا لسلة عملات متكاملة ، فيتم التعامل مع الشركات الأجنبية وفقا للعملة الوطنية لكل شركة ، الشركات الأمريكية التعامل بالدولار ،الإنجليزية بالجنيه الإسترليني ،دول الأتحاد الأوروبى باليورو ، الشركات الصينية باليوان ،الروسية الروبل ، من خلال بورصة البترول أما التعامل مع الدول العربية بالجنيه المصرى باعتباره عملة إقليمية بمنطقة قناة السويس و التى تطبق نظام سلة العملات من خلال بنك مشترك بين الهيئة العامة للبترول وهيئة قناة السويس ،مع قيام البنك بأعتماد قاعدة الذهب لكافة المعاملات المالية !!وتحتاج الهيئة العامة للبترول إلى الحصول على إعفاءات من الرسوم والضرائب الجمركية ، فالعوائد المتحصلة وأن كانت تصب فى الموارد المالية لوزارة المالية ، إلا أن الإعفاءات سيكون لها آثارها الإيجابية من خلال زيادة كميات الخام والمنتجات الموردة نتيجة الإعفاءات ، فيجب تحرير الهيئة العامة للبترول والشركات العامة من القيود الاستيرادية وهو مايفسح المجال للتنافسية الإستثمارية المتنوعة مع جميع الشركات الأجنبية ، وتحويل منطقة قناة السويس إلى محور البترول الدولى !! أزمة الدعم تحتاج إلى حلول واقعية وعدم الإعتماد على الحلول النمطية ، فأى زيادة جديدة لأسعار المنتجات البترولية المكررة ستؤدى إلى تضخم كبير وانهيار شبه تام للجنيه المصرى ، فأقتراب سعر الدولار إلى ٢٠ جنيه وامتصاص السوق المالى للدولار الأمريكى يجعل الأزمة مستمرة !! الوضع الحالى فى حاجة إلى دراسات متعمقة حول تأثير زيادة أسعار المنتجات البترولية على الوضع الاقتصادى ومعدلات التنمية ، وإصدار تشريعات تساعد على حل أزمتنا البترولية الحالية !!!