د/أحمد هندي:
أخطأت شركة أينى الإيطالية عندما أعلنت عن أكتشافها أكبر حقل للغاز الطبيعي فى المياة المصرية العميقة بمنطقتى أمتياز رقم ٨ و ٩ بالمياه الإقتصادية المصرية بحوض البحر الأبيض المتوسط ، والذى يحتوى على أحتياطيات تقدر بنحو ٣٠ تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي ، وهو ما يمثل ربع أحتياطيات الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط و التى تبلغ ١٢٢ تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي ، وفقا للبيانات الصادرة عن المؤسسة العامة للمسح الجيولوجى بالولايات المتحدة الأمريكية ، واحتياطيات بئر ظهر للغاز الطبيعي تعادل 5.5 مليار برميل من المكافئ النفطى !!
وتبلغ مساحة منطقة الإمتياز الواردة بالاتفاق بين الحكومة المصرية وشركة اينى ١٠٠ كيلو متر مربع، وقد أعلنت الشركة الإيطالية أن المرحلة الأولى للمشروع للوصول إلى مرحلة الإنتاج التجارى فى نهاية ٢٠١٧ ، تبلغ قيمتها 3.5 مليار دولار أمريكى، وقد أدهش الكشف الجميع وبدأت الحسابات والتفسيرات المتنوعة من الخبراء حول المشروع والأرقام المعلنة وتأثير ذلك على صناعة الغاز وموازين القوى بين الشركات ، وأطماع الشركات فى المشروع ، لتعلن أينى بعد ذلك عن مرور استثماراتها بأزمة شديدة ، وهو ما قد يدفعها إلى التخلى عن حصص من الإمتياز للمرحلة الأولى من المشروع بنسبة ٥٠ % لتعويض الخسائر التي لحقت بالشركة نتيجة هبوط أسهمها على الرغم من إعلانها عن الاكتشاف ، وبداية الجدول الزمني للمشروع وبداية حفر الآبار...وأول الشركات الأجنبية العاملة في مصر وعملت على الدخول في المشروع من خلال الشراكة مع الحكومة المصرية شركة بتروبل الأمريكية من خلال تأسيس شركة بترو-شروق للغاز الطبيعي !! لتبدأ شركة اينى بيع حصص المشروع والمقدرة 3.5 مليار دولار، وأول الشركات المشترية شركة بى بى البريطانية و التى حصلت على نسبة ١٠ % مقابل مبلغ ٣٧٥ مليون دولار مع إمكانية شراء الشركة حصة ٥% العام القادم بنفس الشروط ليكون نصيب الشركة البريطانية ١٥% من حجم استثمارات المشروع !!
ثم قامت شركة روسنفت الروسية بشراء حصة تمثل ٣٠ % من المرحلة الأولى بمبلغ 1.125 مليار دولار أمريكى ، وتم النص على شراء الشركة الروسية نسبة ٥% العام القادم بنفس الشروط الحالية ، وهو أول ظهور قوى الشركات الروسية في حوض البحر الأبيض المتوسط وفى مجال إنتاج الغاز الطبيعي والذى تحتل روسيا المرتبة الأولى عالميا من حيث الإنتاج !!!!
ونتيجة عملية البيع يصبح هناك ثلاثة شركاء فى المشروع الاستثمارى أينى الإيطالية ٥٠ %، روسنفت الروسية ٣٥ % ، شركة بي بى البريطانية ١٥ % ، وفقا للبيانات الصادرة عن شركة أينى ...فمرحلة الإمتياز الأولى قدرتها شركة أينى بنحو 3.750 مليار دولار أمريكى ليبدأ الإنتاج نهاية العام القادم ، بمعدل إنتاج يومى مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي ، ووفقا للبرنامج الزمنى للاستثمار فى المشروع والدخول في عملية التنمية يتم إستكمال عمليات الحفر ١٤ بئر ليصل الإنتاج اليومى من الغاز 2.7 مليار قدم مكعب بتكلفة ١٢ مليار ، أى أن المبلغ الذى ستضخه الشركات الثلاثة فى المرحلة الثانية ٨ مليار دولار قبل نهاية عام ٢٠١٩ !! وحتى يصل الإنتاج للمرحلة الكاملة حسب العمر الافتراضى للابار ١٦ مليار دولار !!
الشركاء الجدد فى المشروع هم شركة أينى التى لها استثمارات كثيرة فى منطقة الشرق الأوسط فهى اول شركة تبيع الإمتياز قبل الإنتاج التجارى ، وروسنفت الروسية أول ظهور قوى فى البحر الأبيض المتوسط ، وشركة بى بى البريطانية و التى لها استثمارات غازية بجوار منطقة الإمتياز ، إلا أن إعلان شركة أينى ان الحقل يحتوى على ٣٠ تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي ، دفع الشركات العملاقة إلى إعادة تقسيم البترول والغاز الطبيعي بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط !!
وعملية التنمية فى المياه العميقة مسألة تدخل فى نظرية مخاطر العمل فى المياه العميقة والتكاليف العالية لأستئجار الحفارات الأمريكية التى تحتكرها الشركات الأمريكية وخصوصا عقب حادثة خليج المكسيك والبحث في المياه العميقة و التى على إثرها خرجت شركة بى بى البريطانية من الخليج لتتجه إلى حوض البحر الأبيض المتوسط !!
فقد تعرضت شركة بى بى أحد عمالقة صناعة البترول فى العالم إلى كارثة فى ٢ إبريل ٢٠١٠ ، عندما أنفجر حفار ديب ورتر هون ايزون ببئر ماكنود ، وتعرضت الشركة لخسائر مالية فادحة وصلت إلى ٥٠ مليار دولار ، حيث أن الشركة تعمل منذ عام ١٩٤٧ بخليج المكسيك قامت خلالها بحفر ٤٢ ألف بئر وأستخرجت 16.5 مليار برميل نفط ، بحجم إنتاج يومى 1.6 مليون برميل !!!
إلا أن الولايات المتحدة قررت عقب الانفجار طرد الشركة من المنطقة بعد سدادها تكاليف إصلاح التسرب ، وصرف تعويضات بلغت 32.2 مليار دولار، وخسائر الشركة 17.1 مليار دولار ، حصلت عليها الأجهزة والجهات المختلفة فى الولايات المتحدة الأمريكية !!!
ومنذ خروج الشركة البريطانية من خليج المكسيك يتم إعادة تقسيم الإستثمارات المتعلقة بصناعة البترول والغاز الطبيعي والمسال بين الشركات الكبرى !! فقد قضى باراك اوباما الرئيس الأمريكي الشركات الأجنبية المنافسة الشركات الأمريكية فى مجال البترول والغاز ، وتأمين الحفر فى المياه العميقة بالبحر المتوسط و التى تزيد على بئر ماكنود ٢٠٠ متر عمق تحت سطح البحر ، فعندما تسمع عن التفاوض مع الشركات البريطانية والفرنسية والايطالية عن الحفر فى المياه العميقة فهو تفاوض على التكنولوجيا الحديثة للحفر ، لأن الحفارات مملوكة بالكامل للشركات الأمريكية !!!
فقد باعت أينى ٥٠ % من استثمارات المرحلة الأولى ، ومع بداية الإنتاج التجارى وتوزيع الحصص فى نهاية ٢٠١٧ ، ستبدأ المرحلة التالية للمشروع !!!