للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

الذهب الأسود..وحروب تكسير العظام في المنطقة.

الذهب الأسود..وحروب تكسير العظام في المنطقة.

الكاتب : حنان موج |

05:48 am 10/12/2016

| رأي

| 2152


أقرأ أيضا: Test

 

 
البترول أو النفط كما يطلق عليه، يلقبه البعض بالذهب الأسود لكنه في واقع الحال لم يعد ذهبا أسود بل تحول إلى وبال أسود بل صار مارد أسود، مارد مخيف! لم يعد البترول مجرد مصدرا للطاقه فقط أو سلعة تجارية تتربح منها الدول المنتجة. لقد أصبح الذهب الأسود وسيلة الضغط السياسية التي تتحكم بالعلاقات الدولية، وهو كذلك المحرك الرئيسى للاقتصاد العالمي. إنه الذهب الأسود الذي سقطت بسببه حكومات واغتيل بسببه رؤساء ودمرت على يديه دول وتحولت إلى أطلال وليس العراق مننا ببعيد. بل لم تعد مفاجئة لأن نعرف أنه السلاح الاستراتيجي الخفي الذي أنهى الحرب العالمية الثانية لصالح الحلفاء، وكان سببا في هزيمة نكراء لجيش هتلر وحلفاءه من دول المحور عندما فتحت الولايات المتحدة الأمريكية خطاً مباشراً لتزويد بريطانيا بالوقود اللازم لتشغيل المصانع والآليات الحربية البريطانية في حين عجز هتلر عن إيصاله إلى قواته التي تقطعت بهم سبل العيش في سهول سيبيريا.ولنعلم ما يجرى حاليا وعلى مدار العامين الماضيين في كواليس عالم البترول، هذا العالم الظاهر الخفى والذى تحركه أيادى وآليات بل مؤامرات عديدة ومركبة، فلابد أن نعرف أولا نبذه عما حدث في السنوات الماضية من موجات هبوط وصعود في أسعار البترول العالمية.ما بين صعود وهبوط، هناك مراحل عديدة مرت بها هذه السلعة الاستراتيجية على مدار الخمسين عاما الماضية، حيث تراوح سعر البترول فيها بين 2.5 دولار و147.3 دولار للبرميل. فأسعار البترول وطوال السنوات التي سبقت العام 1973 كانت مستقرة وتتحكم فيها مجموعة من الشركات العالمية أهمها المجموعة التي كانت تعرف باسم الأخوات السبع وهي: «اكسون وموبيل وشيفرون وجلف وتكساكو وشل وبي بي» لكن هذا النظام العالمي انهار بعد الحظر النفطي الذي فرضه العرب على الولايات المتحدة وهولندا وكندا واليابان وبعض الدول الداعمة لإسرائيل خلال حرب أكتوبر من العام 1973، لتتبعها السعودية بخطوة تأميم شركة أرامكو فيلحق بها باقي المنتجين في تأميم شركات البترول. أسعار البترول حينها قفزت من حوالي 3.5 دولار للبرميل إلى 12 دولاراً للبرميل مما تسبب في إحداث هزة عنيفة في أسواق المال العالمية.تأتى بعد ذلك مرحلة أخرى بين عامى 1979 و1986 وهي ما تعرف بالمرحلة الإيرانية العراقية والتي بدأت بخلع شاه إيران إبان الثورة الإيرانية وسيطرت الخمينى على مقاليد الحكم في إيران، وتبع ذلك الحرب الإيرانية العراقية والتي استمرت 8 أعوام لتأكل الأخضر واليابس في كلا البلدين وتتسبب في خفض إنتاج البترول من البلدين بشكل دراماتيكى. حيث كانت إيران تنتج حوالي 6 ملايين برميل قبل وصول الخميني لسدة الحكم، بينما لا تستطيع اليوم إنتاج أكثر من 3.5 مليون برميل، في حين أن العراق لا يستطيع إنتاج أكثر من 1.5 مليون برميل. هذه المرحلة شهدت تقلبا في أسعار النفط عالميا نتيجة الركود الاقتصادي وتباطؤ النمو الاقتصادي في العديد من دول العالم، لتنتهي بانهيار أسعار النفط في منتصف العام 1986 حيث سجل النفط سعر 7 دولارات للبرميل لتعود بعدها وتتعافى أسعار النفط في بداية حقبة التسعينيات.العام 1998هو عام آخر بدأت معه مرحلة جديدة من الانهيار، حيث عاودت فيه أسعار النفط انهيارا جديدا بعد سنوات من الاستقرار لتصل فيه أسعار النفط لأدنى مستويات عند 8 دولارات للبرميل، ويستمر هذا الانهيار حتى تعافت الأسعار مرة أخرى مع دخول الألفية الثالثة عام 2001.تأتى بعد ذلك الفترة الذهبية لأسعار النفط بين عامى 2007 – 2008 بعد أن ارتفعت أسعار النفط بشكل جنوني بنهاية عام 2007 وذلك من 60 دولارا للبرميل كاسرة حاجز الـ 80 دولارا ثم لتصل إلى أعلى مستوياتها في التاريخ في شهر يوليو من العام 2008 حيث سجلت 147.3 دولار للبرميل، لكنها سرعان ما عاودت الهبوط بسبب المخاوف على الطلب العالمي من الركود الاقتصادي الذي كان سببه أزمة الرهن العقاري في شهر أكتوبر من عام 2008، لتصل الأسعار إلى 40 دولارا للبرميل مع نهاية العام، وهو ما دفع منظمة أوبك للاجتماع العاجل واتخاذ قرار صارم بسحب أكثر من 4.5 مليون برميل من السوق ما ساهم في تعافي الأسعار تدريجيا وصولا إلى تخطيها مستوى الـ 100 دولار بحلول العام 2011.الآن وبعد ما تقدم يبقى السؤال الملح، ما هي الأسباب الحقيقية وراء انهيار أسعار النفط عالميا ؟؟؟مما لا شك فيه هو أن العرض والطلب هو القاعدة الأساسية التي تحكم أسعار النفط العالمية، لكن وبغض النظر عن أسباب تدني الطلب على النفط، يبقى السؤال الملح هو لماذا هذا الانهيار الكبير في الأسعار؟ ولماذا يتلكأ كبار المنتجين من أعضاء منظمة أوبك لإنقاذ سلعتهم الاستراتيجية؟ بل الأدهى والأمرر هو عرقلة بعض هؤلاء الأعضاء مثل السعودية ودول الخليج الوصول لحل إيجابى مثلما حدث في عام 2008- لقد أثر التدخل الإيراني في العراق وسوريا واليمن في تأجيج الصراع العربى الإيرانى وتوسيع رقعته وهو ما هدد أمن دول الخليج العربي والسعودية التي وجدت نفسها مضطرة للتعامل مع الخطر المحدق بها والتدخل المباشر في اليمن من خلال تحالف عربي- خليجى وانطلاق عاصفة الحزم للحد من التوغل الإيرانى في المنطقة.دخول روسيا المباشر على خط المواجهة في سوريا في محاولة منها لإيجاد موطئ قدم لها في المنطقة، لا سيما بعد خروج روسيا خالية الوفاض من اتفاق إيران النووي مع الغرب.الاتفاق النووى الإيرانى مع الغرب والذي تضررت منه السعودية بدورها، حيث اعتبرته إطلاقاً ليد إيران في المنطقة. في ضوء ما تقدم من توضيح لحالة التوتر بين السعودية ودول الخليج من ناحية وإيران وروسيا من ناحية أخرى، فإنه على ما يبدو دخول الطرفان حرب من نوع جديد وهى حرب تكثير العظام والتى تقودها السعودية ضد كل من إيران وروسيا لإرهاقهما اقتصاديا وكذلك تقويض أي فرص لتعافى الاقتصاد الإيرانى بعد رفع العقوبات الاقتصادية نتيجة إبرام الاتفاق النووى الإيرانى الغربى. يتوافق هذا الصدام مع الرغبة الجامحة لأمريكا ودول غرب أوروبا لمعاقبة روسبا اقتصاديا خاصة بعد الصدام الروسى – الأمريكى بسبب تدخل روسيا في أوكرانيا وسيطرتها على جزيرة القرم. ويبدو جليا من هذا هو استخدام أمريكا لسلاح البترول السعودى لضرب الاقتصاد الروسى.قامت السعودية خلال عامى 2014 و2015 بزيادة انتاجها اليومى من النفط لأكثر من مليونى برميل يوميا ليبلغ إنتاجها اليومى أكثر من10 ملايين برميل، تستهلك منها حوالي 3 ملايين برميل، وتصدر 7 ملايين أخرى. مع الأخذ في الاعتبار أن السعودية تحتفظ باحتياطي نقدي يقدر بحوالي 3 تريليونات دولار (3000 مليار دولار) وهو ما يؤهلها للصمود والتعايش مع أسعار ما دون 20 دولارا للبرميل ولأكثر من عام، وبالتالي فإنها وعلى ما يبدو قد حسمت أمرها لجهة المضي قدما في مخطط حرب تكسير العظام مع كل من روسيا وإيران.روسيا تدرك جيدا أن استمرار السعر الحالي للنفط ليس في صالحها وهو ما دفعها لحضور اجتماع الدوحة الرباعي الذي ضم «السعودية وقطر وروسيا وفنزويلا» ونتج عنه اتفاق على تثبيت معدلات الإنتاج في الشهر الأول من هذا العام. بالإضافة للأسباب السياسية يوجد أيضا أسباب اقتصادية كانت عاملا ثانويا في تراجع أسعار النفط، منها على سبيل المثال لا الحصر:يادة كمية المعروض نتيجة الاكتشافات الجديدة ودخول مصادر النفط الصخري الذي أصبح إنتاجه مجدي انخفاض الطلب على النفط نتيجة الركود الاقتصادي في كل من الصين وأوروبا - حرب الإنتاج والأسعار بين المنتجين داخل وخارج منظمة أوبك -ارتفاع سعر صرف الدولار وهو ما يؤثر على القدرة الشرائية للدول النامية.. - تخزين النفط الاستراتيجي الذي بلغ أعلى مستوياته في الولايات المتحدة والصين التي أعلنت عن نيتها التوسع في عمليات التخزين رغم استهلاكها الكبير والذي يقدر بأكثر من 10 ملايين برميل يوميا. عمليات إنتاج وتصدير النفط من كردستان العراق والتي لا يعرف حجم ما تنتجه وتصدره بدقة. سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية وباقي الفصائل المسلحة كجبهة النصرة ووحدات الحماية الكردية والجيش الحر على العديد من حقول النفط في سوريا والعراق واحتكارها لعمليات إنتاج وبيع النفط في مناطق سيطرتها وإن كان ذلك بطرق بدائية.بعد توصيف تأثير انهيار الأسعار السلبى على اقتصاديات الدول المنتجة وعجز الموازنة لمعظم هذه الدول، لم يجد أعضاء منظمة أوبك بدا من الاجتماع يوم 28-نوفمبر-2016 والانصياع لصوت العقل والحكمة واتخاذ قرار بتقليص الإنتاج بمقدار 1.3 مليون برميل يوميا من الإنتاج الخاص بأعضاء منظمة أوبك. على أن يكون هناك اجتماع آخر مع الدول المنتجة من خارج منظمة أوبك مثل روسيا ويتوقع إصدار قرار بتقليص إنتاج دول خارج منظمة أوبك بمقدار 600 ألف برميل يوميا إضافية ليصل الحجم المستقطع من الإنتاج اليومى يقارب الـ 2 مليون برميل يوميا. جدير بالذكر هو ارتفاع أسعار النفط بعد اجتماع يوم 28 نوفمبر ليصل 54 دولارا للبرميل ومتوقع أن يصل إلى 60 دولارا للبرميل بنهاية ديسمبر الحالى. ويبقى الأمل قائما وحلم وصول سعر النفط إلى 85 دولارا للبرميل لتتعافى صناعة النفط في العالم.. لكن يبقى هناك ترقب وربما تخوف من عدم التزام الدول المعنية بتقليص حصتها من الإنتاج مما قد يؤثر سلبا على احتمال زيادة أسعار البترول المرتقبة.السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن ..هل هناك علاقة بين انتخابات الرئاسة الأمريكية ووصول الجمهوريين لحكم أمريكا وبين التفاؤل بشأن ارتفاع أسعار النفط؟؟؟نعم توجد هناك علاقة وثيقة بين نجاح دونالد ترامب ووصول الجمهوريين لحكم أمريكا وكذلك سيطرة الجمهوريين على مجلسى النواب والشيوخ الأمريكيين في حالة التفاؤل السائدة في أوساط العاملين بمجال البترول والتفاؤل بشأن زيادة الأسعار لأعلى مستوياتها مرة أخرى. بل أكاد أن أجزم أن مسارعة أعضاء منظمة أوبك لاجنماع 28 نوفمبر الماضى والاتفاق بشأن تقليص الإنتاج هو رد فعل طبيعى ومنطقى لفوز دونالد ترامب وابتعاد الديمقراطيين عن حكم أمريكا. هذه النظرة التحليلية للمستجدات على الساحة وربطها بفوز ترامب ربما تعزى إلى ارتباط الجمهوريين الوثيق بصناعة البترول في أمريكا وسيطرتهم على كبرى شركات البترول العالمية.لذلك ربما نتوقع استقرار أسعار النفط عند مستويات عالية مع انتعاش صناعة النفط العالمية طوال فترة حكم دونالد ترامب
أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟