تعد صناعة تكرير البترول أحد أهم مراحل صناعة البترول بأعتبارها بوليصة الأمان الإقتصادي لأى دولة ، فالمنتجات البترولية المكررة هى المحرك الرئيسى للنظام الاقتصادى والمالى للدولة ،وكلما زادت معامل التكرير أنتعشت الدولة مالياً وخرجت من تصنيف الدول المستوردة للمنتجات المكررة ،وهو مالم تستطيع أى دولة إسلامية عربية تحقيقه بما فيها المملكة العربية السعودية التى تحتل المرتبة الأولى عالميا فى الإنتاج والعاشرة فى مجال التكرير
وتمتلك الهيئة العامة المصرية للبترول ستة معامل تكرير عامة على مدار تاريخ صناعة التكرير ،أولها شركة آبار الزيوت الإنجليزية المصرية المؤسسة فى عام ١٩١١ ، و التى تم تأميمها عام ١٩٦٤ تحت مسمى شركة النصر للبترول .. وثانى الشركات هى السويس لتصنيع البترول التى تم تأسيسها عام ١٩٢١ ، وهو ما يعنى دخولهما نادى المائة ..
وثالث الشركات هى شركة الإسكندرية للبترول التى تم تأسيسها عام ١٩٥٤ منذ أكثر من ستين سنة ،ولم تشهد الشركات الثلاثة أى عمليات إحلال وتجديد وتحديث ،فالأمر قاصر على عمليات العمرة الفنية السنوية، لذلك تعانى الوحدات الإنتاجية من التهالك وانتهاء عمرها الأفتراضى
وخلال حقبة ثمانينات القرن الماضي تم تأسيس ثلاث معامل تكرير هى العامرية لتكرير البترول ،والقاهرة لتكرير البترول معمل مسطرد ومعمل طنطا ،وشركة اسيوط لتكرير البترول ،والشركات الستة نتيجة عدم احلالها وتجديدها منتجاتها عبر مطابقة للمواصفات القياسية المعتمدة عالميا ،ولم يتم تأسيس معامل تكرير عامة وإنما الاتجاه إلى الإستثمارات الخاصة .
فتم تأسيس شركة الشرق الأوسط لتكرير البترول ( ميدور ) عام ١٩٩٤ ،بنظام المناطق الحرة العامة وفقاً لأحكام قانون الأستثمار ٢٣٠ لسنة ١٩٨٩ ، وعقب انتقال الملكية للهيئة العامة للبترول صدر القرار الوزارى رقم ١١٤ لسنة ٢٠٠٨ ، بالتحول للعمل بنظام الأستثمار الداخلى ،ويعد المعمل من أحدث معامل التكرير نسبياً فى منطقة الشرق الأوسط
ومع الانطلاق إلى مرحلة الإستثمارات الأجنبية من جديد ،يدخل معمل الشركة المصرية للتكرير صناعة التكرير خلال السنوات الماضية باستثمارات تقدر ٤ مليار دولار ،من أجل رفع الطاقة الإنتاجية لخفض عملية الأستيراد من المنتجات البتروليةالمكررة بعد ارتفاع الأسعار فى الاسواق العالمية، فقد وصل سعر طن البنزين ٦٠٠ دولار ، والسولار ٥٢٨ دولار ، والبوتاجاز ٥٢٧ دولار ، الأسفلت ٣٣٣ دولار ،وطن الزيوت ١٠٠٠ دولار ، ونتيجة تعويم الجنيه المصرى يتحمل المستهلك ٥٠ % من تكلفة المنتج ،والدعم الجكومى ٥٠ من تكلفة الإنتاج وفقا لقيمة العملة المحلية الجنيه المصرى عقب تحرير الدولار، وهو ما يجعل صناعة التكرير بالغة الأهمية والخطورة لما تحققه من معدلات ربح عالية وتدعيم التنمية الاقتصادية المستدامة ،وعقب استخراج خام البترول من آبار الإنتاج يتم نقله بواسطة الخطوط إلى موانى التصدير البترولية ( أرصفة الشحن ) ، ليتم نقله عبر ناقلات عملاقة إلى معامل التكرير ، ليتم تقطيره واستخراج المنتجات المكررة.
ويتم تقسيم مستخرجات البترول المكررة إلى ثلاثة مجموعات ، الأولى الهيدروكربونات الغازية التى تحتوى على غاز الميثان والبيوتان ،الثانية الهيدروكربونات السائلة التى تحتوى على جزئيات الجازولين والبنزين والسولار ،أما المجموعة الثالثة هى الهيدوروكربونات الصلبة التى تحتوى على شمع البارافين والأسفلت ..
ويتم فصل المجموعات الثلاثة عن بعضها بواسطة التكرير بأنفصال كل مكون عند الوصول إلى درجة حرارة معينة وهو ما يعرف بالتقطير التجزئى ، فتتكون وحدات معامل التكرير من أبراج ومكثفات وضواغط وأفران وغلايات ، وهى فى حاجة إلى عمليات إحلال وتجديد وتحديث بصفة مستمرة وألا تحولت إلى قنابل موقوتة .
معامل التكرير العامة فى حاجة إلى إعادة النظر لاعتبارات الأمن القومى الاقتصادى ،وتحتاج إلى ضخ استثمارات جديدة تقدر ٢٤ مليار دولار للحفاظ على صناعة التكرير التى وصلت إلى حالة بالغة السوء ، والتى من نتائجها إنفجار مجمع التفحيم بشركة السويس ،وعدم دقة الأجهزة فى بعض المعامل !!
ويبدو أن التقصير والإهمال وعدم الكفاءة الفنية والمالية والإدارية هى التحديات الحقيقية التى تواجه صناعة التكرير المصرية، والحفاظ على معامل التكرير وإعادة تجديدها أحد أهم قضايا الأمن القومى فى الوقت الراهن !!!