محمد صلاح الحج:
بدأت الدولة مؤخرا الإهتمام بحماية الثروات التعدينية بالصحراء الشرقية من خلال تكثيف عمليات التفتيش والدوريات الأمنية بالتنسيق مع حرس الحدود بعد زيادة عمليات تهريب الذهب والخامات التعدينية،مثل الكوارتز إلى الخارج من خلال مافيا وجماعات تقوم بالتنقيب على الذهب ثم تهريبه .
وانتشرت وتزايدت فى الأونة الأخيرة ظاهرة تهريب الذهب من مصر إلى الخارج ، من خلال عدة طرق غير شرعية يتبعها المهربين، نتيجة استغلالهم الظروف السياسية والأمنية التى تمر بها البلاد ، إضافة لتجدد الأحداث والعمليات الإرهابية التى تخطف الأضواء ، على الرغم من تحذيرات الجهات الأمنية بفرض عقوبات رادعة بحق المتورطين،تصل الي الـ10 اعوام حبس .
تعددت طرق تهريب الذهب وأساليب ضبطه، حيث يلجأ المهربين لاستخدام عدة طرق للتهريب منها المؤانئ البحرية والبرية والجوية،وتطور أساليب التهريب خاصة في الأماكن الحدودية بجانب التهريب عبر التلاعب بالمستندات الرسمية.
ويعتبر مطار القاهرة شاهد عيان على عمليات التهريب التى يتم ظبطها قبل تهريبها للخارج ، حيث شهد عدة محاولات لتهريب كميات كبيرة من الذهب والفضة منه إلي دول عدة أبرزها دول الخليج ، فهناك 16 واقعه تم ضبطها داخل مطار القاهرة بحسب مصدرأمني داخل المطار.
ثم يأتى مينائى سفاجا والقصير الكائنين بمنطقة البحر الأحمر بعد ذلك ، حيث تم مؤخرا ضبط سيارة تحمل 21 طن أحجار كوارتز ممزوجة بخام الذهب في البحر الأحمر في قضية ضبط شحنة من أحجار الكوارتز علي متن سيارة نصف نقل بمنطقة البيضة بمدينة القصير خلال تهريبها لأسوان لطحنها تمهيدا لإستخراج مادة الذهب الخام منها .
وتأتى مصر من أكثر الدول الغنية بالثروات التعدينية التى توجد بمنطقة الصحراء الشرقية التى تمتد من الخط 22 وحتى منطقة مرسى علم الغنية بخامات الذهب والفوسفات وغيرها،إلا أنها على مدار الفترات السابقة تعرضت لعمليات سرقة منظمة من خلال مافيا تهريب الخامات التى يأتى فى مقدمتها "الذهب"و"الكوارتز"التى تشتهر منطقة سويقات العرشة وسط الصحراء الشرقية به.
وتعتبر الصحراء الشرقية المنطقة الرئيسية لاستخراج الذهب فى مصر التى يأتى فى مقدمتها جبل السكرى ومنطقة حمش ووادى العلاقى التى يوجد بها أكثر من 120 منجما لإستخراج الذهب.
ويقدر عدد العاملين فى الانتاج والتنقيب عن الذهب بشركاته المختلفة حوالى 6 آلاف عامل يمثلون 5 شركات منهم واحدة للإنتاج وهى شركة السكرى التى يعمل بها أكثر من 4 آلاف عامل ،بالإضافة إلى 4 شركات آخرى متخصصة فى عمليات البحث والتنقيب وهى :"حمش ، الكسندر نوبيا، سان دبى ، شلاتين " وكل يعمل بكل منها 250 عامل ليصل الإجمالى إلى ألف عامل .
وهناك أيضًا عدد من الأماكن الأخرى مثل منطقة حلايب وشلاتين تحتوى على صخور مليئة بالذهب تعادل منجم السكرى، وأيضًا منطقة المثلث الذهبى التى تقع بمحافظة البحر الأحمر ما بين سفاجا والقصير على مساحة 250 ألف متر.
ويخطئ من يقول أو يظن أن لا يوجد بمصر سوى منجم السكرى، لأن هناك مناجم حالية نجحت هيئة الثروة المعدنية فى اكتشافها ،ومن المرتقب الإعلان عنها فى القريب العاجل.
وتمتلك مصر كميات كبيرة من خام "الكوارتز" حيث يتم تصدير مئات الآلاف من أطنان الخام للخارج ، ويوجد الخام بالصخور التى يتم تحليلها لإستخراج الذهب منها، ويتركز فى منطقة الصحراء الشرقية بنسب كبيرة وكثيرة وتمتلك مصر احتياطات كبيرة من الكوارتز .
ومن أهم الشركات المستثمرة فى "الذهب" بالصحراء الشرقية ، شركة السكرى لمناجم الذهب التى تأسست بتاريخ 4ديسمبر عام1994بعد صدور القانون رقم 222 لسنة 1994 بالترخيص لوزير الصناعة والثروة المعدنية في التعاقد مع هيئة المساحة الجيولوجية والشركة الفرعونية لمناجم الذهب الأسترالية للبحث عن الذهب والمعادن المصاحبة له واستغلالها،وذلك بعد نقل تبعية الثروة المعدنية لوزارة البترول فى أكتوبر 2004 ، حيث تقدمت الشركة الفرعونية بطلب لتسوية النزاع والتحكيم الدولى بالطرق الودية بين الطرفين حتى تم حل النزاع والتحكيم الدولى فى فبراير2005.
وفى مايو 2005 ، تم إنشاء " شركة السكرى لمناجم الذهب " بمنطقة امتياز قدرها 160 كم2 جنوب غرب مدينة مرسى علم بحوالى 25 كم.
وتأتى بعد ذلك شركة حمش مصر لمناجم الذهب المتخصصة فى عمليات البحث والتنقيب عن الذهب ، وهي شركة مساهمة مصرية بين هيئة الثروة المعدنية وشركة ماتز هولديجنز القبرصية،حيث أسست طبقا للقانون رقم 2 لسنة 1999, وتمتلك هيئة الثروة المعدنية نسبة 50% من أسهم الشركة، وتحصل الحكومة المصرية على نسبة 3% كأتاوة من إجمالى الانتاج،و يوزع صافى الربح بواقع 51% للهيئة و 49% لشركة ماتز هولدينجز.
وتهدف الشركة إلى انتاج الذهب والمعادن المصاحبة له بمنطقة امتياز الشركة بموقع حمش بالصحراء الشرقية جنوب غرب مدينة مرسى علم بحوالى 180 كم، وكان الهدف الأساسي للشركة هو الإنتاج التجارى للذهب من موقع امتيازها بالصحراء الشرقية (78 كم²) لتكون بذلك أول منتج للذهب والمعادن المصاحبة له فى مصر فى العصر الحديث منذ توقف انتاج الذهب عام 1958
ومؤخرا تم إنشاء وتأسيس شركة شلاتين للذهب التى أنتجت فعليا أول سبائك لها من خام الذهب الخالص التى تقدر بحوالي 2,50 كيلو جرام ، والتى تعتبر من إنتاج ثلاث مناجم داخل مناطق أسوان وشلاتين، وهذه المناجم من إجمالي 16 منجم من مناطق إمتياز شركة شلاتين والتى تقدر بحوالى 1,4 من المساحة الإجمالية لمناطق الشركة وهي 14 الف كيلو متر2.
الجيولوجى فكرى يوسف وكيل أول وزارة البترول لشئون الثروة المعدنية، قال إن الصحراء الشرقية غنية جدا بالكوارتز،علما بأن الخام قبل استخراجه لابد أن يخضع لتحاليل لمعرفة نسب الذهب الموجودة به التى تختلف من صخرة لآخرى بالإضافة لجودتها أيضا ، حيث يحتوى طن الكوارتز الواحد على أكثر من جرامى ذهب وأحيانا يزيد إلى 6 جرامات وفقا لجودة الخامة التى تظهرها نتيجة تحليل العينات التى تقوم هيئة الثروة المعدنية بتحليلها.
واعترف يوسف فى تصريحاته، أن هناك عمليات تنجيم عشوائى منظمة تقوم بها جماعات بعدة مناطق مختلفة بالصحراء الشرقية ،بهدف البحث عن الذهب لطحنه فى مناطق ومن ثم تهريبه عبر الحدود من خلال البحر أو نهر النيل إلى بعض الدول .
وقال إن النيابة العامة مؤخرا عندما ضبطت كميات كبيرة من خام الكوارتز قامت بإرسالها إلى هيئة الثروة المعدنية للتعرف على احتوائها على ذهب من عدمه بعد شكها فى الحمولة التى كانت فى طريقها لميناء سفاجا، وذلك من خلال نتائج التحاليل والأبحاث التى ستقوم الهيئة بإعدادها ، حتى يتثنى لها معرفة احتوائها على ذهب من عدمه ،مؤكدا أن الكوارتز يوجد بكميات كبيرة واحتياطى لا بئس به.
وكشف رئيس الهيئة السابق ، أن مافيا تهريب الذهب والثروات المعدنية من أحجار كريمة متمركزة فى مناطق "القصير ، شلاتين ، مرسى علم "، وهى المناطق التى يتواجد فيها الدهابة المصريين والسودانيين، مع العلم أن الدولة تتعامل خلال الفترة الحالية بشكل جدى مع هذا الملف متمثلة فى حرس الحدود والجهات الأمنية ، مؤكدا أننا فى حالة حرب فى الجنوب عندنا غير معلنة.
واستطرد قائلا:" عمليات التهريب تتم من خلال عدة مراحل تبدأ بسرقة الصخور من الجبل ثم نقلها ، بعد ذلك يقوم المهربين بطحنها لاستخراج الذهب منها، ثم تبدأ عمليات تهريبه إلى قريتي " العدوة" و"البحيرة" التابعتين لمركز ادفو بأسوان المشهورتين بوجود مطاحن الصخور،مؤكدا أن هذه القرى خاضعة تحت سيطرة القبائل والمشايخ التى تتمتع بنفوذ كبير أبرزهم الشيخ ابو كرامات الذى يقدسه الناس فى القريتين ولا أحد يستطيع أن يرفض له طلب،منوها أن الدولة تتعامل بمنتهى درجات الحذر ،لأنالاصطدام ليس فى مصلحة الحكومة .
عصمت الراجحي:
وفى سياق متصل قال العميد عصمت الراجحى المدير العام بشركة سنتامين المالكة لشركة السكرى لإنتاج الذهب، إن متوسط سعر طن الكوارتز يتراوح ما بين 18 إلى 20 جنيه للطن الواحد،مشيرا أن الطن الواحد من الكوارتز تختلف نسب وجود الذهب به ، فمنه من يحتوى الط على 3 أو 4 جرامات ذهب ، ومنها ما يصل إلى 6 أو 7 جرامات بالطن الواحد وهذا لجودة خامات الكوارتز التى يتم استخراجها لأنها تختلف جودتها من منطقة لأخرى.
وأكد "الراجحى" فى تصريحاته ، أن الكوارتز يعتبر من الأحجار الكريمة التى يتم تصدير آلاف الاطنان منها أسبوعيا من خلال ميناء سفاجا، منوها أن الاماكن التى يوجد بها ، مشيرا أنه من الممكن احتواء الـ٤٠ طن التى تم ظبطها مؤخرا على ٥ جرامات ذهب أو أقل من ذلك.
وقال إن الحصول على الذهب من الكوارتز لا يأتى إلا من خلال تحاليل ودراسات لتحديد الكميات ،نظرا لأن الذهب خام صعب جدا فى استخراجه لذايحتاج لكسارات وآلات ومعدات حديثة ضخمة.
رفيق عباسي:
وقال المهندس رفيق عباسي، رئيس شعبة الذهب التابعة لغرفة الصناعات المعدنية، باتحاد الصناعات المصري، إن إنتاج الذهب فى مصر انخفض من 300 طن سنويا،إلى 30 طنا فقط العام الجاري، وهو ما يعد 10% فقط من الإنتاج الطبيعي، وذلك بسبب الارتفاع المتواصل لسعر الذهب.
وأضاف عباسى فى بيان صدر مؤخرا عن شعبة الذهب ، أن ارتفاع سعر الذهب المتواصل أدى إلى ركود تام في الأسواق وانعدام حركة الشراء تقريبا، مما تسبب في تسريح نسبة من العمالة بمحلات الذهب، مؤكدا أن انتاج مصر تراجع بنسبة 90 % في 2016 .
طرق التهرب
فيما أكد مصدر أمني ، أن أمن الطرق والموانئ والمطارات وحرس الحدود هي المسئول الأول عن الثورة المعدنية وتأمينها داخل مصر ،مشرا ان ليس لديهم حصر بالكميات المهربة أو التي تم ضبطها لأن هناك أكثر من مادة خام ،مثل الذهب والفضة والفوسفات والرمال السوداء.
وأشار المصدر ، ان هناك بعض المهربين يقوموا بالتلاعب في الكميات المصدرة ونوعية المادة الخام ودرجة جودتها للإعفاء أو تقليل القيمة الجمركية