الأختلاس فى معناه العام هو أخذ الشئ بطريقة لا تقرها أحكام الدين أو مبادئ الأخلاق أو قواعد القانون ،ويعد الأختلاس الركن المادى لجريمة السرقة وفقاً لنص المادة ٣١١ من قانون العقوبات المصرى ،و التى تنص على أن كل من أختلس منقولا مملوكا لغيره فهو سارق ، لأنه أستولى على حيازة الشئ على غير علم وبدون رضا مالكه أو حائزه !!
وقد نشرت وسائل الإعلام المختلفة عن أكبر قضية أختلاس للمال العام فى تاريخ قضايا الأختلاس ، وهى قيام رئيس مجلس إدارة شركة تراى أوشن للخدمات البترولية ، ومعه المدير المالى للشركة بأختلاس مبلغ ٩٦٠ مليون دولار أمريكى ، طبقاً للبلاغات المقدمة، من خلال التلاعب فى بيانات كميات الغاز المورد للشركة ،وحصلا على مدار ثلاث سنوات على فروق التلاعب فى البيانات من الحسابات المالية للشركة ،وتحويلها إلى البنوك الأجنبية .
والأموال المسروقة بلغت مليار دولار أمريكى على الرغم من الازمة الدولارية التى تعانى منها الدولة فى السنوات الأربعة الأخيرة و التى على إثرها تم تحرير سعر العملة الأجنبية الدولار ليصل سعره الرسمى فى البنوك إلى ١٦ جنيه مصرى، ليكون المبلغ المختلس من الشركة يعادل ١٦ مليار جنيه ،كأكبر قضية فساد واختلاس تعرض على القضاء المصرى !
والغريب هو القدرة على التلاعب فى الحسابات المالية للشركة على الرغم من وجود أكثر من جهاز رقابى يختص بالنواحي المالية ، وهى البنك المركزى المصرى ، والهيئة العامة للرقابة المالية ، والجهاز المركزى للمحاسبات.
وأول معالم جريمة الاختلاس إكتشاف التلاعب فى أرصدة وأرباح الشركة ووجود عجز فى موازنة الشركة بمبلغ ١٨ مليون دولار ، وبمراجعة الدورة المستندية وحسابات الشركة بلغ حجم المبلغ المختلس مليار دولار !!!
وفى المقابل تبحث الدولة عن القروض والمنح والمعونات الدولارية وهناك من يختلس الأموال العامة الدولار من خلال تعاملات الشركة مع الجهات الحكومية ، وعلينا أن نتخيل لو تم وضع وديعة بقيمة مليار دولار لصالح العاملين بقطاع البترول لحل مشاكلهم المالية ، سيتم حل جميع المشكلات المالية على مدار أكثر من ربع قرن !
هل يمكن اختلاس مليار دولار بهذه السهولة التى تبرز أن نظم الإدارة المالية أصبحت سداح مداح اختلاسات على كل شكل ، من البونات إلى البدلات والمكافآت لنصل إلى المليار دولار فى عام ٢٠١٧ ..
عندما يتم توقيع اتفاق قرض أو منحة بمبلغ ١٠٠ مليون دولار يتم التهليل والتصفيق على القدرة فى الحصول على استثمارات دولارية !!
فكيف تم اختلاس مليار دولار ، ونقبل بشروط صندوق النقد الدولي فى الرقابة المالية على الاقتصاد المصرى !!