من المسلم به أن الهدف الرئيسى لثورتى يناير ٢٠١١ ،ويونيو ٢٠١٣ ،هو إنشاء دولة سيادة القانون ،وتحويل المجتمع من حالة الفساد إلى حالة النظام ،أى من مجتمع فوضوى إلى مجتمع منظم يضمن فيه كل إنسان من أفراد المجتمع أن يستمتع بكامل حريته دون أن يتعرض لأعتداءات الآخرين ، فى إطار من المساواة والعدالة بين أفراد المجتمع .
وتتولى السلطة التنفيذية مهمة القيام بالوظيفة الإدارية ،ولذلك يطلق عليها السلطة الإدارية ،وهى فى سبيل تحقيق وظيفتها تقوم بالعديد من الأعمال و التى منها إصدار قرارات للتعيين على الوظائف المختلفة !!
فتجد القرارات الخاصة بوقف التعيينات من أجل الإصلاح الإدارى ،وقرار السماح للعاملين بطلب الخروج المبكر للمعاش ، وفى المقابل تصدر قرارات تعيين فردية لأشخاص بعينهم سواء أبناء الوزراء وأعضاء مجلس النواب ،والقيادات التنفيذية العليا.
وأيضا تجد قرارات تعيين للمحالين للمعاش والأستيداع فى أجهزة الحكم المحلى والهيئات العامة الإقتصادية والشركات الإستثمارية بموجب قرارات فردية وهو تناقض لا مبرر له، وهو ما يكشف عن أن كل قطاع من قطاعات الوظيفة العامة فى مصر ،هناك طائفة لاتسرى عليها أحكام الدستور والقانون واللائحة ،لتصدر لهم قرارات خاصة بالتعيين استناداإلى أن ذلك وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة ،إلا أن جميع هذه القرارات باطلة لمخالفتها أحكام الدستور المصرى الصادر فى ٢٠١٤ !!
وتدرج القواعد القانونية تعنى أن كل سلطة عند قيامها بإنشاء القواعد القانونية، أن تراعى أحكام القواعد الأعلى ،حيث لا يجوز للقاعدة الأدنى مرتبة تعديل أو إلغاء القاعدة الأعلى مرتبة ،ويترتب على ذلك أن القرارات الإدارية المخالفة للتدرج باطلة وغير مشروعة.
والسؤال : ما هى النصوص الدستورية التى تخالفها قرارات التعيين الصادرة من السلطة الإدارية؟
حدد المشرع الدستورى مجموعة من المبادئ تقوم عليها الوحدة بين جميع المواطنين ،وهى مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين ، وتلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص دون تمييز ،على اساس ان الوظائف حق للمواطنين على اساس الكفاءة ، ودون محاباة أو وساطة ،وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب، وتكفل الدولة حقوقهم وحمايتهم ،وقيامهم بأداء واجباتهم فى رعاية مصالح الشعب المصري !!
وقد جاءت المادة ٩٩ من الدستور لتقضى على جميع قرارات التعيين المخالفة لأحكامه ، فنصت على أن كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين ، وغيرها من الحقوق والحريات التى يكفلها الدستور والقانون ،جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم ، وللمضرور حق إقامة الدعوى الجنائية بالطريق المباشر ( وهو مايعنى إمكانية محاكمة المسئولين عن قرارات التعيين التى تمثل اعتداء على حقوق المواطنين ) .
كافة قرارات التعيين الصادرة عن الدولة منذ صدور دستور ٢٠١٤ ، لم تراعى المادة ٥٣ و التى تنص على أن ( المواطنون لدى القانون سواء ،وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات لا تمييزبينهم لأى سبب ،إلا أن قرارات التعيين الصادرة تقوم على التمييز.
قد يذهب البعض إلى ان قرارات التعيين تصدر من سلطة مركزية عليا ،رئيس الجمهورية ،أو رئيس الحكومة ، أو الوزراء ،أو المحافظين لوظائف خاصة وليست وظائف عامة مثل التعيين فى الشركات الإستثمارية، وهو تصور خاطئ لأن قرارات التعيين الصادرة عن السلطة المركزية تتخذها بصفتها سلطة رقابة واشراف تمارسها بناءاً على تكليف من القانون لرعاية أموال الدولة عامة أو خاصة والحفاظ عليها وبالتالى فهى قرارات ادارية تدخل فى إطار علاقات القانون العام، وهو ما أكدته محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ،بأن قرار التعيين الباطل مهما طال عليه الزمن لا يكتسب حصانة بل يمكن إلغائه، ففى حكمها الصادر فى ١١/٩/٢٠١٧ ، قررت المحكمة إلغاء القرار رقم ٣١٧ لسنة ٢٠٠٢ ، بعد مرور ١٥ سنة ببطلان تعيين ٢٤ مدرس مساعد ومعيد بكلية الطب !!
الكثير من المواطنين يصفقون لقرارات التعيين الصادرة لمن خرجوا على المعاش وهو انتهاك لحقوق العاملين فى قطاعات الدولة المختلفة ،فكيف لشخص أفتقد شروط صلاحية الإستمرار فى عمله الوظيفى بخروجه للمعاش ،ويتم الاستعانة به على وظيفة هى ليست حقا له بل للعاملين بهذه القطاعات.
لذلك كافة قرارات التعيين الصادرة عقب دستور٢٠١٤ ، باطلة .