07:01 pm 01/04/2024
| رأي
| 892
قال تعالى:
"إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ (1) ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ (2) ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَفۡقَهُونَ (3) ۞وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ يَحۡسَبُونَ كُلَّ صَيۡحَةٍ عَلَيۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ (4) وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ يَسۡتَغۡفِرۡ لَكُمۡ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوۡاْ رُءُوسَهُمۡ وَرَأَيۡتَهُمۡ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ (5) سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ أَسۡتَغۡفَرۡتَ لَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ لَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ (6) هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْۗ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَفۡقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعۡنَآ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ لَيُخۡرِجَنَّ ٱلۡأَعَزُّ مِنۡهَا ٱلۡأَذَلَّۚ وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَ (8)"
-سورة المنافقون- الآيات ١: ٨
هو عبد الله بن أبى بن سلول الأنصارى من بنى عوف زعيم الخزرج فى الحاهلية، وقبيلته إحدى القبائل التى آوت ونصرت الاسلام... ووالد عبد الله الصحابى الجليل وابن خالة عامر الراهب، وكان عامر هذا قد لبس المسوح وترهب وتنبأ بظهور النبى قبل بعثته وأخذ يذكره لقومه ويبشرهم بخروجه.
وكان عبد الله بن أبى ذا جاه عريض فى الجاهلية وله ثروة كبيرة جمعها من عدة طرق منها التجارة وقرضه لأصحاب الحاجة بالربا، ودفع الجوار إلى مزاولة البغاء طلبا لكسبهن ورغبة فى أولادهن ليكثر خدمه وحشمه.
وقبل هجرة الرسول كان أهل المدينة وأصحاب المكانة فيها يجمعون له الخرز ليصنعوا له تاجا ليتوجةه ملكا عليهم ورئيسا لجموعهم... فلما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم انفض الناس من حوله والتفوا حول رسول الله... وتبعهم فى ذلك اقرب الناس إليه من قبيلته وأسرته وأهل بيته... فلم يجد عبد الله بن أبى حيلة فأظهر إسلامه وابطن كفره وتبعه فى ذلك مجموعة من خدمه وعبيده ممن هم فى حاجة إلى عطائه وماله وجماعة أخرى طمس الله على قلوبهم وأصبح بذلك زعيما لفىة من الناس عرفت بالنفاق والتلون فى دولة الإسلام الأولى.
وكان أن غزا الرسول صلى الله عليه وسلم بنى المصطلق فنزل على ماء من مياهم يقال له المريسيع، فوردت واردة الناس، ومع عمر بن الخطاب أجير له من بنى غفار يقال له جهجاه بن مسعود يقود فرسه، فازدحم جهجاه وسنات بن وبر الجهنى حليف بنى عون الخزرجي على الماء فاقتتلا، فصرخ الجهنى يا معشر الانصار، وصرخ جهجاه يا معشر المهاجرين.
فغضب عبد الله بن أبى وعنده رهط من قومه وفيهم زيد بن ارقم غلام صغير... فقال بن أبى: أوقد فعلوها؟ قد نافرونا وكاثرونا فى بلادنا فى بلادنا... اما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل... ثم أقبل على من حضره من قومه فقال لهم: هذا ما فعلتم بأنفسكم... احللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم اموالكم... اما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم.
فسمع ذلك زيد بن ارقم فمشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر وعنده عمر بن الخطاب، فقال عمر: مر به عباد بن بشر فيقتله... فقال الرسول: فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمد يقتل أصحابه؟، وأمر أن يرتحل الناس عائدين إلى المدينة.
ومشى عبد الله بن أبى إلى رسول الله حين علم أن زيد بن أرقم قد بلغه ما يمع، فحلف بالله ماقلت ولا تكلمت... فقال من حضر المجلس من الأنصار: عسى أن يكون الغلام قد أُوهم فى حديثه ولم يحفظ ما قال الرجل، حدبا على ابن أبى ودفاعا عنه.
فسار الرسول صلى الله عليه وسلم عائدا إلى المدينة ولقيه أسيد بن الحضيرفحياه وسلم عليه... فقال النبى: أوما بلغك ما قال صاحبكم عبد الله بن أبى؟... قال اسيد: وما قال؟، قال النبى: زعم أنه إن رجع المدينة أخرج الأعز منها الأذل... قال اسيد: فأنت يا رسول الله... والله لتخرجنه منها إن شئت هو والله الذليل وأنت العزيز ولكن ارفق به فوالله لقد جاء الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه، فإنه ليرى انك قد استلبته ملكا.
ونزلت السورة التى ذكر الله فيها المنافقين نزلت فى ابن أبى ومن كان على مثل أمره... فلما نزلت أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم باذن زيد بن أرقم ثم قال: هذا الذى أوفى الله بأذنه.
وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبى الذى كان من أمر أبيه فاتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بلغنى انك تريد قتل ابن أبى فيما بلغك عنه، فإن كنت لابد فاعلا فنرنى به فأنا احمل إليك رأسه يا رسول الله، فوالله لقد علمت الخزرجي ما كان لها رجل أبر بوالده منى وإنى أخشى أن تأمر غيرى فيقتله... فلا تدعنى أنظر ألى قاتل ابن أبى يمشى فى الناس فأقتله، فأقتل مؤمنا بكافر، فأدخل النار.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل نترفق به ونحسن صحبته مابقى معنا.