الكاتب : سقراط |
12:58 pm 27/03/2024
| رأي
| 1359
الاقتصاد العالمي لغة واحدة يفهمها كل يعمل في أياً من مجالاته. الاقتصاد هو لغة الحياة بين الافراد مضمونه الفكر ثم العمل والانتاج وتحقيق الربح . الاقتصاد هو هيكل انشائي معقد ، كل صناعة او تجارة او مهنة تضفي عليه صفة تفاصيل لتصل به الى شكله النهائي . كسب المال ليس اقتصاداً ولكن صناعة المال هي الاقتصاد بمعناه المجرد . بدون وجود مفردات وعوامل هذه الصناعة فلن يمكن لأي مجتمع ان يستمر في الحياة . هياكل الاقتصاد العالمي كثيرة ولكن ما سنناقشه في هذا الموضوع الصعب هو ( اقتصاد العائلات) وهو نوع من الاقتصاد المعروف منذ قديم الزمن .
كلنا يعرف او يسمع عن عائله ( روتشيلد) ذات الاصول اليهودية التي تحكمت في مقدرات العالم وكان لها عالم كبير من الاعمال والاموال استطاعات بها ان تغزو كل فروع التجارة والاقتصاد في المانيا وايطاليا وفرنسا والنمسا وبلاد اخري . شبهها الكاتب الكبير الاستاذ ( هيكل) بكائن (الهيدرا ) الخيالي . هذا الكائن كان يشبه الاخطبوط وله ثمانية رؤوس . بكل رأس عقل وفكر مختلف ولكنها في الاخير تراها مجتمعة تعمل في جسد وكيان واحد . كان لها خمس فروع في العديد من الدول الاوربية هذا الطغيان الاقتصادي الذي كان اساسه الفكر العبقري في السيطرة على كل ما يمكنه التحكم في مصالح تلك الدول ادى بها الي امساك زمام امور التوجهات السياسية بها وكان لها دور كبير في نشأة الدولة اليهودية بفلسطين بما لهم بالطبع من سطوة المال و قدرة علي التحكم في حكومات الدول الغربية التي ساندت قيام هذه الدولة حتي يتخلصوا من اليهود في دولهم وترحيلهم لوطن بديل .
ونأتي الى مصر فنجد ان اقتصاد العائلات قد بدأ فعلياً من قبل قيام ثورة يوليو ٥٢ حيث كانت مصر تحت الاحتلال الانجليزي .كان هناك شخصيات كبيرة اسست دعائم اقتصادية هائلة جعلت من مصر قلعة صناعية وزراعية ولم تدور في فلك الارتباط بالحكومة واجراءاتها المتشعبة. كان هناك عبود باشا رائد صناعة السفن والبواخر واول من انشأ مصنع سكر ارمنت ودخل في نشاط الاسمدة وتصدير القطن وكان رئيساً للنادي الاهلي حتى عهد عبد الناصر .
وبالطبع كان هناك أيضاً رائد الاقتصاد المصري الحر طلعت حرب باشا . ذلك الرجل الذي جعل للإقتصاد المصري كياناً ذا قواعد ثابته وكأنه يقرأ المستقبل . ادرك ان لا منفعة من مساعدة وانما العمل وانشاء الشركات من قلب ونسيج المجتمع . شركات تحقق العمل المنتج للملايين وتحقق الاكتفاء الذاتي وتدخل في كل مجالات الحياة علي ارض هذا الوطن . عقد طويل من جواهر ( طلعت حرب) من شركات زراعية وصناعية ومصر للطيران ومصر للسينما وجوهرة التاج كان ( بنك مصر ) الذي مازال واحدًا من اكبر دعائم الاقتصاد المصري حتي الأن . هذا هو العمل الاقتصادي الذي يجعل البلاد تكفي شر الحاجة ويجد شعبها احتياجاتهم من صنع ايادي ابناؤهم .
وكان للبترول المصري تجربة رائدة في اقتصاد العائلات بدخول عائلة دياب الشهيرة معترك صناعة البترول الصعب . دخلوه بثقه و بفكر خاص بهم . اتجهوا بداية بحذر الي بعض الاستثمارات المحدوده حتي قويت شوكتهم فاتجهوا الى مدي ابعد بكثير واصبحت شركاتهم من اكبر الشركات المنتجة للزيت الخام بقطاع البترول . ما يميزهم بصدق هو قدرتهم علي التعامل مع كل اوجه نشاطاتهم الاخرى بتوازن فلديهم انشطة متنوعة في مجالات اخري يحققون فيها نجاحات كبيرة . هم من العائلات المعروفة في الاقتصاد المصري اتجهوا بنفس توجه طلعت حرب باشا الي مفردات الاقتصاد الوطني الهامة من زراعة وتجارة وصناعة وبترول وصحافة لتكون هي مجالات نشاطهم و لم يتجهوا الي اوجه الاستثمار ذات المكسب السريع من اراضي وعقارات وغيرها .
لم يكن الطريق سهلاً بأي حال فيما اتجهوا فيه من استثمار وعمل ولكنهم صادفوا صعوبات كبرى وهنا تظهر قوة الكيان ككل الذي يتكاتف بعضه مع بعض لتخطي هذه الازمات والصعوبات .
الاستاذ صلاح دياب هو رأس هذه العائلة الكبيرة وهو رجل دخل معترك الاقتصاد والسياسة من اوسع ابوابها وكان له بها صولات وجولات . يتمتع بفكر خاص به ويعرف متي واين يضع قراره فكان به سمات من طلعت باشا حرب . هادئ ، خبرته طاغيه فيما يمر به من احداث ، له فكر اقتصادي وطني واضح و يحوز ثقه المتعاملين و يعرف كيف يتجه بالسفينة الى مرافئها ، اما الابن الاصغر توفيق فهو دينامو هذه العائلة الكبيرة والذراع المنفذه لسياستها واصبح القائم علي اعمالها واحوال الاف من العاملين بتلك الشركات .
ولا ننسي في هذا المجال أيضاً وجود عائلة (عوض الله) العريقه والتي كان لها باع كبير في صناعه البترول منذ ان كان علي رأسها المرحوم الكبير (صالح عوض الله) واخوته الكرام و ما زال يقوم عليها حالياً ابنه النابه حسام عوض الله الذي اكتسب من خبره والده الكثير واصبح من احد رجال الاعمال المعتبرين في القطاع .
ويوجد أيضاً عائلات اخري محترمه وان كانت بعيده عن النشاط البترولي مثل عائله ساويرس الشهيره والعربي و ابو هشيمه .
اعلموا انه لن يبني اقتصاد هذا البلد بحق الا بمثل تلك العائلات الكبيره التي تعمل بجديه وثقه وحريه اتخاذ القرار وسرعته وتضيف أبعاداً جديده لنشاط السوق وقوته.
تحيه لهذه العائلات الكبيرة التي نعول عليها الكثير في تعويم سفينه الوطن وبناء هيكل قوي لإقتصاد وطني يعتمد علي نفسه و يحقق الاكتفاء الذاتي للمجتمع الذي قد يعيدنا لأمجاد زمن طلعت باشا حرب واقتصاد مصر القوي . ونحن شعب نستحق ذلك . والسلام ، ،
#سقراط