تنال جريمة الرشوة من شرف السلطة العامة فى الدولة ونزاهتها ومالها فى نفوس أفراد المجتمع من أحترام وهيبة .
وتعد جريمة الرشوة هى المدخل الرئيسي لمفاسد جمة ،فهى عدوان على نزاهة الوظيفة العامة والأتجار بسلطاتها ،والاخلال بحسن سير العمل العام فى مرافق الدولة !!
ومن نتائجها أثراء الموظف المرتشى دون سبب مشروع على حساب أفراد يحتاجون إلى الخدمات العامة ، فهى تهدر مبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين عندما تتكافأ ظروفهم ، وبالتالى تصبح السلطة العامة للدولة بسبب الرشوة فى خدمة من يدفع لا من يستحق .
تدفع الرشوة المسئول إلى أرتكاب جريمة عمدية فى قراراته ، بتغيير القرارات المحققة للمصلحة العامة ،إلى قرارات تحقق مصلحة دافع الرشوة ،فلا يهم أن تضيع مصلحة الشعب ،أو ينزل الضرر بالخزانة العامة للدولة ،وأنتهاك مبادئ العدالة والمساواة المقررة فى الدستور ،المهم أن يتحقق لمقدم الرشوة مطالبه ، وأن يقبض هو رشوته بلا شرف أو ضمير مهنى تفرضه عليه واجبات المنصب الذى يتولاه !!
وقد تنوعت صور جريمة الرشوة بصور لا تعد ولا تحصى ،ولم تترك الجريمة سلطة من السلطات الثلاثة ،التنفيذية والقضائية والتشريعية ألا وقد تفشت الجريمة بشكل علنى وصريح !!
وعقب رفع القيود عن هيئة الرقابة الإدارية بتعليمات من رئيس الجمهورية ،ظهرت فئة البهاوات أصحاب المناصب القياديةالعامة ، فتجد الوزير المرتشى الذى أطاح بوزارة إبراهيم محلب ، ومستشارى وزير الصحة ، والرشوة الكبرى بمجلس الدولة ، ورشوة رئيس محكمة ،وضباط الشرطة ،ورؤساء الأحياء ، ومصلحة الشهر العقارى ، والجمارك ،والضرائب ،ومديرى العموم بالشركات ،لنصل إلى رشاوى المحليات التى قال عنها النائب زكريا عزمى النائب الأسبق بمجلس الشعب مقولته الشهيرة ( الفساد للركب فى المحليات )، وهو ما تكشف عنه قضية نائبة محافظ الإسكندرية ،التى أستغلت مهام واختصاصات منصبها لتحصل على رشاوى مالية وعينية و التى من صورها تذاكر لأداء فريضة الحج ..!!
الشرائع السماوية والوضعية جرمت جريمة الرشوة وعاقبت عليها بعقوبات صارمة ، فالأسلام يحرم الرشوة وينهى عنها فى الكتاب والسنة ..
قال تعالى ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) ( سورة النساء الآية ٥٨ ).
وقد نهى الله عز وجل فى كتابه الكريم من أكل أموال الناس بالباطل ، فقال ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ( سورة البقرة الآية ١٨٨ ) .
وروى عن الصحابى الجليل عبدالله بن مسعود رضى الله عنه أنه قال ( الرشوة فى الحكم كفر وهى بين الناس سحت ) ..
أما التشريع الوضعى المصرى ، فقد نظم المشرع أحكام جريمة الرشوة فى الباب الثالث من الكتاب الثانى من قانون العقوبات المواد من ١٠٣ إلى ١١١ ، وهى من أخطر الجنايات ..
وتعريف الرشوة بأنها طلب الفائدة أو قبولها من جانب الموظف العام أو عرضها عليه مقابل عمل وظيفى يختص به حقيقة أو حكما !!!
وللرشوة صورتان ،الأولى تقع من الموظف العام وتسمى الأسترشاء أو الأرتشاء ، أى طلب الرشوة أو قبولها .والثانية تقع من صاحب الحاجة وتسمى بالأرتشاء .. !!
وقد شدد المشرع المصرى من عقوبة الرشوة بأعتبارها جناية عقوبتها الأشغال الشاقة المؤبدة ، والغرامة ،بالإضافة إلى مصادرة كافة المضبوطات والمصادرة وجوبية، وأيضا العزل من الوظيفة والحرمان من الحقوق ..
وقد تصل عقوبة الرشوة إلى الإعدام إذا كان الغرض من الرشوة أرتكاب جرائم التجسس والخيانة والتخريب !!!!
لقد تفشت الرشوة فى المجتمع بشكل خطير وهو ما تسبب فى فقدان الثقة فى القائمين على المناصب القياديةالعامة فى المجتمع ، رشاوى بالملايين وتسهيل الحصول على المال العام والتربح من أعمال الوظيفة العامة !!!!
الرشوة سرطان العصر الذى يحتاج إلى تشديد العقوبة لتكون الإعدام لكل من أقسم يمين الولاء على احترام الدستور والقانون ، لأعادة الهيبة والثقة المفقودة فى سلطات الدولة نتيجة الرشوة !!!!