الكاتب : سقراط |
07:57 am 16/02/2024
| رأي
| 1067
لا تقلق عزيزي القارئ من العنوان فلن يكون موضوعاً فلسفياً تتوه فيه بفكرك ومعانيه الغامضة. انما هو توضيح لاكبر مشاكلنا الرئيسيه التي تكمن في عدم تقبل تبادل الافكار والاراء فيما بيننا وخاصه في اوقات المشاكل والازمات. فكل منا لا يستطيع ان يفتح اذنيه او مداركه لما يشار عليه او يعطي اهتماماً لما يعرض عليه من افكار ربما يكون داخلها ما يمكن ان يكون وسيله للحل . جميعنا يعتبر من حوله لا يدركون خبرته او يسبقون تفكيره . مجرد وجوده في موقع المسئولية تعطي له انطباعاً بفهم كل دقائق المشكلة وانه الوحيد القادر علي احصاء خفاياها والتعامل معها . كثير من المشاكل تتفاقم ولا تجد لها مخرجاً ويصبح المسئول عنها اكثر عناداً و يأخذ المشكلة الي منحي اكثر تعقيداً. منذ ازمنة بعيدة ادرك كثير من المفكرين تلك المشكلة واتجهو الي مناقشتها من كافة جوانبها الانسانية والفلسفية. وكانت ( حوارات افلاطون) احدي هذه المحاولات لوضع الرأي والرأي الاخر علي مائده واحده قابله للنقاش . هي صوره تخيليه و ضعها هذا الفيلسوف لعدد من الاشخاص باراء مختلفه يضع كل منهم تصوره في ابعاد المشكله وطريقه حلها . المهم في هذا الموضوع بعيداً عن تعقيداته الفلسفيه التي لا اريد ان اخذك اليها ان الجميع يستمع جيداً للاخر ويناقشه فيما عرضه ويعرض عليه مأخذه على طرحه بدون اي تحفز او حساسيه . لا تعتقد ان هذا الموضوع بالسهوله التي تتصورها فتخيل الرأي والرأي المعارض والمؤيد له معايير فكريه متعدده ولا تأتي علي عواهنها .
—————
لا يوجد في الدول التي تقدمت وسبقتنا بمراحل مسئول بعينه وانما هي اداره . الاداره تشكل كل التوجهات و الروئ علي اختلافها ومهما كانت عمق الخلاف فالجميع ينصاع للمصلحه العامه ورأي الاغلبيه في الموضوع . ولا يعتبر المعارض للقرار النهائي انه مهزوم ولا يتحين الفرص لأفشال التوجه لأثبات صحه منطقه وان رأيه هو الصحيح . المشاركه الشعبيه للأفكار والمقترحات مطلوبه ويجب اظهار احترامها . واتذكر عندما تولي المهندس شريف اسماعيل رئاسه الوزراء عرضت عليه مشروع لقانون هام اردت به مصلحه البلاد علي الاقل من وجهه نظري . وكان هو الوحيد بحق الذي احترم مثل هذه المبادرات وتحدث معي احد المسئولين في امانه رئاسه الوزراء وابلغني ان ماطرحته و اقترحته تم استلامه بالفعل و يجري بحثه ومناقشته. لا يهم بعد ذلك ماذا تم ولكن المهم انك اديت الامانه تجاه وطنك وان المسئول قد اظهر اهتمامه واحترامه لما قدمته .
مثل هذه التصرفات المسئوله ترسخ ثقه المواطن في المسئولين وتشيع جو من المسئولية المشتركه . وعلي النقيض فأن التجاهل وتحقير الرأي والاتهام المتواصل بعدم المعرفه و عدم الالمام بكامل الصوره يؤدي الي سلبيه واتكاليه كامله علي من بيدهم الامر ويصل الامر ان يكون الثمن هو طلب العامه للمأكل والمشرب وكل سبل الحياه في ان تكون عند متناول يدهم بدون اي مجهود منهم وبلا اي تقدير لمصاعب توفير هذا بدون مردود اقتصادي حقيقي وانتاج ومشاركه من كافه اطياف المجتمع. شرح الاستاذ شريف الشوباشي هذه النظريه في كتاب له وكانت من اهم جوانبه هو ضروره الاعتداد بما تمليه الاراء الجديده والاجتهاد حتي في قواعد التعامل الديني واستشهد بمقوله الامام (ابي حنيفه) خلال تأسيسه لمذهبه الفقهي عندما واجه عاصفه من المعارضه التي ترفض الاجتهاد فيما تركه السلف من قواعد وتوجهات دينيه جامده فكانت مقولته الشهيره ( هم رجال ونحن رجال) . المغزي من ذلك علي بساطته عميق فهو يلخص وجهه نظره ان ما قام عليه رجال من الماضي لهم نفس وعقل وحكمه فأن هناك أيضاً رجال في كل زمن لهم ان يجتهدوا ويخرجوا مايرونه يتفق مع المبادئ والقيم الدينيه والانسانيه.
لا اريد ان اسهب في الحديث ولكن زمن الازمات يعلم الحكمه ويخرجها من رحم المعاناه وعلينا ان نتدبر امرنا كلاً باجتهاده وعمله ورؤيته او نسمع بعضنا البعض وعلي الكبير ان يحترم رأي الصغير ويصغي اليه وعلي المسئول ان يدرك ان فكره ليس موحي من السماء فهو يحتمل الصواب والخطأ . بغير هذا لن نصل الي طريق النجاه . والسلام ،،
#سقراط