الكاتب : سقراط |
05:12 am 12/02/2024
| رأي
| 1044
دخلت الي السيارة متثاقلاً لا يدور في ذهني تفكير محدد وهمت أصابعي ان تبدأ بالعبث علي شاشه الهاتف واذا بالسائق يفاجئني بتساؤل مشوب بالحذر ( هو احنا هنحارب ؟ ) . نظرت اليه بأستغراب وبعض الامتعاض ربما لاستجماع شتات فكري لأستطيع الرد. وقلت له ماذا تقصد ؟ فكان رده ان الناس تتكلم عن ان المواجهه علي الحدود اصبحت وشيكة وان هناك قوات عسكريه مصريه علي اهبه الاستعداد لذلك . قلت وانا اتصنع البراءة وماذا تري انت ؟ فنظر الي في ريبه ظاهره وقال لي والله مش عارف!! . عزفت بنظري عنه و دار في ذهني شريط الاحداث الجاريه و ذكريات الماضي وحروبه ومشاكله التي لا تنتهي مع هؤلاء الذين ابتلانا الله بوجودهم في منطقتنا ولم تهدأ لهم سيره عبره مسيرة اكثر من ٧٥ عاماً منذ ان سكنوا منطقتنا . فما ان انتهينا من حروبنا العسكرية معهم حتي دخلنا غمار المساومة والمفاوضة علي ( طابا) ثم مشاكلهم التي لا تنتهي مع اصحاب الهويه الفلسطينيه اما عن مؤمراتهم الاقتصاديه والاجتماعيه فحدث ولا حرج فهي لا تنتهي وتتوالي كل يوم علينا ومازال بناء سد الاحباش علي النيل شاهداً علي مايقومون به سراً وعلانيه . قوم لا تهدأ لهم سيره ولا تنخفض لهم وتيره دائماً هم في خلاف وشقاق يعيشون علي مشاكل الاخرين ويعشقون اشعال النار في اي بلد . تذكرت كيف كان ( للسادات) معهم صولات وجولات ذلك الداهيه الذي أوسعهم حيره ومراوغه انهكتهم حرباً ثم سلماً . ولكن الظروف التي نمر بها جعلتني اتوقف عند حديث تاريخي هام بين السادات والثعلب الماكر الاستاذ الكبير ( هيكل) .
حينما عرض الاستاذ ( هيكل) علي السادات موقف الرأي العام الغاضب من تأخر المعركه مع هذا العدو لإسترداد الارض و الكرامه بعد حرب ٦٧ المؤلمه. وكان رده الذي يظل قاعده هامه في التعامل مع مثل هؤلاء حيث قال ( لن ادخل المعركه الا بشروطي) . الكلام في عمق هذه القاعده وذكاؤها طويل وممتد ولكن خلاصته الظاهره ان عليك ان تتوخي الحذر من فرض معركة عليك ، فاذا كنت مستعداً فتدخلها وانت منهك من فرط الاستعداد لها واذا لم تكن كذلك فتكون النتائج وخيمه.
وهاهي الايام تعود وتتكرر ولكن بذكاء شيطاني حيث لا تعرف لهذه المعركه ابعاد محدده . الماضي كان يقول ان هناك أرضاً محتله لنا دخلنا في غمار الحرب لتحريرها . اما الان فلا يوجد أرضاً محتله ولا يوجد سبب واضح او ظاهر يخصك كمصري للمواجهة العسكرية . هي مكيدة وتخطيط ليجعلك في مواجهه مدنيين عزل دفعتهم اله الحرب علي الجانب الاخر للاندفاع بعشوائيه في اي اتجاه للنجاه. طبول الحرب هنا زائفه ولا تجد لها مسوغاً محدداً وهنا تكمن الاعيب المكر والخديعه تلك التي تجعلك تتحرك بناء علي لاشئ.
بالتأكيد اثار اعجابي ودهشتي ان اجد ارتال عسكريه مصريه تنشق عنها الارض بين عشيه وضحاها لتقف مكشره عن انيابها علي خط الحدود . من اين اتت تلك الارتال والمعدات ومتي ومن اين تحركت لا تدري ؟ هذا هو الجيش المصري الذي يظهر من حيث لا تتوقع تراه يخرج من تحت الارض ومن فوقها وربما يظهر في جنبات جبالها وصحاريها بدون سابق انذار . لا تقف امام سرعه انتشاره ووجوده بحاراً او تضاريس . وهذا في حد ذاته مايصيبهم بالغيظ والحنق واللوعه وهم يرون علي مرمي بصرهم تلك المعدات والارتال واكاد اسمعهم يرددون في حسره والم من اين اتي كل هذا وكيف وصلوا الي هنا بين ليله وعشاها ؟ .
لذا فأني اعرف جيداً انه لن يتم فرض قواعد لعبتهم القذره علينا وان لدينا من القاده والفكر ما يمكنهم من استيعاب وفهم تلك الاعيب وان القوات علي الحدود هي استعراض عنيف للقوه واظهار الاستعداد للدفاع عن حدود البلاد في اي وقت ولن يجرؤ فرد منهم ان تطئ قدمه ارضنا وهم يعلمون ذلك تماماً. سيكون غالباً ما يحدث حالياً في الكواليس الكلمه النهائيه في الموقف الحالي ولن يغامر اي طرف بالمواجهة العسكريه التي ستكون مفزعه وداميه اذا حدثت ولن تزيد الموقف الا تعقيداً وصعوبة وتشعل الموقف في المنطقه كلها .
لن نرقص أبداً علي طبولهم الجوفاء ولن ندخل معركه الا بشروطنا كما قال السادات منذ خمسين عاماً وعلينا ان نتوجه آليّ البسطاء من الناس بتوضيح تلك المفاهيم لهم ببساطه وبث روح الثقه فيهم تجاه جيشهم وقيادتهم فهم يعلمون ما يفعلون .
والسلام ..
#سقراط