07:22 am 09/02/2024
| رأي
| 1263
الاختيار الصائب والإدارة الحكيمة، عنصران أساسيان في صنع القرار. فهما يؤثران بشكل كبير على كيفية اتخاذنا للقرارات في حياتنا الشخصية والمهنية. فالاختيار هو عملية تحديد الخيارات المتاحة واختيار واحدة منها، بينما الإدارة فهي تتعلق بكيفية تنظيم وتوجيه هذه الخيارات، والقدرة علي إدارة الموارد بطريقة مناسبة تحقق التوازن لتفادي حدوث الأزمات.
وحيث أن مصر تمتلك الكثير من الثروات الطبيعية والموارد؛ فهل يعقل أن يؤول بنا الحال لتعلو الأصوات بأننا نعاني من أزمة اقتصادية ويشكو الكثيرين من غلاء الأسعار، عدم توافر بعض السلع، خفض لقيمة الجنيه وغيرها؟
نحن نعاني من أزمة سوء الإدارة، والتخطيط، هدر الموارد، وغياب الرقابة، وموت الضمير-(البعض وليس الكل). نحتاج الي إعادة ضبط المصنع لعقولنا إلي مستوي "الإعدادات الإنسانية".
وفي هذا السياق رصد لبعض المشاهد الحياتية:
—————
المشهد الأول: تواجدت منذ أيام في أحد مباني التأمينات وهو خاص أيضاً بالمعاشات، وحدث ولا حرج عن أعداد المتواجدين في شقة ضيقة جداً في الدور الأرضي بعمارة سكنية، وحدث أيضاً عن المعاملة الغير مقبولة من بعض الموظفات في هذا المكتب. لا رحمة ولا صبر. لا تدرك الموظفات أنهن يتعاملن مع أشخاص إما موظفين متقاعدين من كبار السن أو من فقدوا أحبائهم، وكفي بهم مرار الفقد. لدرجة أني وجدت فتاة تبكي وتقف بإنكسار وهي تقدم الورق لأنها تريد فقط رقم تأمينات والدها المتوفي من يومين لتقديمه للمحكمة من أجل إجراءات معينة لم أدخل في تفاصيلها. فلا رحمة ولا شفقة لهؤلاء من أصحاب الحاجة. لا أحد يجيب علي أبسط الأسئلة، مثل أين أستعلم عن الشباك الصحيح لكي انتظر بالساعات لتقديم الطلب، وإن كان الرد فهو برعونة. أيضاً، دورة مياه صغيرة خاصة فقط بالموظفات ولك تخيل الباقي. المشهد الأكثر اثارة، أن الختم مع مدام فلانة وهي في العمارة رقم * وعلي هؤلاء من المقهورين وكبار السن أن ينتقلوا من مبني إلي مبني آخر. علماً بوجود شقة أخري تابعة للمكتب في نفس المبني والدور ولكن مخصصة للأرشيف وغالباً لوجبات الموظفات. اليك المساحة عزيزي القارئ تخيل الموقف واكتب وصفاً له....
————————
المشهد الثاني:
نجد بعض الموظفين بالقطاع الخاص يعملوا بكل ما لديهم من حنكة ودهاء لتطوير وتوفير النفقات والمصروفات التشغيلية لشركاتهم. جيد، ولكن الأخطر، أن يكون هذا علي حساب خزينة الدولة المصرية. والأهم علي حساب ضمائرهم المعطلة مؤقتاً.
كما يحدث عند عمل عطاءات لإختيار أنسب شركات المهام والخدمات ويتم إختيار شركات بعينها رغم وجود الأفضل. و ينتهي الأمر بإسترداد المبالغ التي تم إنفاقها على دفعات من خزينة الدولة بموجب الإتفاق وصبها في خزينة هذه الشركات وتحقيق علاوات لهؤلاء الموظفين.
———————
المشهد الثالث:
كثر المحللون هذه الأيام عن أزمة الدولار وانخفاض قيمة الجنيه والكل يتحدث والكل لديه الحلول "سبحان الله" . لدرجة أن بعض من أساتذة الجامعات في لقائات لهم يستنكرون الأوضاع الحالية، ويقولون إن لديهم حلولاً وقد تحدثوا عنها سابقاً في معظم محاضراتهم. لم أجد في لقائهم وكم أتمني أن أكون مخطئة، إلا السخرية بدلاً من الإحساس بالشغف والرغبة في تجاوز الأزمة.
لماذا لا نقوم بعمل حوار علمي مثل الحوار الوطني علي مستوي الجامعات والاستفادة من هؤلاء الكوادر والقامات وتجميع الأفكار والمقترحات في كافة التخصصات؟ بدلاً من توظيف الدول الشقيقة لهم والاستعانة بهم في تطوير مشاريع حكومية ناجحة لديهم.
——————-
المشهد الرابع:
تجد البعض من أشباه الإعلاميين و مرتزقة وسائل التواصل الإجتماعي المؤثرين الذين يبثون الموضوعات والأفكار السطحية على بسطاء الشعب واثارة الموضوعات والأفكار المضللة وادعاء الحلول التي تدعو لإحداث الأزمات في غياب رقابي عليهم. الأمر الذي يتطلب زيادة الوعي، تحري مصدر المعلومة.
أخيراً وليس آخراً: أكرر، لا يمكننا التحدث عن الأزمات والصعوبات طول الوقت حتي لا تثبط العزيمة ويُفقد الأمل. أيضاً، لا نستطيع أن نغض الطرف عن النماذج المشرقة والبناءة في المجتمع، من أفراد ومشاريع ومؤسسات وهيئات تسعى إلى إعمار الأرض. فالقادم أجمل بإذن الله.
إن قدر الله لنا في العمر بقيه، فربما لنا في الحياة لقاء .....