مجرد رأي..الملك ولعبة الاقدار 

أعلن قصر بيكنجهام الملكي في بيان حزين عن اصابه جلاله الملك تشارلز الثالث ملك المملكة المتحدة بمرض السرطان .اعلان الخبر رسمياً هو ظاهرة فريده لم تحدث من قبل حيث تحاط اخبار العائلة المالكة بسياج من السريه والخصوصية التامه .ظلت الملكة اليزابيث الثانية متربعة على العرش لمدة تزيد عن السبعين عاماً حتي اصبحت ملكك اسطورية تحيطها هاله من الاعجاب والاحترام وصلت الى مرحلة التقديس .ظل الملك تشارلز ملازماً لوالدته الملكة كولياً للعهد حتي تجاوز عمره الثالثة والسبعين.لم يحظ الامير تشارلز خلال تلك السنوات الطويلة بشهره وشعبيه والدته التي اصبحت رمزاً أبدياً لبريطانيا ودول الكومنولث. لم يألف العالم الجنيه الاسترليني الا بصورة الملكه المطبوعة عليه وظل النشيد الوطني لبريطانيا علي وتيره واحده تبدأ وتنتهي بجمله ( يحفظ الله الملكه) . طول فتره الامير تشارلز في ولايه العهد دفعته الي القيام بأنشطه قد تكون ليست من مهام الاسره المالكه الرسميه ولكنه اكتسب بها شعبوية كبيره  ابتعد بها عن النظام الارستقراطي الصارم للملكه .  ومنها رعاية الجمعيات الانسانيه والخيرية وكذلك جماعات المحافظه علي البيئه ورعايته لكافه ما يخص التعاون والتفاهم بين الاديان المختلفه وزار مناطق متعدده في افريقيا للحفاظ علي الحياه البريه بها  . 

زار الامير تشارلز الجامع الازهر والكنيسة المصريه  وكانت له رحلات متعدده للآثار المصريه في  القاهره و اسوان وكان له علاقات ثقافيه وفنيه وثيقه مع مصر . الامير كان هادئاً بطبعه خاضعاً لكافه القواعد الملكيه الصارمه التي تحكم علاقات وتصرفات العائله المالكه في بلاده و التي كانت تحظي بتشدد واضح من الملكه حيث تعطي للمراسم الرسميه وقواعد البرتكول المرتبه الاولي في اهتماماتها. ومن لا يعرف قدر اهميه ذلك عندها ستتعجب عندما تعرف انها راجعت عده مرات مراسم  جنازتها قبل وفاتها بعشرات السنوات لتكون عند المستوي اللائق لأباطرة الدوله التي لا تغيب عنها الشمس.  كانت بحق الحارس الامين علي القواعد الملكيه العتيقه والمطبقة في هذه المملكة العريقة منذ القرن الخامس عشر  ونفذتها حرفياً عند وفاه والدها الملك جورج السادس والذي تجد صورته علي الجنيه الذهب المتدوال بين ايدينا حتي الأن . توفت الملكه بسلام بعد عمر امتد لأكثر من اثنان وتسعين عاماً  وكانت جنازتها اسطوره فنية تاريخيه وشاهده علي الحضاره الانجليزيه العريقه و كانت ومن احد عجائب القرن الواحد والعشرين من فرط تنظيمها و تعدد مراسمها الرمزيه المعبره حتي لحظات دفن الجثمان في النهايه علي انغام الرحيل بالمزمار الاسكتلندي الشهير . توج الامير تشارلز الثالث رسمياً عرش هذه المملكه في مايو ٢٠٢٣. 

في احتفال مهيب وتغير النشيد الوطني لبريطانيا ليبدأ وينتهي بجمله ( ليحفظ الله الملك) . 

وهاهو لم تمض عده شهور علي اعتلائه العرش حتي يصاب بهذا المرض اللعين وكأنه علي موعد مع القدر . هكذا الدنيا لا تعطي كل شئ . تعطي بيد وتأخذ أضعافاً باليد الاخري . درس قاس لكل من يحزن علي منصب او ضياع فرصه او حلم ثراء فلعله لو اتي لأخذ  معه الكثير . تمر علينا هذه الاحداث وكأنها لا تعنينا ولا توجه نظرنا الي ضربات الحياه الموجعه.  رأينا الفنان عبد الحليم بشتهي تناول سندوتش من الفول والطعميه وهو يملك الملايين والشهره وجيش من الاطباء يتابع حالته ولكنه لا يستطيعه. امتلك من كل شئ سبباً ولكن الدنيا كان لها رأي اخر وتوفي في زهره شبابه وترك كل ذلك خلفه . وكذلك كان انور وجدي ومحمد فوزي رحمهم الله. 

انعموا بما اتاكم الله أياً كان قدره واشكرو نعمته وان قلت فربما كانت كثيره مغدقه وانت لا تشعر . لا تمد عينك الي ما في يد غيرك فلا تدري ابتلاؤه وتأكد انك لن تستطيع معه صبراً. اعلم ان كل هذا نعرفه جميعاً جيداً ونردده منذ عشرات السنوات ولكننا نتناساه في خضم معركتنا في الحياه التي ستنتصر فيها الاقدار في النهاية و نرجو ان لا تكون بالضربة القاضية. رعي الله جلاله الملك في محنته وانعم عليه بالشفاء ووقاكم الله شر كل مكروه ومتعكم بنعمه القناعه والرضا فهي اعظم كنوز الدنيا . 

والسلام ،، 

#سقراط