الكاتب : سقراط |
05:23 am 11/01/2024
| رأي
| 1194
لن تجد في الدنيا ارقي من الشعور الانساني للتعبير عن مختلف ما يشعر ويمر بالانسان من احاسيس وتفاعل مع احداث الحياه. مهما ابدع الانسان في التكنولوجيا والصناعه والبناء فلن تكون أبداً عوضاً عن الانفاس الحيه التي يزفرها بني البشر . تري الكثير والكثير من المخترعات والاجهزه التي يتعامل معها الناس لقضاء حوائجهم ولكنها لم تستطع تقديم نصح او ابتسامه او حتي تحذير . كل مايهمها ان تتعامل معها بالارقام والمصطلحات المحفوظه داخلها فتنفذ طلبك بطريقه اليه بحته. تتفاخر بعض المجتمعات العربيه حالياً باستغنائها عن العنصر البشري بصوره شبه كامله في العديد من الانشطه الحكوميه والتجاريه . ولكنك ستجد الهوه تتسع بين الناس وتسود بينهم الانعزالية والانانيه . يتوارى الاحساس البشري بين خلق الله فلا شعور بمأساه ولا تواد ولا مساعده. من يجوع يموت و من يتعرض لأي طارئ صحي لن يجد من يقف بجانبه . اصبحت العقول التي تقبع داخلنا مجموعه من الاسلاك والمقاومات و العيون جامده لا تميز الا بين فئات اوراق النقد عند استلامها او صرفها او في الرقم الذي يظهر علي شاشه ماكينه سحب الاموال. توغلت شعوبنا في البناء الانيق والمباني باهظه التكاليف ولكنها بلا رائحه ولا طعم ولا تمثل ثقافتنا ولا مناسبه لبيئتنا . نماذج جديده لا يستطيعها الا الأثرياء الذين هم ليسو في حاجه لها من الاساس لأنهم يملكون مثلها وربما افضل . بنايات فاخره فاغره فاها مندهشه من كم الاموال التي تم انفاقها عليها بينما يعيش الكثيرين بدون مأوي . بنايات ومدن بأكملها اصبحت مثل الورود الحديديه لا حياه فيها ولا رائحه . هي مجرد نموذج جميل جامد فارغ من الحراره والحياه يتساوي فيه رفعه الي القمه او ان تلقي به في صندوق القمامه فلن يبالي ولن يبلي في كلا الحالتين. خلق الله الحياه لعماره البشر وجعلهم اسباب لرزق بعضهم من بعض حتي تظل وتستمر ، اهتمت كل الكتب السماويه بمكارم الاخلاق وحسن التعامل بين الناس فهذا هو اساس الحياه والحكمه في وجودها من الاساس . لم يطلب الناس ان يستقبلها في الفندق او المطعم او المستشفي روبوت قد لا يفهم طلبها ولا يدرك شعورك بالالم او حالتك المزاجيه من حزن او جزع او حتي فرح . تقدم علمي مذهل بلا شك ولكنه سخيف يصيب الناس بالبرود والبلادة وفقدان المشاعر . وللعجب لم يجد هذا التوجه طريق ينطلي به علي البلدان التي اخترعته بل هي نفسها اتجهت الي التباهي بالحياه في اجواء الحضارات القديمه في اوروبا و روسيا واحتفاظها بالحياه الطبيعيه من غابات وبحار وانهار . فما زال هؤلاء يعتزون بمدنهم التاريخيه ومقاهيهم القديمه وتعامل الناس مع بعضها البعض علي الرغم من تقدمهم الهائل ولكن تظل الحضاره والتاريخ والانسان اهم عناصر الحياه وعمادها وقوه دولهم . صدرو الينا علمهم في صوره جميله ، صوره الورود الحديديه التي استغنت بها دولنا وشعوبنا عن جمال البيئة الطبيعيه و اهملت كل تاريخ جميل وراحت تزرع حدائق الورود الحديديه وتبث فيها الشاشات الاليكترونية والروبوتات الجوفاء لنظهر تحضرنا وثراؤنا المادي . هم يسخرون منا ، انهم يقومون علي صناعتها ولا يستخدمونها بل يصدرونها لنا استنزافاً لثروتنا وأموالنا. كيف لأمه ان تستغني عن شبابها وعقولها لتقوم علي خدمتها مجموعه من الاسلاك في هياكل حديديه مثيره للامتعاض . كيف نضيع اموالنا في بناء ناطحات سحاب لا يسكنها احد واصبحت كالنخيل الاصم في حدائق حديديه صماء جوفاء لا ظل فيها ولا ماء ونهمل تاريخ مبانينا الحضاريه الجميله من كل العصور المملوكي منها و الفيكتوري و اخري من عصور اقدم تلك التي لا تقدر بمال وكانت شاهده علي تاريخ الامه وكل ما مر بها من احداث ومناسبات وطنيه . اه من امه ضحكت من جهلها الامم .
والسلام ،،
سقراط