مجرد رأي ..توصية غريبة في مؤتمر المناخ .. موقف مصر ؟ 

مجموعه من وجهاء العالم ودوله المتقدمة والنامية يجتمعون في قاعات مبهره وأجواء  اسطوريه يناقشون موقف  المناخ في عالمنا في ظل التغيرات التي تمر بأجواء الدنيا والتي اختلت فيها موازين المناخ واصبحنا نري شتاء في اشهر الصيف و عكس ذلك آيضاً  . الحياه البرية في مناطق متعدده في طريقها للإنقراض والمحاصيل التجاريه تتأثر بعنف نتيجه موجات الجفاف الحاد او الامطار الجارفه . مدن بأكملها مؤهله لأن تختفي من علي الخرائط الجغرافيه نتيجه المد البحري الجائر. وهكذا تري ان الاحوال انقلبت رأس علي عقب . كل طبيعي ومعتاد في حياتنا تغير واصبحت الحياه برمتها علي المحك. يتباري المجتمعون في اظهار سيئات ( الحمل الكربوني) في هواء الدنيا ذلك الناتج عن احتراق النفط الاسود ويحملونه المسئوليه الكامله عن تلك المتغيرات . لا احد ينكر ان النفط الاسود مازال يمثل عصب الطاقه في العالم وخاصه في الدول الناميه كثيفه السكان مثل الهند ومصر ودول امريكا اللاتينيه وبالطبع الصين تأتي في المقدمه . يعتبر سبب هام في انبعاث اكاسيد الكربون بمختلف انواعها في الجو نتيجه احتراقه في الالات  والمعدات الصناعيه . لم يستطع العالم بكل ما اوتي من علم وتكنولوجيا ان يجد بديل اقتصادي لهذا السائل حتي الأن علي الرغم من تأثيره السلبي علي الهواء . احتياجات الناس من الطاقه متزايده وتأتي تكلفه المصادر الاخري فوق احتمال الكثير من الدول .  

مازالت الطاقة النوويه مثار خوف الكثير من الدول لمعاملات الخطوره البالغه لها وتكلفتها الباهظه والطاقه الشمسيه مازالت محدوده التأثير . حتي اكتشاف الغاز واستخدامه يعتبر من الصناعات ذات التكلفه العاليه حيث توجد اماكن مكامنه في مناطق صعبه تتطلب استثمارات ضخمه وتقنيات عاليه في حفر اباره وانتاجها . و عموماً فالعالم يتوجه حتي ولو بصوره شكليه الي الحد من التلوث ببعض القوانين واستمرار تطوير ماكينات الاحتراق في العديد من الصناعات لتقليل حده الانبعاث الغازي الكربوني . و في ظل هذه المشاكل المعقده  ربما  لم تسمع عن توصيه غريبه صدرت عن مؤتمر المناخ الاخير . ستتعجب  حتماً عندما تعرف ان توصيه المؤتمر كانت  بالحد من الاكتشافات النفطيه في المستقبل والاكتفاء بما هو معروف ويجري استنزافه . الطريف في هذا الموضوع انها تصدر  بتوصيه ومساندة من واحده من اكبر دول المنطقه انتاجاً وتحقيقاً للاكتشافات في المنطقه ومن اكثرها استفاده من عوائد تصدير النفط الهائله مما جعلها من اكثر دول العالم ثراء .  وعندما تتجه الي تحليل كيفيه صدور هذه التوصيه ستجد انها صدرت من خلال نظره فوقيه لا تتسم بالواقعيه والتفاعل مع اوضاع العالم .  فعندما تصدر توصيه بهذا المعني فأنها تصطدم بعنف مع مصالح الدول المنتجه الكبري  الاخري والتي تعيش في ثراء فاحش من عوائد تصدير النفط وتقوم علي وضع خطط تنميه طويله الامد تتكلف مئات المليارات من الدولارات. ناهيك عن مصالح شركات عملاقه لها استثمارات واعمال ببلايين الدولارات وتمثل الاكتشافات الجديده العمود الفقري لموازنات  وارباح هذه الشركات . توصيه غريبه لا يقابلها خطه أو تصور لتمويل حقيقي للبديل . 

ماذا ستفعل دوله مثل الهند يعيش فيها اكثر من مليار نسمه وتأتي الصين علي نفس الشاكله يمثل استخدام النفط فيهما  عصب حياه هؤلاء البشر . لم نري توصيه واضحه لمكافحه حرائق الغابات والتلوث البحري ومقابر البلاستيك والمساهمة في تنميه دول العالم الفقير لتخفيف الحمل البيئي السئ نتيجه الفقر والتزاحم واستخدام الحرق البدائي في انشطه كثيره  . لا ادري لماذا اشعر بأن تلك  الدول التي تعيش في بحبوحه من العيش تتلذذ في رؤيه معاناه الاخرين ولا تشعر بمعاناتهم او تمد لهم يد العون بصوره جديه لا مظهريه.  

والسؤال الذي يهمنا نحن في مصر لماذا وقف العالم متفرجاً علي اقامة سد النهضة الذي سيكون له اثار بيئيه حاده علي مجري النيل كله بطول يزيد عن سته الاف كيلو متر نتيجة حجز المياه عن الجريان خلف هذا السد عديم الفائده . وللأسف أن من يتغني بالحفاظ علي البيئه كان هو اول المساندين  والمساهمين في بناء هذا السد . 

هذا مجرد مثال علي تناقضات حاده تدور في العالم كله لا يعبأ بها وجهاء القوم المجتمعين في القاعات الفخمه وتأتي منهم توصيات غير جاده ولا توازي الواقع وبالتالي لا ترقي الي مجرد مناقشتها لانعدام فرص تطبيقها بصوره عمليه . ولنا  ان نناقش هل  يمكن ان تلتزم الدول صغيرها وكبيرها بهذه التوصيه ؟ هل تستطيع مصر مثلاً وقف الاكتشافات البترولية بها اكراماً لهولاء الاغنياء الذين لا يشعرون بمعاناه توفير الطاقة لأكثر من مئه مليون انسان علي هذه الارض ؟ هل سيقومون بتعويضنا عن هذا ؟ للأسف لن يحدث . نحن كدوله وشعب علي سبيل المثال نكافح علي مدار الساعه لأكتشاف و  زياده انتاج النفط في محاولات مستميته لخفض فاتوره الاستيراد الملتهبه التي تمثل حملاً هائلاً علي اقتصادنا وحياتنا اليوميه ومثلنا من الدول الكثير  فكيف لنا ان نتوقف ؟ . 

هل يمكن ان توافق السعودية علي هذه التوصيه؟ بالطبع مستحيل .  هل يمكن فرض تلك التوصيه علي الولايات المتحده وشركاتها العملاقه ؟ كذلك لم تحضر الهند او الصين هذا المؤتمر من الاساس وهم تقريباً نصف سكان الارض . اري ان هذه التوصيه جاءت كعمليه لفت النظر الي الحدث إعلامياً ليس الا  الذي جاء مبتسراً نتيجه الحرب المشتعله في المنطقه والتي سحبت منه الكثير من الاهتمام . هكذا يقام المؤتمر تلو الاخر ويفقد مع الزمن بريقه واهميته نتيجه تلك التوصيات الساذجه التي لا تراعي ظروف دول العالم وشعوبها ويظل الاغنياء واصحاب الثراء يتحدثون بطريقه ماري انطونيت لشعبها الفقير  الذي طالبها بطعام الخبز فطلبت منه اكل الجاتوه بدلاً عنه !! . كفانا استهانه بمعاناه الشعوب والعمل علي مد يد العون الصادق والتمويل الحقيقي للمشاريع البيئيه الكبري التي تساعد في خفض حده المشكله قدر الامكان. علينا ان نتعايش مع بعضنا البعض فنحن سكان كوكب واحد وعلي الحميع ان يتكاتف لإستمرار الحياه فالمناخ وتغيراته لن تفرق بين غني وفقير . دعوه ان يفيق هؤلاء الحالمون المترفون وان يتوجهو الي تمويل التكنولوجيا الحديثه والمشاريع التنموية والزراعية  الخضراء الكبري حتي يكون حديثهم بحق  علي مستوي المسئوليه والاحترام. اما غير ذلك فعليهم ان يبدأو بأنفسهم ويتوقفوا عن انتاج النفط من اراضيهم  ليحذو العالم حذوهم . 
والسلام ،، 

#سقراط