الكاتب : سقراط |
03:45 am 01/12/2023
| رأي
| 1518
احياناً ما يقابلني اثناء سيري احداث مفاجئه اراها عندما يتجمع الناس حول رجل او امرأة (سقط ) مغشياً عليه . لحظات مفزعه ومؤثره . الشارع يعج بالحركة والمفروض انهم من الاصحاء القادرين علي الحركه والتجوال. المفاجأه تكون سريعه ورد الفعل يكون بنفس السرعه . يتجمع الناس ويحاولون بمعلوماتهم البسيطه التعامل مع الموقف. فقد تكون الحاله مرضيه مثل غيبوبة السكر او ربما نتيجة لمرض اخر واسوأ تلك الظروف ما يكون سببه تهاوي الضعف والجوع و هو الغالب للأسف في حالات السن الصغيره. الشارع ملئ بقصص وحكايات الناس وظروفهم الاجتماعية والصحية المتباينة ولكن مرارة ( السقوط) هو شعور واحد بينهم .
————-
شعور غريب عندما تتخلى عنك ارادتك وقدرتك علي التحكم في وظائفك الجسمانية وخاصة الوقوف على قدميك . شعور يثير القهر والفزع والخوف فقد يكون ذلك اول عتبة على طريق الموت . انهيار القدره علي التحكم في نفسك هو شعور مخيف حزين ، هو الشعور الوحيد الذي يمكنه ان يستذرف الدموع من عينيك رغماً عنك مهما كان مركزك وقدرتك و قسوة قلبك . يتراءي شريط حياتك كله امام عينيك في لحظات وتستسلم لأيادي الناس من حولك تحركك وتنقلك الى مكان لم تختره ولم يكن مقصدك عندما نزلت الي الشارع وانت في مكتمل قدرتك و عنفوانك . تخيل، لحظة واحدة تفصل بين شأن واخر . لحظة فاصلة بين احلام ومشاريع وخطط وبين استسلام وقهر ودموع . ما الذي حدث ؟ و كيف لهذا الزلازل ان يقلب كل الموازين و يغير الاحداث ؟ .
————-
هكذا دأب حياة الانسان ليس لها رتم واحد وعندما تأمن لها تتخلي عنك واسوء رفيق يمكن ان يتخلي عنك او يخذلك هو ( صحتك) . انها تفارقك في لحظات بعد ان رافقتك سنيين طويلة فأمنت جانبها ولم تعط لها بالاً . فراقها اكثر عنفاً وتأثيراً من الموت ذاته . فالموت حقيقه تقع علي الصحيح قبل العليل . انه نقطة و تنتهي القصة ويغلق الكتاب . اما فراق الصحه مع الحياة فأنه عذاب مقيم وهوان علي نفسك وعلي الناس . ————
(السقوط) قد يكون علامة لفقدان الصحة وللموت أيضاً. وفي كلتا الاحوال فأنه مروع لا يشعر مرارته الا من تعرض له . بل قد يصاب من يتعرض له بمرض نفسي في المستقبل خوفاً منه. البعض من الناس يكتبون في جيوبهم بعض من علاجهم وعنوانهم وارقام تليفونات اولادهم تحسباً لتلك الظروف القاسيه . ————
أيضاً تنبهت العديد من المؤسسات والشركات الكبري لهذه الظروف ومنحت عامليها كروت للطوارئ يمكن بها العمل علي اسعافه بسرعة دون انتظار الى اي اجراءات. الجميع يعلم عنف وقسوة هذه الظروف و تحاول الكثير من المؤسسات والشركات التقليل من اثارها ولكنها تظل عنيفة قاسية على البسطاء من الناس .
قد يكون ( السقوط) فرصه لمراجعة النفس وادراك ان الدنيا قد تذهب منك في لحظه . ————-
قدرتك ومنصبك وجبروتك كل هذا يتهاوى في ثانية واحدة . لن يتبقي لك سوي بعض من الايادي التي تمتد لتمنع اصطدام رأسك بالطريق او تستر ما قد يكون انكشف منك . ربما كنت قبلها لا تطيق ان تنظر الى وجه احد منهم . انك من مستوي اخر وتسكن في منزل فخم وتركب سياره فارهه وتلبس اغلي الثياب وتنتعل افضل الاحذيه . ولكن كل ذلك لم يغني عنك في تلك اللحظة . فرابطة عنقك قد حل رباطها على عجل وربما تطايرت بعيداً عنك و حذائك خلع عنك حتي ترفع رجلك لأعلي . يتهاوي تليفونك الانيق بجانبك على الرصيف وربما كان يدق في نفس اللحظه بمكالمه من شخصية هامه . محفظتك تكون علي المشاع . كل خصوصياتك تتناثر من حولك لا قيمة لها ولا سلطان عليها . ولكنك ستجد بالطبع من يحاول الحفاظ على كل ذلك ويحاول جمع اجزاء من الصورة التي تهاوت متناثره . انها الانسانيه التي تأبي ان تري إنساناً لا حول له ولا قوه تنتهك حرماته واملاكه .
————-
استغل بعض المتدنيين المتشددين هذه اللحظات المروعه التي قد تحدث لبعض الشخصيات العامه المشهوره و هي تتهاوي امام حشود من الناس او في برامج تليفزيونيه وغير ذلك من احداثً. قامو على جمع عديد من هذه المشاهد علي خلفيه ايات من القرآن المليئه بالتحذير والوعيد بأن الموت سيأتي خلسه ولا فارق في ذلك بين سيد وعبد وان العذاب المبين في الانتظار . بالطبع هي لحظات مؤثره جداً ومدهشه عندما تري شخصيات ملئ السمع والبصر مملؤه قوة وحيوية وتضفي السلطه والمركز الهام عليهم الكثير من الرونق و الزهو و هي تتهاوي كشجرك اقتلعتها الريح من جذورها في غمضة عين . تصاب بالدهشة والانزعاج والخوف أيضاً . ومع ايماننا بأن الموت لا وقت له ولا سبيل عليه فلا ادري لماذا يربط هؤلاء المتشددين بين هذه اللحظات العصيبة بالتحذير والوعيد والثبور وعظائم الامور كمرادف وحيد لها . الاسلام دين رحمة وانسانية ولم نسمع حديث واحد من نبي الاسلام به تحذير و وعيد وتشفي في الموت المفاجئ علي العكس فقد استعاذ منه . كان دائماً ناصحاً رحيماً ، ارسي قواعد انسانية راسخة لا تزال صالحه حتي الأن.
—————
لست في معرض مناقشه هذه النقطه تحديداً ولكني اراها ارتبطت بشكل ما بالحاله الانسانيه المجرده التي نناقشها في أصعب لحظه قد يقابلها الانسان وهي ( السقوط) بلا اراده و بوعي يتلاشي رويداً رويداً .
————-
رحله طويله تمر في هذه اللحظه تختلط فيها المشاعر و يتغير بعدها المستقبل وتكون علامه فارقه علي الطريق بكل تأكيد .
متعكم الله بالصحه والعافيه واعلمو ان الدنيا كلها لا تساوي لحظه (السقوط). والسلام ،،
#سقراط