10:04 am 10/11/2023
| رأي
| 1814
شهد العالم في السنوات الأخيرة تغيرات جذرية في العديد من المجالات. حيث أصبحت تحديات اليوم أكثر تعقيداً، مما يتطلب اليقظة، الاستعداد، والتطور المستمر، ولكل عصر مستجداته وأدواته. لذلك فإن الاستفادة من أخطاء الماضي وتجنبها في المستقبل يمثل جزءاً هاماً من هذا التطور والتقدم.
ومن الأمثلة الكلاسيكية على كيفية استفادة المنافسين من أخطاء الشركات السابقة ما حدث لشركة "نوكيا" للهواتف. كانت نوكيا واحدة من أكبر شركات المحمول في العالم لسنوات عديدة، ولكنها لم تتمكن من التكيف مع التحولات الرقمية السريعة والتغيرات الكبيرة في اهتمامات المستهلكين. بدأت نوكيا تواجه مشكلات منذ عام 2007، عندما قامت “Apple” بإصدار هاتف iPhone الأول، الذي انتزع الكثير من حصة السوق من شركة نوكيا، وليس ذلك فقط، فبدأت شركات أخرى مثل "سامسونج" و"LG" و"HTC" و"موتورولا" تقدم أجهزة تنافسية أيضاً. وبينما كانت هذه الشركات تقوم بتكييف أنفسها مع هذه التحولات، لم تتأقلم شركة نوكيا بنفس السرعة التي تقوم بها الشركات الأخرى، وغيرها من الأخطاء الإدارية والتكتيكية، وهو ما أدى إلى تخلفها عن المنافسة. وكم من شركات يمكن ذكرها في هذا السياق.
واليوم نشهد عودة العديد من المنتجات الاستهلاكية محلية الصنع إلى الأسواق، حيث يتساءل الكثيرون عن سبب هذا الظهور المفاجئ والمتزايد لهذه المنتجات التي اختفت لفترات طويلة، مثل بعض ماركات الملابس، السيارات، والمشروبات الغازية وغيرها من المنتجات الاستهلاكية.
على هذه الشركات أن تكون حذرة للغاية وأن تستغل هذه الفرصة وتتعلم من الأخطاء التي ارتكبتها في الماضي. وتبحث عن سبل لتحسين منتجاتها لإعادتها إلى الأسواق بجودة عالية وبقوة. على سبيل المثال: يجب علي هذه الشركات دراسة أسباب التراجع في السابق وتحليل سلوك المستهلك الحالي، فهم تغيرات السوق، إعادة النظر في استراتيجيات التسويق والترويج، مراعاة جودة المنتج وتحديثه وتطويره لجعله أكثر جاذبية وملاءمة للأذواق الحالية بحيث يتوافق مع تطلعات واحتياجات المستهلكين في الوقت الحاضر؛ لجذب عملاء جدد واستعادة العملاء السابقين.
في النهاية: علي هذه الشركات ان تدرك أن قلة المعروض أو وجود قيد مؤقت علي بعض المنتجات الأخري، لا يعني انعدام الفرص أمام المستهلك. قد يتزايد الاستهلاك لأنه الخيار الأفضل المتاح. فإذا لم يجد المستهلك قيمة مقابل المال في هذه المنتجات، فإنه سيبحث عن غيرها، حتى لو تطلب الأمر الابتعاد التام عن هذه المنتجات وتغيير نمط استهلاكه. "لقد أصبح المستهلك أكثر وعياً وإدراكا". فالرواج الحالي الذي يشهده السوق لبعض المنتجات السابقة، فرصة رائعة لأغلب الشركات لتحقيق نجاح جديد وجذب فئات جديدة من العملاء إذا تم تنفيذها بشكل صحيح "الفرصة لا تأتي مرتين". كما أن السوق أصبح جاذباً لظهور رواد أعمال جدد في معظم الصناعات.
إن المنافسة والبقاء لم تعد مقتصرة على الأقوى أو الأصلح، بل أيضاً علي الأكثر قدرة على التكيف.
إن قدر الله لنا في العمر بقيه، فربما لنا في الحياة لقاء .....