الكاتب : سقراط |
03:30 am 30/10/2023
| رأي
| 1551
قلما تجد هذا الترابط بين العاملين في اي قطاع انتاجي او خدمي وبين شخصية الوزير به مثلما تراه في فطاع البترول تحديداً . فهذا المنصب السياسي متخم بالمسئوليات والتحديات التي لا تنتهي . جدول اعماله قد يمتد الي اربع وعشرون ساعه يومياً وبدون توقف. ضغط عصبي بالغ في حاله الازمات او الاحداث الغير متوقعه. مسئولية القطاع تجاه الدولة واحتياجاتها واحده من اكبر التحديات التي تواجه هذا المنصب . لذا فقد تجد معظم الوزراء قد يدخلون الي خضم هذا المعترك العنيف ولا يجدون الوقت للتعرف علي تفاصيل حياة واحوال العاملين معه أو في نطاق وزارته. الا هذا القطاع الحيوي الذي يتميز بأن الوزير يعلم عن الجميع . يعلم مشاكلهم واراؤهم ويستشعر الامهم وربما غضبهم أيضاً. هم كذلك يتابعونه في حله وترحاله يعرفون لماذا يسافر ولمن! يكاد معظمهم يعرف جدول عمله اليومي . ينتظرون قرارته في مناسبات محدده تصل اليه شكواهم او ملاحظاتهم وتكون قرارته انعكاساً صريحاً لذلك .
————
كان المرحوم عبدالهادي قنديل يدخل الي مبني الهيئه ويسلم علي مستقبليه يعرفهم جميعاً وينادي علي افراد الامن وعامل المصعد باسمائهم ويعرف حتى سائقي اتوبيسات الموظفين . كان يعرف جميع من بالشركات وكانوا يعرفونه عن ظهر قلب . يعرفونه عندما يغضب وينفعل اذا ماصادف تأخير او لاحظ مجرد تقصير . يعرفونه عندما يمنح ومتي فهو منهم تربي معهم ونشأ في اوساطهم ويعرف مايدور داخل عقولهم . ربما خفتت تلك العلاقه قليلاً خلال فتره دكتور البنبي لطبيعة شخصيته الهادئة واكاديميته المعروفه .
———-
ولكن جذوتها اشتعلت وعادت وتيرتها قويه خلال فتره المهندس سامح فهمي الذي تعامل مع كل افراد القطاع كما يتعامل مع اسرته في المنزل . الجميع التفو حوله ولم يكن سوي كبيرهم . يعمل معهم نهاراً بكل حزم وجديه ثم تراه يلعب الكره في نواديهم بل ويجتهد من امامه للإفلات بالكره وقد يسقط هو أرضاً نتيجه الحماس الزائد في اللعب. يطير الي الحقول ويأكل معهم ويسأل عن احوالهم في جلسات سمر تمتد الي بشائر الصباح عندها تجد ان الجميع انفض من حوله وذهب كلاً منهم الي عمله يؤديه بكل ثقه ونفس صافيه مطمئنه. ولأن الرجل يعلم عنهم فقد اتاح لهم العديد من المزايا التي تؤمن حياتهم حتي بعد التقاعد . فأصبح الرجل ايقونه لهم وبادلوه عملاً وجهداً و تحملاً للمسئولية واصبح سيره لا تنقطع . ————
ويأتي من بعده من تربي علي تلك السياسه واستمر فيها فكان العظيم شريف اسماعيل الذي حظي بحب واحترام الجميع واستمر علي نهج سابقه واستفاد من تلك الخبره الفريده فكان خير خلف بحق ولم يشعر الكثيرين بابتعاد سامح عن المنصب . وكان نداء الوطن للمهندس شريف هو عباره تقدير وثناء لقطاع البترول بأكمله ولم يخلف الرجل وعده وعهد بالقطاع لأحد مساعديه الذي رأي فيه القدرة علي قياده هذه السفينه الكبيرة المثقله بالمسئولية الجسيمة واختار ( الملا) لذلك . لم يكن الملا من قدماء البترول ولكنه اصطبغ بصبغهم في وقت قصير . استطاع ان يري الصوره كامله في وقت قصير . —————
بالتأكيد حاولت بعض القيادات المخضرمه من حوله فرض ستار علي رؤيته وحاولو ان تكون الاختيارات من وجهه نظرهم ولكن لم يستمر هذا طويلاً . سافر الرجل بطول وعرض البلاد ليري حقولها ومناطقها الانتاجيه ويتعرف على الناس واحوالهم ولم يمر وقت طويل الا واجتمعت له الخيوط وعرف مضمون التفاهم و سبل الوصول الي عقول ونفوس الناس. اتجه بالفعل لتطوير منشأت البترول العتيقه والقديمة باستراتيجية محدده. واعطي للأستثمار دوراً كبيراً في العمل .
————-
هو ربما الوزير الوحيد الدي سطر دستور غير مكتوب بينه وبين العاملين . من يخطئ ويتجاوز سيدفع ثمن ما فعله . ومن يجيد وينتج فلها عنده الكثير. ولعل فترته التي تزامنت مع عهد ما بعد ثورة يناير وما حفلت به من احداث جسيمه تعتبر من اصعب فترات اي وزير تقلد هذا المنصب . فالتحديات كانت هائله والضغوط اكبر من اي قدره علي الاحتمال والاوضاع كلها تنذر بخطوره بالغه . وبعد عقد كامل من الزمن تري قطاع البترول مازال صامداً مؤدياً في كل الاتجاهات من انتاج للخام وتحديث لمنظومه التكرير وتوزيع المنتجات الاهتمام بصناعات القيمه المضافه كلها شهدت الكثير من التطوير في عهده بلا جدال . ————
ويبقي الرجل علي وعده مع العاملين لم يؤخر حقاً من حقوقهم واستمر علي عهده بصرف الارباح السنويه لهم رغم كل المصاعب . تحمل القطاع ابناؤه في كل الشركات ولم يفرط في احد منهم علي الرغم من انتهاء قوانين العديد من الشركات . وكانو هم أيضاً السند لوعده مع الدوله في تلبيه مطالبها المتزايدة من الطاقه فكان وعده ديناً علي العاملين بالقطاع يؤدونه بكل تفان . معادله صعبه التحقيق في قطاعات اخري لأن مفرداتها لا توجد الا في هذا القطاع . ومازال الرجل يسمع وينصت الي كل مطالب ابناؤه الذين بادلوه المسئوليه بالمسئولية. ومازال الشباب يلح في زياده ميزانيات التدريب الحديث ومازال الكبار علي هاجس من المستقبل في ظل هذه الظروف العصيبه وخاصه استحقاقات التقاعد .
—————
اما الجميع فينتظر مكافأة التميز التي تعود منحها لهم تقديراً وتحفيزاً لبذل المزيد من العمل والجهد والمؤجلة منذ اكثر من عامين فهم يعرفون يقيناً انه لا يمنع عنهم اي فائدة . وهاهي ايام اعياد البترول تهل علينا وربما تعلن فيها الاخبار السعيدة لاكتشافات جديدة تلك التي ينتظرها الجميع ويسعد بها ولا يعتقد الجميع ان الملا سيضن عليهم . فهم اصبحوا يعرفونه جيداً ويبادلونه المودة والاحترام بعد عشره كبيره امتدت لعشر سنوات تقريباً.
——
سيظل البترول وصناعته حكايه كبيره لا تنتهي وستظل الايام تحكي عنها وعن رجالاتها .والسلام ،،
#سقراط