للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

مجرد رأي…حمي البحر الأبيض المتوسط

مجرد رأي…حمي البحر الأبيض المتوسط

الكاتب : سقراط |

02:46 am 12/09/2023

| رأي

| 1446


أقرأ أيضا: Test

مجرد رأي…حمي البحر الأبيض المتوسط

 

عجيب امر هذا البحر . بحر واسع يجمع شتات الدنيا من حوله . دول وشعوب ، عادات وتقاليد ، رقصات وطعام كلها تطوف وتتلون حول هذا البحر و شواطئه . عندما تنظر الي غروب الشمس وهي تسقط مشتعله في مياهه البعيده تشعر بأنك تري نهاية حواف الدنيا . وعندما تبحر فيه مسافراً تشعر بأنه بحر بلا نهاية او شطئان . كل مافيه عجيب ومثير . تراه ناعساً هادئاً كجدول مياه رقيق . وتراه ثائراً عالي الامواج وكأنه حمل جبال الدنيا علي كاهله يزيح امامه الدنيا وما عليها . في اعماقه من العجائب والاثار والحضارات الغارقه الكثير والبديع . يقبع داخله كثيراً من المواجع الانسانيه ابتلع فيها الكثير من بني الانسان أبحروا في عبابه . اسماكه و احياؤه هي رزق وغذاء لشعوب وقبائل . هو طريقاً للسفر والهرب في نفس الوقت . كل من يعيش حوله ارتبط به ينظر اليه صباحاً ومساءاً يتطلع الي  المستقبل ويتذكر الماضي . شواطئه علي طولها احتوت ظواهر اجتماعيه مختلفه  واصبحت تمثل كرنفالات موسميه في فصول السنه المختلفه تتطلع اليها الانظار وتمثل اقتصاداً ذو قواعد غريبه. ماؤه ملح اجاج ولكنه لم يبخل بها ودخل بها طواعيه في عمليات معقده لتكون صافيه سائغه للناس. 
———
هكذا عاصر هذا البحر الواسع حياه وحضارات واصبح اقليماً بحرياً و  مناخياً في حد ذاته . حتي البشر من حوله اعطاهم اسمه وسمره شمسه وتقلبه المثير واصبح هناك ما يسمي بشعوب البحر المتوسط . ومهما اسهبت من وصفه فأن هذا البحر بتاريخه وحضاراته واحداثه اكبر من ان يستوعبها موضوع او كتاب . و يظل هذا البحر علي موعده مع شعوبه . لم يكن احد يتخيل ان بطن  هذا البحر حبلي بالعديد من حقول الغاز عظيمه الحجم . حقول تقع تحت الاف الامتار من المياه يعقبها الاف اخري من طبقات الارض .لم يتخيل اي انسان من سنوات قليله ان هذا البحر سيصبح مسرحاً لعمليات استخراج الغاز والبترول في مجاهل ظروف طبيعيه تقع بالفعل علي خط المستحيل . غاص الانسان بعلمه في اغوار هذا البحر الثائر الذي يحوي من الكنوز والامكانيات الكثير . افاء هذا البحر بكرمه علي هذا البلد واعطاه من ثرواته الكثير . ووهب لهذه البلاد شريان من الطاقه النظيفه بحقول متعدده من الغاز بدأت تدب بخيرها وحيويتها  في شرايين هذا البلد الكبير  العجوز  . سارعت العديد من الدول من حولنا تحذو حذونا في عمليه اكتشاف حقول الغاز في مناطقها وقد كان . ظهرت بعض حقول الغاز في سواحل ليبيا و قبرص واليونان و اسرائيل وربما يتبعهم لبنان وتركيا في المستقبل القريب . 
——-
الجميع يتسابق للحصول علي اكبر قطعه من كعكه المتوسط الغازيه القابعه في اغواره . تزداد الحاجه الي الطاقه يوماً بعد يوم ويبدا تلقائياً الصراع كلما زاد الاحتياج. الجميع يتسابق لاكتشاف المزيد وربما حاول البعض الجور علي حدود الاخرين طمعاً في مساحات اضافيه يمكن البحث  فيها والتنقيب . بدأت الدول المحيطه بهذا البحر الغريب تزأر لبعضها البعض . تسلحت كل دوله بالخرائط والمعاهدات والقوانين وبالقوات العسكريه ايضاً لتحافظ علي خطوط حدودها الاقتصاديه الدوليه الشاسعه والبعيدة عن الانظار من اي تغول او اقتناص . لم يكن احد يتصور ابتكار تكنولوجيا حفر هذه الابار المعقده ورؤس الابار التي تقبع علي بعد الاف الامتار تحت المياه وخطوط توصيل الغاز للشاطئ بطول مئات من الكيلومترات تحت المياه . مشاريع تفوق الوصف وتكلفه باهظه لا يدركها الا من يعمل في هذا المجال الصعب . عمليات تكنولوجيه معقده تتطلب اليقظه والحذر للمحافظه علي تلك الاستثمارات الباهظه. اعطي هذا البحر لمصر الكثير وانتشت سوق الطاقه بها وتسابقت الدول المحيطه تكسب ودنا لتشاركنا في تلك المشاريع الهائله لحاجتها الماسه الي الطاقه النظيفه. جاء الينا اليهود ليسلموا لنا مايملكونه من غاز محدود كمن يسلم طفل الي المدرسه لتقوم عليه وترعاه طمعاً في المزيد من التصدير والحصول علي المال الاوربي الوفير  . وهكذا وجدت مصر نفسها واسطه العقد واصبحت محط انظار هذا التجمع وجاء الينا المستهلكين من الشرق والغرب من الاردن ولبنان واليونان وايطاليا وغيرهم . 
——-
توهجت ربوع البلاد بنور الكهرباء المشع . وهكذا كانت سنوات من الازدهار و ربما النشوه . فنحن نتوق من قديم الازل ان يمن الله علينا بالثروه البتروليه كتلك التي منحها للأشقاء من حولنا . ويأتي العدو القديم اللدود الذي لا يفارقنا وينغص علينا كل مناحي حياتنا ( غول الاستهلاك) ذلك الوحش الرهيب الذي يتزايد حجمه يوماً بعد الاخر نتيجه الكثير من العوامل من زياده النشاط والعمران نتيجه زياده تعداد شعبنا بالملايين كل عام . وانخفضت ذروه الانتاج بالطبع ولم تنخفض في المقابل ذروه الاستهلاك بل زادت ارتفاعاً . بدأت المشاكل تطل برأسها . توقف التصدير لتلبيه الاحتياج المحلي المتزايد . انفض عنك المشترين فلم يعد لديك ما تبيعه . ظهر التاجر اليهودي في صورته السينمائية المعتاده يرابي و يتحكم  في القليل مما يملك .  لا يستطيع هذا التاجر ان يتخلي عن طبعه القديم من حياكه المكائد فيحاول جاهداً ان يجد لبضاعته زبوناً اخر جاهزاً بالمال ليترك طريقك ويذهب ببضاعته الي طريق اخر. هكذا يهتز التمركز في هذا السوق وتنحسر زبائنه عنك وتتقلص ادواته لديك في مناورات البيع والشراء. موقف صعب بلا جدال . الوهن ودرجه الحراره العاليه هي (حمي المتوسط) مرض يصيب الناس وهاهي تصيب سوق الغاز  عندنا . المحاولات مستميته لتخطي تلك الحمي ولكن يظل غول الاستهلاك طليقاً يلتهم كل انتاج ويمنع ظهور نتائج اي علاج علي طريق الشفاء. لا يمكن لنا ان نظل اسري لهذا الوحش الشره . علي الناس جميعاً ان تعلم مدي خطورته وان تشارك في تحجيمه او قتله . فنحن نعاني منه في كل اسباب ومناحي حياتنا .  هذا الوحش الكاسر الذي يلتهم كل ما ننتج ولا يترك لنا ما قد يفيض ليجعل حياتنا اكثر سهوله. اري ان مايحدث هو دوره معروفه من طبائع الحياه . قد نكون اوغلنا في التفاؤل او لم نعط للمستقبل حقه وقدره  من الترشيد والتوفير لزياده فتره الاستقرار قدر الامكان . ولكن هذا هو الواقع. 
هل يفعلها معنا هذا البحر الواسع ويبتسم لنا  مره اخري ويعيدنا ألي الاضواء ومركز النشاط مره اخري ؟ من يدري لعله قريب !! والسلام ،، 

#سقراط

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟