الكاتب : سقراط |
05:33 am 11/09/2023
| رأي
| 1122
يظل حلم البشر في تحقيق المستحيل وقهر فواصل و تضاريس الطبيعه قائم لا ينتهي او يتوارى عبر الايام والسنوات . و من المدهش بالفعل ان الانسان وجد الوسيله والطريق الي ( القمر) ولكنه مازال يضل عن مسالك عديده لربط حضاراته وتجارته بين قارات الدنيا المختلفه. ظل البحث عن ضالته يداعب حياه الملايين من البشر وحكوماتهم فيما بين دول الحضارات القديمه ذات الموارد الطبيعيه الهائله وتلك التي لها باع كبير من الحضاره الحديثه والتقدم العلمي المذهل . وعلي الرغم من استطاعته تحديد العديد من تلك الطرق والمسارات عبر مئات السنين من البحث والعمل فأن الانسان بطبعه جبل علي كراهيه الاحتكار والرغبه الدائمه في التغيير وكانت توجهاته دائماً ان يجد البدائل والحلول الاخري لكافه ما يواجهه من تحديات واحتياجات حتي وان كانت تلك الطرق والممرات تفي بالكثير من احتياجاته . فكلما كانت هناك وسيله او طريق تتحكم في سبيل وحركه تجارته وامواله سعي الي ايجاد بديل لها قد تكون ارخص واسرع او اكثر اماناً . لم يأبه الانسان بما يتكبده من تكلفه لايجاد وسائل مختلفه ومتعدده تعفيه من ان يظل معتمداً علي مصدر او وسيله او طريق واحد . لم يهدأ شغف الانسان منذ ازمنه بعيده ولا لهفته في ان يكتشف بحار ومحيطات العالم وان يدور حول يابس العالم اجمعه حتي استطاع ان يرسم خريطه الكره الارضيه بما تحويه من يابس وماء. و من ثم بدأ في تحديد تحديات التضاريس التي تمنع فتح طرق وممرات مائيه تربط وتختصر الطرق بين قارات الدنيا . كان حفر قناه السويس اكبر شاهد علي ولع الانسان منذ قديم الازل في تحدي الموانع الطبيعيه لربط البحار المختلفه بعضها ببعض و تطويعها لصالح حركه نقل تجارته بين قارات الدنيا المختلفه . تم حفرها بطريقه بدائيه تناسب هذا الزمن ومات فيها الاف من البشر تحت ركام التراب والحر الشديد لتصبح في النهايه اكبر ممر مائي صناعي في العالم يربط بين بحرين و يدر اموالاً ومشاريع لهذا البلد عبر اكثر من قرن . ومع التقدم الهائل في معاملات الاقتصاد العالمي وتنوعها وكثافة حركه تجارته تظهر المشاريع المتعدده لطرق و ممرات مختلفه لنقل حركه التجاره بين البلدان المختلفه . لم تظهر اي وسيله في العالم لربط الحضارات والدول و تمنع نشوب النزاعات والحروب فيما بينها سوي المصالح الاقتصاديه المتبادله . وعلي النقيض تماماً كان ضرب اقتصاد الدول وتجريده من معاملات قوته اعتي سلاح يمكن استخدامه لهدم اي دوله وتدمير بنيانها بدون اطلاق دانه مدفع واحده . عالم غريب متقلب لا يهدأ ويظل في صراع متواصل مع نفسه و الطبيعه والمستحيل . كانت هناك حضارات قامت علي طرق التجاره العابره للحدود وانتهت تلك الدول والحضارات عندما نجح الانسان في ايجاد البديل لها واندثرت تلك الحضارات عندما استخدمت هذه الطرق البديله البعيده عنها . وهناك من الامثله الكثير مثل طريق الحرير وطريق التوابل وغيرها تلك التي انتهت اهميتها باكتشاف ممر للسفن التجاريه حول رأس الرجاء الصالح . ولكنك ستلاحظ ان ( الهند) بصفه خاصه هي واسطه العقد لكافه هذه الطرق قديمها وحديثها . (الهند) دوله متراميه الاطراف وبها من الموارد الطبيعيه مالا يحصي وتمثل نقطه ارتكاز اسيويه هائله بما تحتله من موقع وسيط وكتله بشريه هائله متنوعه الاعراق والاديان والنشاط . والهند بما فيها من امكانيات كانت ومازالت وجهه وقبله العديد من الدول في مختلف بقاع الارض . كانت قديماً وجهه العرب اتوها وهم علي رحالهم من الابل يبتاعون التوابل والحرير والبخور والاقمشه و وصلو منها الي اقصي الصين شرقاً . احتلها الانجليز لقرون نهباً في ثروتها وسيطرو منها علي البحار والمحيطات التي تحيطها . هكذا كان الشرق حلم كافه شعوب الارض شمالها وغربها بما له سحر وحضاره قديمه متجذرة في اعماق التاريخ و ثروات طبيعيه وانتاجيه هائله . ويبدو ان التاريخ لم يعد يتحمل نسيان هذا الحلم فبدأنا من جديد بالافكار والاحلام لفرض طريق جديد وممر عظيم علي خريطه العالم يربط بين الهند وبعض الدول العربيه وصولاً الي الدوله اليهوديه ومن ثم الي اوروبا والعالم الغربي . طريق تمر به كافه انواع وسائل النقل وخطوط انابيب البترول وكذلك الربط الاليكتروني . وللعجب تجاذبت في هذا المشروع اطراف متنافرة ذات عدوات تاريخيه بل وتوافقت علي اقامه هذا الممر فالمال والتجاره ليس لها دين ولا تعترف بالخلافات الايدلوجيه . اتفق العرب مع اليهود ، الهند مع العالم الغربي الذي طالما رزحت تحت استعماره وكبد شعبها الكثير من الفقر والتخلف ذهبت العدوات القديمه ادراج رياح المصالح والمال . واذا كانت مثل هذه الافكار احلاماً تخيليه في الماضي فقد جاءت التكنولوجيا الحديثه لتقضي علي تلك المستحيلات وجعلت من الاحلام حقيقه واستطاعت ان تشق البحر بالانفاق وان تعلق كوبري بلا اعمده وان تخترع سكك حديديه تقارب في سرعتها الطائرات النفاثه. ويتزامن هذا مع وفره المال بشكل مثير للدهشة في خزائن بعض الدول واصبح قادراً علي قهر اي المستحيل . تجمعت اطراف في بوتقه واحده بها الموقع والمال واليهود تظللهم الرغبه في الهيمنه والسيطره علي تجاره العالم . فاذا تفهمنا رغبه بعض الاطراف العربيه ذات المال الوفير في محاولتهم الحثيثة لدخول نادي العظماء في عالم التجاره والاقتصاد فسيظل اليهود علي عهدهم في رغبتهم الدفينه في تدمير اي حضاره والايقاع بالدول وتدميرها بدون حرب ونقض اي عهد او اتفاق خلف ابتسامات تخفي من ورائها نواجز تشتهي دماء الضحيه غنياً كان أو فقيراً علي السواء. وعلي وجه العموم فأنه من السذاجه ان نعتبر اي مشروع من حولنا هو بالضروره مقصود به خرق مصالحنا فلم يعد احد يعبأ بالمشاكل التي قد تواجه الاخر . من يملك المال والفكر يستطيع ان يقوم بما يراه يحقق مصالح دولته و شعبه وليس لنا ان نعتبره عدوانيه موجهه الينا . فنحن قمنا بحروب ضاريه ضد الجغرافيا . اقمنا السد العالي ولم يعترض العالم . ضاعفنا ممر قناه السويس القديم . اقمنا انفاق تحت القناه لربط سيناء بالدلتا . هدمنا حائط توشكي الجرانيتي لتنساب المياه من المفيض الي الارض العطشى . لم يعترضنا احد او يحتج علي مانقوم به من تغييرات جغرافيه هائله . فليس لنا في المقابل ان نمتعض من مشروعات قد تؤثر علينا في المستقبل وخاصه فيما يخص منها طرق التجاره والاستثمار . هذه المشاريع طويله الامد يلزمها العدد الكبير من السنوات لتظهر الي النور . و هذه الفتره كافيه لتجعلك مستعداً وان تحاول ان تفرض نفسك اقتصادياً ولوجستياً علي المجتمع الجديد من حولك وقبل ان تسلب منك ادوات وعوامل بقاؤك . لن يتأتي هذا بالاماني او ندب الحظ او استمراء نظريه المؤامره الكونيه ضدنا ، ولكن ( بالتغيير) . تغيير نموذج التنميه في حياتنا الذي نسير عليه حالياً وكافه ما اعتدناه من اساليب قديمه في نواحي حياتنا الاجتماعيه والاقتصاديه وان نتحرر منها ونفيق جيداً لما يحاك من حولنا ويقوم عليه اليهود بكل براعه لانشاء هذا الممر الطويل وكذلك الاعيب تدفق غاز المتوسط الي اوربا لسحب بساط تمركزك فيه واصابعهم الخفيه في السد الاثيوبي . علينا ان نتفهم جيداً تلك الظروف بأساليب جديده تخرج بنا من الاطار المعتاد الذي نعيشه . علينا بتحرير التجاره وزياده المراكز اللوجستية ذات الطبيعه الخاصه ، علينا بزياده الاعتماد علي تجاره الترانزيت ومراكز التزود بالوقود العالمي للتجاره ، الاهتمام بكافه المطارات الجويه القريبه من تلك الطرق وتطويرها . علينا تحرير كل معاملات التجاره العالميه في بلادنا لنكون طرفاً فاعلاً في تلك المنظومة المعقده وترتبط بنا عضوياً ويصبح الفكاك منها خساره فادحه لكل الاطراف . هناك الكثير مما يجب دراسته وتنفيذه علي وجه السرعه وخاصه سرعه الموانئ والسكك الحديديه الجديده بين الموانئ المختلفه والمناطق الجديده . بهذا فقط نقطع الطريق من الآن علي محاولات التهميش وانحسار النشاط عن بلادنا والتي تتم بهدوء و بنعومه الثعابين . العالم لا يحترم غير الاقوياء والاغنياء اما الضعفاء والفقراء فليس لهم غير ما يسد جوعهم وان يكونو في خدمه من يملكون السيطره والمال . لم يعتاد الشعب المصري ابداً علي الخنوع او خدمه الاغنياء وهذا حاله من قديم العصور ، رفض بكل قوه اي اذلال لقوميته وكرامته وحرر بلاده من دنس الاحتلال ودحر الانجليز واليهود في اقل من ربع قرن ، عندما ينتفض يقهر المستحيل كالسيل المنهمر لا يقف امامه جدار او سلاح والحاضر والتاريخ شاهدين علي ذلك فماذا ننتظر ؟
والسلام ،،
سقراط