07:55 am 02/09/2023
| رأي
| 2216
كثيراً ما أنظر إلى سماء الله الواسعة ،وأتأمل فى تفاصيلها ، وأتوه بعض الوقت معها وأحلق في الطيور التى تترنح بين غيامها ، لأبوح لنفسي ليتنى كنت طائراً مثل هذه الطيور الساحرة ، أحيا بين طيات السماء، وأحتمى بها ، وأسبح بين غيومها، ليتنى أغوص فى هذه الأعماق الصافية الهادئة أبعد عن الضجيج والزحام والضوضاء والأحاديث والعداءات .
ليتني طيراً يحلق بجناحيه فى هذه الأجواء البديعة البعيدة عن القيل والقال ، الخبث والكره ، أستمتع بأصوات الطيور من حولي ، أعيش فى هذا الصفاء والنقاء، أعبر الأسوار مبتسمة ، أرى جمال الأزهار من بعيد ، وأرى خضره أراضيها، أطير برشاقة وخفة وحرية ، أحلق فوق البحار والجبال لأرى جمال الطبيعة وأسرارها الخفية.
أعيش هذه الأجواء البسيطة الدافئة ،أستمتع بالحرية والإنطلاق ، أنزع الثياب والعطور ، اترك المناصب والسيارات والمنازل وجمع الأموال، أبتعد عن القيود والعادات اليومية ، لأكتفى بأن أحمل قلباً نقياً ، وصوتاً هادئاً ، ولغة لا يفهمها إلا المحبين بصدق ، أكتفى بريش أبيض وأجواء دافئة وسلام نفسي.
أسرح بمخيلتى لبعيد وأقول: ليتني كنت فراشة تسبح بالفضاء ، وتلامس الزهور والريحان، ليتنى حمامة تحمل هذا السلام والراحة والطمأنينة ، ليتنى عصفوراً جميل الألوان يصعد هنا وهناك، يتحدث بلغة المودة والحب، أو بلبلاً يغرد فوق الأشجار بأعذب الألحان ، ليتنى طاووساً يفخر دوما بذاته ويحمل ثقة العالم ويشعر دوماً أنه الأفضل.
يا ليتني طيراً أعيش اللحظة مع من أحب، أحتويهم بجناحى، وأطعمهم من خير الطبيعة، نعمل سوياً بكل حب نتعاون ونكافح لنعود إلى العش الدافىء لنحلم بيوم جديد مشرق.
ليتنا نعيش فى هذا العالم الواسع الآمن، نحتمى بقطرات المطر، ونسير بين الغمام ، نسكن بين الأغصان ،نبتعد عن الصراعات والحروب ،ننسى الهموم ، نكتفى بأن نكون فى أمان مع من نحب، نستمع بكل ما هو جميل حولنا، لا تلهينا دنيانا ولا تبعدنا عن من نحب ، نترفع عن كل ما نتصارع من أجله من مناصب وأموال ومراكز فى المجتمع .
ليت العالم يتحول إلى هذه الحياة المثالية الخالية من الحقد والغل والمرض والضجيج والأاصوات الصاخبة ،
يجمعنا الوفاء والصدق والنقاء وتلاقي الأرواح ، نمد جناحينا ليسع العالم بأسره نستبشر بهطول المطرلنسعد من جديد ، ننثر ألوان السماء على لوحة بديعة الجمال.
فقد ساد الظلم الأرض ، وغابت الأحلام ، وزادت الصراعات ، وتزاحمت الأفكار، وتباعدت القلوب، أصبحنا مقيدين، مسلوبى الإراده نجرى وراء كل ما هو غريب عن طباعنا وقيمنا ، انطفأت شمعه الأمل ، أصبحنا غرباء الأهل والوطن والنفس، نجرى فقط وراء الشهرة والأفكار الشاذة والأراء المخيفة ، أصبحنا نستمع إلى الألفاظ والمصطلحات الغريبه والأغاني والألحان المنفرة، نرى طباعاً مختلفة وذوقاً متدنياً فى كل شيء من حولنا .
فدعونا نتسيقظ من هذا الزيف ولنمحى عتمة الأيام ، ولنعش في مملكة الطيور، ليسود الوفاء أيامنا ، نتفاءل مثلها ، نعفو ولا نلوم احداً، نتحلى بصمتها ، نعيش بأحاسيسها المرهفة ، لا نفقد اليأس من حياتنا ، نعش متعاونين متحابين فى الخير ، نجتمع على الألفة والعطاء، نتزين بجمال الطبيعة ونبتعد عن التزييف وتغيير الملامح، نبحث دوماً عن المأوى والحب والعطف المفقود .
نعش أحراراً نبتعد عن قيود الحياه وتفاصيلها المرهقة، نفعل ما يسعدنا ويريح قلوبنا طالما لا نؤذى أحداً، نحلق بجناحينا لنمنح الحب والعطاء لمن حولنا ونشعرهم دوماً بدفء الوجود.