للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

مجرد رأي…أيها المهزوم الفائز

مجرد رأي…أيها المهزوم الفائز

الكاتب : سقراط |

02:22 pm 14/08/2023

| رأي

| 1423


أقرأ أيضا: Test

مجرد رأي…أيها المهزوم الفائز

 

مباراة في لعبة( التنس ) تبدو حامية الوطيس بين طرفيها . تمتد المنافسة الشرسة وتأخذ اخيراً  منحى النهاية بفوز احد طرفيها بعد نضال مرير . يأخذ الطرف المهزوم نفسه ليجلس وهو يغرق في عرقه ودموعه ، تكسو الاحزان وجهه الذي يحاول ان يخفيه ليداري الماً وحسرة. فالخسارة لها مرارة لا يشعر بها الا كل من كافح وناضل من اجل فوز ونصر لم يتحقق . 
—————
وفي وسط هذا الشعور الدرامي الحزين ينطلق طفل صغير من اقصى الجهة الاخرى للملعب نحو اللاعب المهزوم ويقوم باحتضانه بكل براءة فقد كان الطفل ابن اللاعب المهزوم. وهنا تنطلق الصيحات من جنبات الملعب بشكل تلقائي مخيف ويضج الملعب بتصفيق حاد لا ينقطع لهذا اللاعب وابنه وهم يغادرون الملعب وسط شعلة متوهجة لا مثيل لها من التقدير والعواطف والاحترام فاقت بكثير ما حظي به اللاعب المنتصر . 
————-
مشهد يتكرر كثيراً في حياتنا عندما يحظى الخاسر او الوصيف من التقدير والاحترام ما يفوق الفائز بمراحل .بل وتبقي ذكراه ماثلة في الاذهان يتذكره الجميع بغض النظر عن اخفاقه في تحقيق الفوز او النصر . كثيرة هي مواقف الحياه التي اعطت للخاسر من التقدير والاحترام ما يفوق جائزة تحقيقه للهدف او البطولة . 
——————
يظل الشهداء متربعين علي قمة  هرم التقدير والاحترام في عيون وقلوب الناس. فالظاهر منهم انهم خسرو معركة حامية الوطيس مع عدو أو ارهابي. بل وفقدو فيها حياتهم في مواجهه شرسه بين الحق والباطل بين الامن والفوضى بين بقاء كرامة وطن و مقدراته تجاه عدو غادر . من مات فيها يبدو خاسراً للوهله الاولى. ولكن هيهات فالطفل الصغير الذي انطلق الى والده في ارضية الملعب هو نفسه جموع الشعب واطيافه وهي تجري مهرولة تجاه جثمان ابنها تحتضنه وترفعه علي الاكتاف .
تدثره بأعلام الوطن وتضمه بنياط القلوب ترفع صوره عالية في السماء و تجلجل الحناجر له بعبارات الشرف والفخار . من الذي انهزم اذاً ؟ من خسر حياته ومات او من قتل وفر معتقداً انه المنتصر . 
———————
لن ينسي التاريخ الانساني ابداً هزيمه المناضل الشريف ( عمر المختار) ذلك الذي حارب و ناضل نضال الابطال بالخيل والبنادق اعتى الدول الاستعمارية في بلاده . ذلك المستعمر الذي كان مدجج  بأقوى الاسلحة واكثرها فتكاً. دخل  عمر المختار في حرب ضروس مع الجنرال( جرازياني) الممثل الشخصي للزعيم ( موسيليني) في ليبيا . 
كانت حرب مريره كبدهم فيها (المختار) صاحب الثلاث وسبعون عاماً من العمر شر الهزائم حتي حاصروه بكل ما اوتو من قوه و مال وسقط اسيراً . ظل مرفوع الرأس ولم يخضع لأي ابتزاز او تهديد . وكان مشهد ( شنقه) غاية في الروعة كما صوره (العقاد) في فيلمه ( عمر المختار) . يشنق الرجل الاسير . ويفاجئ العدو بالزغاريد تنطلق تشق عنان السماء والادعية تخرج كطلقات الرصاص كتحية عسكرية للشهيد وانتفاضة هادره شعبية تزحف خلف الجثمان في تحرك شعبي مهيب . هكذا وضع الشعب علي رأس المناضل اكاليل الغار والشرف حتي وهو مشنوق و العدو يبدو منتصراً . ولكن رصيده من الجهاد والصبر يكفيهم فقد افنى الرجل عمره وحياته من اجل قضية بلاده مدافعاً مؤدياً لواجبه بكل اصرار ورجوله وهذا شرف ونصر في حد ذاته حتي ولو لم يتحقق الهدف . ——————-
الجنرال العنيد وجد نفسه مجبراً ان يقف مؤدياً التحية العسكريه لجثمان الشهيد فقد مات بشرف مرفوع الرأس وهذه ارفع قواعد العمل والشرف العسكري . مات شريفاً صامداً ولم يطلب حياته منهم . فخلده التاريخ و ظل اسمه في كشوف الفخر والشرف الى قيام الساعة. ذهبت قوي الاستعمار التي تغلبت عليه و شنقته وبقيت ارض ليبيا تحتضن المختار وكانت لها الحرية في النهاية بفضل كفاح هذا المناضل الشريف . 
——————
هكذا يفوز المهزوم سواء في الرياضة او القتال او العمل بشرط واحد ( ان يكون عنوانه الكفاح والنضال والصبر والمثابرة) من اجل تحقيق الهدف اياً كان نوعه او مجاله . الناس في كل زمان و مكان تحترم المكافحين المناضلين  الذين يسقطون في سبيل تحقيق المبدأ والهدف ربما اكثر من  احترامهم لقيمه تحقيق الهدف نفسه . لا يهم ما هو مجال عملك وكفاحك ولكن المهم ان تؤدي واجبك فيه بكل امانه وان تكافح فيه فأن كنت من ( الموظفين) فعليك بالدراسة و البحث و الاتقان .ان تمارس التمارين بجدية وعلم ومثابرة اذا كنت من (الرياضين)، ان تقرأ وتكتب وتزيد من حصيلتك الادبية والفنية اذا كنت من (الصحفيين) وهكذا في كل مجالات الحياة.  ولا تقلق فمهما زاد الغثاء و تغيرت المعايير وانعدمت الاخلاق من حولك فمازال ابناؤك و الناس عند وعدهم مع المجتهدين والمناضلين واصحاب الجهد والعلم . ستجد كل هذا الغبار وقد انقشع وظهرت جذوه الاحترام والتقدير في عيون من حولك وربما تزيد دموعهم من رونقها وفاء وتقديراً وعرفاناً لكل تضحية وعمل شريف قمت به اياً كانت نتيجته . 
—————-
لا تنظر الى الفوز كنهاية مطاف فلعله زائف .ولكن تطلع الى ما هو اهم وابقي ، نظرات التقدير والاحترام النابعة من عيون الناس لجهدك وصبرك وكفاحك فلن تكون ابداً مزيفة او متصنعه . اجعل تركيزك في كيف لك ان تعمل وتجتهد وتقاوم الصعوبات وتركب الامواج نزولاً وصعوداً فأن وصلت الي الشط فلك التحيه والتقدير  ويظل النجاح بالطبع هو الجائزة الكبري .واذا لم تصل او كنت غريقاً في بطنها فلن يخذلك التاريخ والايام وسيكون اسمك بين الناس علامه علي مر الزمن . وهذا وعد التاريخ والايام .والسلام ،، 

#سقراط

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟