الكاتب : سقراط |
10:32 pm 07/08/2023
| رأي
| 1512
يخطئ من يتصور أن عمرو دياب مجرد فنان اسعده الحظ بموهبة الصوت الجميل واصبح مطرباً تربع على قمة الغناء الحديث منذ ان بدأ صغيراً حتى تجاوز الستين من عمره .
——————
قد يفاجئ البعض بهذا العمر ولكنها الحقيقة التي لا يمكن تغييرها . عمرو مدرسة حياتيه متكاملة تشمل الفن والسياسة والتعامل مع المتغيرات وكثير من شئون الحياة . استطاع( عمرو) بعزيمة أن يلغي تأثير السن والعجز عند الناس و جمهوره بما امتلكه من طاقة ايجابية دائمة وعمل ومحافظته على صحته ولياقته . فظل عمره مجرد رقم وبقي جسده وعقله وتطلعاته لشاب في العشرين .
——————
هذا الموضوع ليس لسرد او دراسة في شخصية ( عمرو) ، ولكن تأتي اهمية ما نحن بصدد مناقشته في كيف انه استطاع ان يعطي دروساً في حيثيات النجاح في مدرسة هو صاحبها ظلت منيرة عبر رحله حياته الممتدة وهو ما سنوضحه تفصيلاً.
——————
قام ( عمرو) بعمل اعلان مؤخراً لأحدي شركات الاتصالات وشاركه ابنه فيه . الاعلان برمته مقطوعة فنيه تجمع مابين الفكرة و الاخراج الجميل كل مقطع فيها له مدلوله وتعرض درساً متكاملاً في عرض حيثيات النجاح في الحياة. قدم كل ذلك في ابسط صوره وفي دقائق قليلة وبطريقة ذكية وعلمية ايضاً . ——————
وحتي اسهل عليك الموضوع سنعمل علي تفنيد تلك العوامل والدلائل التي اخرجها هذا العمل و التي ارى انها فعلاً من اسباب نجاح هذا الفنان علي المستوي الشخصي والعملي وتعطي (اسباب محددة لتحقيق النجاح ) في الحياة الشخصية والعملية لكل من ينفذها في حياته.
السبب الاول : هو عنصر المحافظة على الصحة واللياقة البدنية يبدو معها شاباً ذو ملامح وقوره وانيقه في نفس الوقت، و تجعل له استمرارية في جذب جمهور متجدد من الشباب اليه بدون اي اعتبار او تأثير عليهم لعمره الحقيقي. وهذا من احد اكبر قواعد النجاح العملي في مجالك و في اسرتك و بين اولادك .
السبب الثاني : الجدية المتناهية في التعامل مع العمل والذي يبدو فيه مهتماً مع مفردات لحن وجده في مكتبته حتى لو كان بسيطاً . تراه يستمع بتركيز عميق و يتابع تردداته ونغماته على احدث اجهزة القياس مع احد مساعديه وفيه يظهر عنصر الخبرة والاذن الموسيقية التي تضيف اليه من المؤثرات ما يجعله جذاباً مشوقاً يجلب اليه آذان المستمعين ويحرك فيهم نشوة اللحن والتفاعل مع الاغنية . وهذه هي الخبرة الفنية المطلوبة في اي عمل تلك التي تضفي الرتوش الاخيرة عليه وتضعه في شكله النهائي القابل للعرض والتنفيذ .
السبب الثالث : ان اللحن في شكله الاولي كان يخص ابنه وهو من جيل الشباب عمراً المتحمس و المتطلع الى العمل واثبات الوجود .
————————
لم يستهزئ عمرو بعمل وتطلعات وجهد الشاب وانما احتضنه ووضعه في صورة تجعل منه منتجاً نهائياً راقياً قابلاً للعرض والدخول ب ( شياكه) الى اسماع وقلوب الجمهور . اعطي( عمرو) درساً في الطريقة المثالية و الفعلية لنظرية ( تمكين الشباب) التي اصبنا بهوسه بدون اي مدلول او طريقة سليمة لتنفيذها . و اصبحت للأسف مضمونها الوحيد لدينا هو مجرد التخلص من كبار السن و احلالهم بصغار السن لانهم اصبحو كا (خيل الحكومة) الواجب التخلص منهم. فانهار مستوى الاداء ، وكان لذلك تأثير سلبي عميق يلاحظه الجميع في اعمال ومشاريع هيئات ومؤسسات عديدة من جراء الاحلال العشوائي والتسرع في تطبيق تلك النظرية بشكل خاطئ .وها هو عمرو يطبقها بالطريقة الصحيحة التي تؤدي الي بث الثقة في حياة ونفس الشباب و يصبح وجود الخبرة مصاحبه وملازمه وراعيه له وتضع رتوشها وخطوطها الاخيرة وتصبح كسياج متين للعمل يظهره ويحافظ عليه فيكون النجاح هو النتيجة الحتمية.
السبب الرابع: يظهر الشاب الصغير في الاعلان سعيداً يشير بيده منتشياً الى والده بعد وصوله من رحلة طويلة بها الكثير من الصعوبات ليصل إلى مكان والده . تصوير الرحلة له مدلوله المعنوي العميق في ان الوصول لمكانه والده ستكون رحله طويله من العناء . و يعلن الشاب عن امتنانه و تعلقه بوالده في تواصل روحي و جسدي يربط بينهم بقوه . فظهرت علاقه الابوه في اسمي معانيها و ارتباطها بنفس شعور علاقه القائد المحنك الذي يقوم علي تعليم شاب صغير مازال في طور التعليم واكتساب الخبره.
السبب الخامس : يظهر الاعلان في صوره انيقه من الملابس والسيارات وقوارب البحر وما الي ذلك من مظاهر تدل على حالة مادية الجميع يعرفها .لم تكن هناك اهمية بالطبع الى الاشارة الى ذلك . ولكن هي رغبتنا في توضيح ان (الفقر ) لا يبني نجاحاً ولا حضاره ولا حياه سعيده . (الفقر) هو العدو الاول للأنسان والانسانيه وسبب لكل المشاكل ومظاهر التخلف . بالطبع لن نكون جميعنا اثرياء مثل ( عمرو) ولكن ايضاً لا يجب ان نكون جميعنا فقراء مدقعين نتغني بفقرنا وحاجتنا بين الامم . محاربه (الفقر) يجب ان تكون المشروع القومي لنا بأي سبيل كان . هناك من المختصين الكثير ومن الافكار اكثر . يجب هزيمه (الفقر) بل و محوه من خريطه حياتنا لتظهر الافكار والابداعات وتقل الخلافات وتشفي الامراض الجسديه منها والنفسيه.
السبب الخامس: يتملك ( عمرو) إدراك واعي انه سيترك امبراطوريته الاسطورية يوماً ما . و كعاده مثل هذه الشخصيات فأنها تفعل المستحيل ليخلفه ابنه او بنته في قياده وامتلاك تلك الثروه الفنيه والماديه الكبيره . ويبدو ان ( عمرو) يحاول ان يجد هذا الطريق مع ابنه الذي يبدو عليه انه متطلع بشده للظهور وخلافه والده في شهرته ومكانته بين الناس. تلك المكانه التي حافظ عليها ( عمرو) علي مدار عشرات السنوات بالعمل والابتكار والذكاء والمحافظه علي سمعته واسرته وصحته وبقي علي القمه وحيداً بلا منازع حتي الآن . فهل سينجح في ذلك الابن الشاب ويعي جيداً اسباب نجاح والده ؟
——————
الحق اقول ان ( عمرو) قد اعطي في هذا الاعلان درساً عميقاً ذو شجون لجميع الراغبين في صناعه قصه نجاح خاصه به في الحياه وفي اي مجال للعمل ، ظهرت فيه كل حيثيات تحقيق النجاح في عرض انيق شيق قام علي اعداده و اخراجه طاقم عمل علي مستوي عالي جداً من الفهم والموهبة واستغلال منطقي لوجود ( عمرو ) و (ابنه) يظهر فيه تواصل جميل للأجيال و يمهد الطريق للشاب للظهور العلني وبدايه متابعه الناس له .
——————
شابوه يا ( عمرو) علي ذكائك وموهبتك واحترامك لفنك وسمعتك وقيمتك التي ظلت بلا شائبه ولا نقيصة . و ظلت رحلتك الطويله بين تجديد وابتكار وفن وعلم لتصنع قصه نجاح عريضه نتمناها في كل مجالات حياتنا .
ولا عزاء للعواجيز وكثيري الكلام والتحسر . والسلام ،،
#سقراط