مجرد رأي…رسالة نهاد والكهرباء  

المهندسه نهاد الكردي احد قامات قطاع البترول السابقين والتي يؤخذ حديثها وفكرها علي محمل من الاهمية ويقرأ بعناية ،  ومناقشته يجب ان تكون علي مستوي عال من المعلومات  الحاضرة والخبرة الممتدة . 

المهندسة الفاضله ارسلت الي مسئولي الكهرباء في بلدنا تطالبهم  بأن عليهم الاسراع في ضرورة وضع تعديل نوعي و كمي في مصادر الطاقة وخاصة الكهرباء . وذلك بالطبع يعني بدائل اخري للعنصر الوسطي في التشغيل وهو الغاز و المازوت . 

واوضحت بعض النقاط القيمة من ضرورة الاستفادة بجميع عناصر توليد الطاقة المتجددة من الشمس والانشطار النووي والرياح و ما الى ذلك من التركيبة المعروفة لعناصر توليد الطاقة . 

وذكرت وهي علي حق ان البترول والغاز تروة ناضبة يجب الاستفاده منها الى اقصي درجة ممكنة ولاطول وقت ممكن . الرساله توحي بقدر عالي من المسئولية الوطنية بلا جدال. ولكن هناك احساس جميل اخر فيما كتبته المهندسه الفاضله نهاد الكردي ربما هي ذاتها لم تدركه . احساس متدفق غير مرئي من العطف والحب لقطاع البترول والخوف عليه كأنه واحد من اولادها التي تشفق عليهم من عظم المسئولية . 

الكلمات التي كتبتها تشي بهذا الشعور الجارف فهي وان تقاعدت ، فقطاع البترول بيتها وموطنها وسبيلها حتي نهاية العمر . فمرحي بتلك الروح الوطنيه العاشقة لوطنها و عملها و لتلك الايجابية في التعامل مع الاحداث  حتي بعد ترك المسئولية الوظيفية .واعتقد بأن هذا ليس بمستغرب عن كافة القيادات التي غادرت العمل وتلك التي مازالت تعطي وتظل المسئولية في قلب و رأس الجميع منهم بلا تفرقه. 

ونأتي سيدتي الى رسالتك ذات الكلمات البسيطة والافكار العميقة . فتلك المقترحات وان كانت علي جانب كبير من الاهميه فأنها من الصعوبة ان تكون محل تنفيذ سريع مثلما يحدث لمحطات الكهرباء العاملة بالوقود الاحفوري . فالطاقة الشمسية على اهميتها لن توفي بما نرجوه من كميات مهما كان التوسع فيها . حيث تتطلب مساحات شاسعه جداً وفي اماكن بعيده جداً يزداد فيها سطوع الشمس اللازم لشحن البطاريات . علاوة علي ان تكنولوجيا البطاريات مازال امامها الكثير لتستوعب كميات طاقه اكبر  .وكذلك تظل عمليات الصيانه والتنظيف اللازمة لبقاء اسطح العواكس نظيفة قدر الامكان لتستقبل المزيد من الاشعه من العوامل التي تحد من الاستخدام التجاري الشائع . 

وعلى كل حال فأن التجربة موجودة بالفعل وعلي نطاق واسع في محطه برمبان بجوار اسوان وعدة مناطق اخرى بأحجام اقل . اما طاقه الرياح فأنها مرتبطه بقوة وسرعة محدده تكون قادره علي تحريك المرواح العملاقه للمولدات الخاصه بها . وهذه المناطق ليست موجودة في كل مصر وان كانت منطقه جبل الزيت علي طريق الزعفرانة - الغردقة بها العوامل المناسبة لتوليد طاقة الرياح وبها محطه عامله هناك بالفعل، ويجري حالياً تطويرها وزيادة قدرتها . ثم تأتي الطاقة النوويه كأحد روافد التوليد الكهربي . 

واصدقك القول ياسيدتي ان هذا التوجه قد تم تجميده منذ عهود رؤساء سابقين لمصر نظراً لخطورته الفائقه وضرورة التعامل مع هذا المفاعل او المفاعلات بمنظومة عمل منضبطه قد لا تكون غير متوافرة لدينا وخاصة في العنصر البشري .مثل هذه المشاريع لا مجال فيها للخطأ أو مجرد التراخي فهي تتعامل مع تفاعلات انشطارية هائله التأثير اقلها تدمير البيئة المحيطة بها وانهاء كافة انواع الحياة حولها لمئات السنين . والامثلة العالمية لمثل هذه الكوارث كثيرة و متعددة . لم تجد هذه الفكرة قبولاً لدي الرئيس مبارك او بالاصح لم يكن متحمساً لها . 

الرئيس عبد الناصر كان يهوي كل انواع القوة وأنشأ لذلك مفاعلاً صغيراً في انشاص ولم تسمح له القوة العالمية بأكثر من ذلك ومع التطور الهائل لتلك الصناعة بدأ الرئيس السيسي في احياء هذا المشروع مره اخري وهو يري زيادة الطلب علي الطاقة وما قام به من زيادة الاعمار في انحاء مصر وكذلك الحاجه الى تحلية المياه لتغذية مشاريع الساحل الشمالي العملاقة . المشروع يخطو حالياً بالتعاون مع روسيا خطواته الاولي في الضبعة ومثل هذه المشاريع تأخذ الكثير من الوقت للتصميم والبناء.ويتوقع بدأ تشغيل المفاعل الاول في هذه المحطه  عام ٢٨ او ٢٩ من هذا القرن . 

كما تري ياسيدتي فكلماتك بالفعل قيد التنفيذ والتفكير وخليط الطاقه اصبح استراتيجيه ثابته للدولة وتسعي للوصول بنسبة الطاقة المتجددة الي ٤٠٪؜ من اجمالي الطاقة المولدة في مصر  . 
هي نسبة هائله بالطبع وسيكون لها مردود اقتصادي مستدام اعتباراً من ٢٠٣٠. 

الجميع يشعر بما تشعرين به من قلق علي مستقبل الطاقة ومستقبل قطاع البترول تحديداً. ولكني أطمئنك بأن قطاع البترول قادر علي استكمال المسيرة وان به من الابناء الذين لا يهدأ لهم بال من اجل التحسين والتطوير والاستثمار . وأن الغاز سيظل يتدفق فهناك مؤشرات ايجابية في تحقيق اكتشافات كبري في الفتره القادمة . وان غاز الكهرباء الحالي له مردود اقتصادي متميز  ياسيدتي . فاستهلاك الكهرباء المنزلي لم يصل بعد الي ٥٠٪؜ من كمية الكهرباء المنتجه . والباقي يذهب للصناعات والانشطة الاخري ذات القيمة المضافة . 

و لكن فوق كل هذا مازال لدينا الكثير لنعمله . علينا بتحسين كفاءة محطات التوليد لتستهلك كميات اقل من الغاز وهو ما تقوم به وزارة الكهرباء بالفعل حالياً وقد رصدت لذلك ١٠ مليون دولار من صندوق التنمية الكويتي لتحقيق هذا الغرض . 

علينا ان نتعلم الترشيد في كل اساليب حياتنا فلم يعد من المقبول ان يظل النشاط التجاري والانساني متواصلاً حتي تباشير الصباح فهذا لا يحدث في اي مكان في العالم . علينا بترشيد استخدام السيارات المفرط ولا مردود له سوي الزحام و مزيد من حرق الوقود . علينا ان نزرع اسطح البيوت بالخضرة والجمال لنكسر لهيب القيظ ونعمل علي نظافة الجو. علينا بعمل مشروع قومي لتوليد الطاقه الشمسيه من علي اسطح المنازل بوحدات صغيره ذات قدره معقوله وتكلفه محتمله فهذا سيوفر الكثير ويساند الشبكه الموحدة وهو منتشر في بعض الاحياء حول القاهرة. 

هناك الكثير من الادوار يمكن للمجتمع ان يلعبها سيكون لها مردود ايجابي علي منظومة الطاقة كلها . 

خالص تقديرنا علي  ملاحظاتكم  القيمة والتي اري انها بدافع من الوطنية الثابتة و المتأصلة في نفوس الاوفياء من هذا الشعب . 
والسلام ،، 

سقراط